لم تهدأ المعارك بين فصائل تنتمي للجيش السوري الحر في محافظة درعا (جنوب سورية) من جهة، وبين تشكيلات متهمة بمبايعة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، أو تنهل من مشربه الفكري، وخاصة "لواء شهداء اليرموك"، وحركة "المثنى الإسلامية"، إذ أعلنت المعارضة السورية المسلحة قراراً بـ "تطهير" حوران منها.
وشهدت درعا (مهد الثورة السورية)، خلال العام الماضي وبداية الحالي، خلافات بين العديد من القوى العسكرية مختلفة التوجه والهدف، وخاصة مع بدء ظهور تنظيمات متشددة حاولت تغيير المعادلات العسكرية على الأرض، محاولة تكرار السيناريو الذي حصل في شرق سورية والسيطرة على مناطق المعارضة المسلحة.
وتنشط في درعا فصائل الجيش السوري الحر، المنضوية تحت قيادة الجبهة الجنوبية، و"جبهة النصرة"، وتنظيم "لواء شهداء اليرموك"، و"حركة المثنى"، فضلاً عن قوات النظام، الذي لا يزال يحتفظ بقسم من مدينة درعا البلد، ومدن وبلدات في ريفها، لعل أهمها ازرع والشيخ مسكين والصنمين، وخربة غزالة، وعتمان، حيث تتمركز فيها قواته.
وتحتدم المعارك في المنطقة الجنوبية الغربية، ليس بعيداً عن الحدود السورية مع فلسطين، حيث اختارت التنظيمات المتطرفة وفق الصحفي حسين الزعبي، في تلك المنطقة، أماكن نفوذ لها، لوعورتها، ولكونها لا تتمتع بنسيج اجتماعي متماسك قادر على مواجهة الفكر المتطرف الطارئ.
ويضم الريف الغربي لدرعا، الذي يمثل ميدان المعارك الآن، العديد من البلدات والقرى في مقدمتها، تسيل، الشجرة، نافعة، جملة، معربة، الشيخ سعد، حيث يتمركز عناصر التنظيمين المتهمين بالتطرف.
اقرأ أيضاً: عبوة مفخخة تقتل ثلاثة عناصر من الفصائل المعارضة بدرعا
وأعلنت فصائل الجيش السوري الحر في حوران، وأبرزها "جيش اليرموك" الذي يعد كبرى الفصائل جنوب سورية، تشكيل غرفة عمليات مشتركة للقضاء على التنظيمين، في مدن تل شهاب، ومزيريب، وجلين، وحيط، وفي بلدات أخرى. وطلبت من المدنيين مغادرة هذه المناطق باتجاه أراض تخضع لسلطتها لحين انتهاء المعارك.
وشهدت مناطق في درعا، خلال اليومين الأخيرين، حركة نزوح كبرى داخل المحافظة نتيجة احتدام المعارك، إذ قدر ناشطون عدد الذين اضطروا إلى ترك منازلهم بالآلاف، حيث سلكوا طرقاً وعرة للوصول إلى أماكن أكثر أمناً.
وقال الرائد عصام الريس، وهو الناطق باسم الجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر في حديث مع "العربي الجديد"، "هناك قرار جماعي لفصائل الجبهة الجنوبية بتطهير حوران من هذه التنظيمات العابثة ذات الفكر المتطرف، بعد أن زادت في غلوها واعتداءاتها في مناطق حوران الغربية والشرقية".
وذكر ناشطون أن نائب أمير "حركة المثنى" المعروف بـ (أبو عمر مندي)، وقائدها العسكري في ريف درعا الغربي، لقيا مصرعهما منذ يومين خلال المعارك، كما أن حركة انشقاق داخل "حركة المثنى" بدأت بالاتساع، إذ أعلنت اليوم الإثنين، مجموعة من عناصرها الانسحاب منها وتشكيل كتيبة أطلقت عليها اسم "المرابطون".
وبرر المنشقون انسحابهم، بما سموه "الأخطاء والأحداث الأخيرة التي شهدتها حوران، مما كان له تأثير على حياة المدنيين الآمنين في منازلهم"، وفق بيان صدر عن المجموعة.
وشهدت مناطق حوران الخارجة عن سيطرة النظام خلال العام الماضي، أكثر من 115 عملية اغتيال، طاولت قادة في الجيش السوري الحر، وشخصيات عامة، أبرزها الشيخ أسامة اليتيم الذي كان رئيساً لـ "دار العدل"، كبرى المؤسسات القضائية في مناطق حوران، التي تقع تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة.
وسرت حالة استياء بين المدنيين نتيجة هذه العمليات، التي لم تستثن أحداً من الوجوه المعروفة في حوران، ليتبين بعد تحقيقات ومداهمات لمقرات "حركة المثنى"، أن الأخيرة ضالعة في عمليات التخلص من رموز في الحراك المدني والعسكري الثوري، وأن "أمير" الحركة المدعو ناجي المسالمة (أبو أيوب)، أشرف على عملية اغتيال اليتيم واثنين من إخوته، وفق تحقيق قامت به "دار العدل".
اقرأ أيضاً: سورية:قوات النظام تشن هجوماً للسيطرة على القريتين بحمص