11 يناير 2017
درس زيمبابوي
رضا حمودة (مصر)
في مشهد ليس غريبا على شعوب القارة السمراء ومنطقة الشرق الأوسط، تحرك جيش زيمبابوي، بدبابته وآلياته العسكرية، باتجاه القصر الجمهوري في العاصمة هراري، معلناً استيلاءه على السلطة في الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بعد أكثر من 37 عاماً من حكم الرئيس روبرت موغابي (93 عاماً). وكالعادة، نفى المتحدث باسم الجيش وقوع انقلاب عسكري في بلادهم، كما هو ديدن جميع الانقلابات، مدعياً الحفاظ على مؤسسات الدولة والانتصارلغضب الشارع.
ثمة هدف آخر دفع الجيش إلى التدخل الخشن في اللعبة السياسية، غير احتواء غضب الشعب، هو الحد من نفوذ زوجة الرئيس، جريس موغابي، على خلفية حملة التطهير ضد أنصار نائب الرئيس السابق، إيمرسون منانغاغوا، الذى أقيل من منصبه بإيعاز من السيدة الأولى للبلاد. هذا بعد تسببها في إقالة نائبة الرئيس السابقة، غويس موغورو، ما أثار غضب قيادات الجيش والمعارضة معاً من تنامي نفوذها السياسي، وتعاظم طموحها في وراثة الحكم، لا سيما مع تقدم الرئيس في العمر، الأمر الذي يفسر طرح السؤال الذي يفرض نفسه بشدة في عنوان المقال: لماذا تأخر الانقلاب على موغابي بعد كل هذه السنوات من الاستبداد والفساد والفقر والجهل وغياب الحريات وتردّي ملف حقوق الإنسان وانتشار البطالة أكثر من 90% في واحدةٍ من أفقر دول أفريقيا والعالم.
ثمة تشابه، ولو جزئي، بين الظروف التي أحاطت بموغابي وحسني مبارك، غير انتهاج الاستبداد وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، حين تدخل الجيش في مصر عندما اقترب جمال مبارك من خلافة والده في الحكم، ما دفعه (أي الجيش) إلى الانحياز، ولو شكلياً، لغضب الشارع، من أجل قطع الطريق على مشروع التوريث، متغاضياً عن جوانب الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي ضربت البلاد نحو 30 عاماً، وكأن الأهم من انهيار الوطن هو الحيلولة دون انتقال السلطة إلى شخصية مدنية، حتى لو كانت نجل الرئيس العسكري بالأساس، حفاظاً على المكتسبات التي اغتنمها الجيش منذ 23 يوليو/ تموز 1952 ولو من وراء الستار في بعض الفترات السياسية.
الأخطر في انقلاب زيمبابوي هو عجز المعارضة الحزبية والشعبية عن حسم معركتها مع الحاكم المستبد، كما حال الأنظمة الشمولية، ومن ثم بقاء الجيش في صدارة مشهد التغيير، من دون منافس، لما يملك من مقومات الحسم بقوة السلاح، ما يجعل له يدا طولى على جميع أطراف الصراع السياسي، يستطيع من خلالها التحرك متى شاء وكيفما شاء، وهو ما يُفقد العملية السياسية اللاحقة للانقلاب الشفافية والنزاهة المرجوة، الأمر الذي يثير الشكوك بشأن مستقبل التحول السياسي.
الدرس المستفاد من انقلاب زيمباوي أن موغابي لم يكن ديكتاتوراً بالفطرة، لكنه كان زعيماً تاريخياً لشعبه قبل وصوله إلى الحكم، إذ كان ملهما للشعب الزيمباوي، ومناضله الأكبر ضد الاستعمار والعنصرية البغيضة ضد البشرة السمراء في القارة الأفريقية، وكان من الممكن أن يجلس جنباً إلى جنب بجوار نيلسون مانديلا في أنصع صفحات التاريخ، لولا أنه اختار السلطة الأبدية، فسقط في بئر الاستبداد والديكتاتورية، ومن ثم الفساد الشامل، حتى وصل به الحال إلى العزل والاحتجاز، الأمر الذي يثبت أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، مهما كان تاريخ الزعيم نضالياً ومشرفاً، فللسلطة بريق يصعب مقاومته.
