دروجبا وتشيلسي: تكتيك القناص مرعب الحراس

27 يوليو 2014
ديدييه دروجبا بين الماضي والحاضر
+ الخط -
أعلن فريق تشيلسي، في الساعات الماضية، انتقال الفيل الإيفواري، ديدييه دروجبا، إلى صفوف الفريق لمدة عام في مفاجأة كبيرة لكل المتابعين، خاصة بعد التعاقد مع مهاجم أتليتكو مدريد السابق، البرازيلي دييجو كوستا.

أكد دروجبا قبل رحيله من تشيلسي في الولاية الأولى أنه أزرق حتى الموت، وعلى يقين كامل بعودته مرة أخرى إلى جنبات ستامفورد بريدج، لكن العودة كانت أسرع بكثير مما تخيّل الجميع، من محطات مختلفة إلى قلعة "البلوز"، حيث الحب في النهاية للحبيب الأول.

تسير كرة القدم في السنوات الأخيرة وفق علم الأرقام والإحصائيات، وعانى خط هجوم تشيلسي، الموسم الماضي، في مباريات عديدة وخرج "الاستثنائي" جوزيه مورينيو في النهاية من دون أية بطولة. وهو ما دفعه إلى إجراء صفقات متتالية من كل صوب وحدب، حتى أعلن تقوية خط الهجوم بثنائي صريح، دييجو كوستا وديديه دروجبا، لتكون بداية مرحلة جديدة في خط الهجوم الأزرق خلال الموسم القادم.

دروجبا وحقبة تشيلسي الأولى

ظهرت موضة جديدة في الأجواء الكروية، بعد خفوت نجم الغزال الفرنسي، تيري هنري، وكانت تعتمد على المهاجم الأفريقي، السريع المتحرك والهداف، وهو ما بدأه جيل صامويل إيتو مع الكاميرون، ودروجبا مع كوت ديفوار.

وكان جوان لابورتا، رئيس برشلونة السابق، شاهداً على التغير الثوري في وظائف المهاجم في الملعب، عندما تعاقد الفريق الكتالوني مع ايتو، ووصفه قائلاً "إن البرسا حصل على خدمات مهاجم من طراز خاص، هداف كبير وفي الوقت نفسه لاعب لا يتوقف عن الحركة "، وتبعه مورينيو عندما تولى تدريب تشيلسي وفوجىء بنوعية المهاجمين الموجودين في انجلترا، ليبدأ البرتغالي في حل مشكلة أزلية واجهت الكرة البريطانية.

وقال مورينيو في تلك الأثناء: "أدخل الإنجليز كرة القدم الى العالم، لكنهم يعانون من جمود كبير في الجانب الخططي. المهاجم لا يبرح مركزه، والمدافع لا يتقدم للدعم، أريد مدافعاً يسجل أهدافاً ومهاجماً يعود إلى الخلف".

كما تعاقد البرسا مع ايتو، أحضر "المو" دروجبا من مارسيليا، الفيل الذي يركض في الملعب يمينا ويسارا، في العمق وعلى الأطراف، ويعود إلى مساندة فريقه في الخلف. مهاجم متحرك وهداف جريء، ايتو ودروجبا مع الاختلاف في طريقة أدائهما، إلا أنهما يعبران وبوضوح عن المهاجم، الذي يسجل ويدافع في الوقت نفسه. لذلك شارك إيتو كجناح مع الانتر، ودروجبا كخط دفاعي أول مع تشيلسي، في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرن 2012 .

وإذا تحدثنا عن هذه المقومات في الوقت الحاضر، علينا تأكيد أن دور دروجبا الماضي يناسب بشدة كوستا، خصوصاً في العمل الجماعي والمجهود الدفاعي الوفير. فكوستا هو مهاجم يسجل من المرتدات، ويضغط بشدة على الدفاعات، ليتحول إلى جناح مع الدفاع ويصعد إلى عمق منطقة الجزاء حينما تأتيه الفرصة لهز الشباك، إنه اللاعب الأساسي في كتيبة مورينيو دون نقاش.