ثمة هدف آخر دفع الجيش إلى التدخل الخشن في اللعبة السياسية، غير احتواء غضب الشعب، هو الحد من نفوذ زوجة الرئيس، جريس موغابي، على خلفية حملة التطهير ضد أنصار نائب الرئيس السابق، إيمرسون منانغاغوا، الذى أقيل من منصبه بإيعاز من السيدة الأولى للبلاد. هذا بعد تسببها في إقالة نائبة الرئيس السابقة، غويس موغورو، ما أثار غضب قيادات الجيش والمعارضة معاً من تنامي نفوذها السياسي، وتعاظم طموحها في وراثة الحكم، لا سيما مع تقدم الرئيس في العمر، الأمر الذي يفسر طرح السؤال الذي يفرض نفسه بشدة في عنوان المقال: لماذا تأخر الانقلاب على موغابي بعد كل هذه السنوات من الاستبداد والفساد والفقر والجهل وغياب الحريات وتردّي ملف حقوق الإنسان وانتشار البطالة أكثر من 90% في واحدةٍ من أفقر دول أفريقيا والعالم.
ثمة تشابه، ولو جزئي، بين الظروف التي أحاطت بموغابي وحسني مبارك، غير انتهاج الاستبداد وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، حين تدخل الجيش في مصر عندما اقترب جمال مبارك من خلافة والده في الحكم، ما دفعه (أي الجيش) إلى الانحياز، ولو شكلياً، لغضب الشارع، من أجل قطع الطريق على مشروع التوريث، متغاضياً عن جوانب الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي ضربت البلاد نحو 30 عاماً، وكأن الأهم من انهيار الوطن هو الحيلولة دون انتقال السلطة إلى شخصية مدنية، حتى لو كانت نجل الرئيس العسكري بالأساس، حفاظاً على المكتسبات التي اغتنمها الجيش منذ 23 يوليو/ تموز 1952 ولو من وراء الستار في بعض الفترات السياسية.
الأخطر في انقلاب زيمبابوي هو عجز المعارضة الحزبية والشعبية عن حسم معركتها مع الحاكم المستبد، كما حال الأنظمة الشمولية، ومن ثم بقاء الجيش في صدارة مشهد التغيير، من دون منافس، لما يملك من مقومات الحسم بقوة السلاح، ما يجعل له يدا طولى على جميع أطراف الصراع السياسي، يستطيع من خلالها التحرك متى شاء وكيفما شاء، وهو ما يُفقد العملية السياسية اللاحقة للانقلاب الشفافية والنزاهة المرجوة، الأمر الذي يثير الشكوك بشأن مستقبل التحول السياسي.
الدرس المستفاد من انقلاب زيمباوي أن موغابي لم يكن ديكتاتوراً بالفطرة، لكنه كان زعيماً تاريخياً لشعبه قبل وصوله إلى الحكم، إذ كان ملهما للشعب الزيمباوي، ومناضله الأكبر ضد الاستعمار والعنصرية البغيضة ضد البشرة السمراء في القارة الأفريقية، وكان من الممكن أن يجلس جنباً إلى جنب بجوار نيلسون مانديلا في أنصع صفحات التاريخ، لولا أنه اختار السلطة الأبدية، فسقط في بئر الاستبداد والديكتاتورية، ومن ثم الفساد الشامل، حتى وصل به الحال إلى العزل والاحتجاز، الأمر الذي يثبت أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، مهما كان تاريخ الزعيم نضالياً ومشرفاً، فللسلطة بريق يصعب مقاومته.
مقالات أخرى
14 يونيو 2016
04 مايو 2016
26 مارس 2016