دروجبا وحقبة "الفيل الجديد القديم"

شاهد خبراء اللعبة تطور مراكز الهجوم، من المهاجم الهداف فقط إلى الرقم 9 الوهمي، مرورا بأشكال وسمات مختلفة لأصحاب الحس التهديفي الراقي. ومع كل هذا التحديث في اللعبة، ما زلنا في حاجة الى ذلك اللاعب الهداف في بعض المباريات المغلقة، مهاجم تقليدي يتمركز داخل منطقة الجزاء، وينتظر الفرص لكي يترجمها إلى أهداف، لا يفعل أكثر من ذلك، لكنه مطلوب في أي فريق تحت أية ظروف مهما كانت المعوقات.

عانى الفريق اللندني أمام فرق تعرف كيف تحكم دفاعاتها، لذلك فقد تشيلسي نقاطاً سهلة ضد أستون فيلا ونورويتش سيتي وسندلارند. أندية ليست ذات شهرة كبيرة، لكنها أسقطت مورينيو، وأضاع الدوري بسبب هذه المباريات، خصوصاً بعد فوزه على الكبار، مانشستر سيتي وأرسنال ومانشستر يونايتد. وبالتالي التعاقد مع دروجبا جاء من الأساس بسبب هذه النوعية من المعتركات الخاصة باللقاءات المعقدة والتي تعتمد العمل البدني الكبير، والدفاع المستميت.

ومع ضيق المساحات ومواجهة دفاعات تتمركز في الخط الخلفي، ويصعب ضربها بالمرتدات، فإن تشيلسي سيلجأ إلى الخطة البديلة، اللعب بمهاجم قوي يجيد الرأسيات وخطف الكرات داخل المنطقة مثل النجم الإيفواري، والاعتماد على الكرات الطولية والعرضية من الخلف والأطراف إلى عمق الهجوم، لذلك من الممكن القول إن كوستا هو الأساس، ودروجبا هو الاحتياطي الاستراتيجي، ومن الوارد اللعب بالثنائي في بعض المباريات.

تجارب من الماضي

دروجبا وتشيلسي ليست القصة الأولى، هناك حكايات من تاريخ اللعبة تؤكد نجاح هذه المعادلة من قبل مع بعض الأندية الأوروبية المعروفة. استقدم برشلونة الهداف السويدي الكبير، هنريك لارسون، من سيلتك الاسكتلندي، لارسون جاء في وجود إيتو وتوقع الجميع عدم مشاركته، لكن السويدي الخبير نجح في فرض اسمه كبديل استراتيجي، وعدّل مباريات كبيرة بسبب خبرته وهدوئه المعتاد، ليكون نهائي سان دوني 2006 هو مسك الختام بالنسبة إلى اللاعب مع برشلونة، النزول في الشوط الثاني وصناعة هدفين لتنقلب المباراة ويفوز برشلونة على أرسنال بهدفين، بعد أن كان متأخراً بهدف.

عرف العالم العقرب الأرجنتيني، هيرنان كريسبو، مع بارما الإيطالي، فكان أحد اعضاء الجيل الذهبي للفريق والنجوم الرائعة الذين صنعوا مجده في سماء الكرة الأوروبية، كريسبو انتقل بعد ذلك إلى لاتسيو وميلان وإنترميلان. كذلك كانت له تجربة مع تشيلسي وجنوى، وقبل أن يُعلن نهاية مسيرته الكروية، عاد مرة أخرى إلى فريقه القديم، بارما، ليلعب موسمين ويسجل 10 أهداف قبل إعلانه الاعتزال النهائي.

كبر كريسبو في السن، لكنه احتفظ بقدراته التهديفية وذكائه الحاد، لذلك لم يعتبره المتابعون صفقة فاشلة. بالعكس أدى دوره حتى النهاية على أكمل وجه، ومع لارسون وكريسبو بجانب العديد من الأمثال الاخرى، تأتي تجربة دروجبا الجديدة مع البلوز، لتؤكد أن كرة القدم لا تعترف بأية مقدمات، وأن المفاجآت جزء أساسي في قواعد وقوانين المستديرة، التي تعدنا بالكثير خلال الموسم المقبل مع الدعم المتواصل لمعظم الأندية الأوروبية والعالمية.
دلالات
المساهمون