اعتبرت دراسة حديثة أعدها الباحثان الأميركيان إريك تريجر وإيتان ساياج بعنوان "استئناف الحوار الاستراتيجي المصري ـ الأميركي"، أن القاهرة وواشنطن يعتبران الحوار الاستراتيجي الوشيك وسيلة لإبراز أن الاختلافات السياسية بين الطرفين لن تؤثر سلباً على جوهر العلاقات الثنائية بينهما، وأن زيارة الوزير جون كيري إلى القاهرة لبدء الحوار الاستراتيجي المصري ـ الأميركي تعكس رغبة البلدين في التأكيد على أن المصالح الإقليمية المشتركة تفوق في أهميتها أية اختلافات سياسية قد ظهرت بين البلدين خلال العامين الماضيين.
وتشير الدراسة التي وزّعتها الخارجية الأميركية على الصحافيين، إلى أنه على الرغم من أن الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي تم وصفه بأنه "دوري"، إلا أن هذا الحوار لم يعقد منذ 6 سنوات، ولكن قبل عام 2009 كان يعقد بصفة دورية للتأكيد على الأهداف الإقليمية المشتركة، حتى عندما كانت هناك اختلافات في الرؤى بين البلدين.
وكان من بين أهم أهداف الحوار الاستراتيجي التأكيد على الالتزام بعملية السلام العربية ـ الإسرائيلية. وقد عقدت أول جلسة للحوار في يوليو/ تموز 1998 على المستوى الوزاري.
ويضيف تريجر وساياج أنه في خلال عامه الأول في الحكم، أراد أوباما الاستمرار في هذه المساعي لـ"إعادة إحياء" العلاقات، ففي عام 2009 عقدت جلسة للحوار الاستراتيجي على مستوى مساعدي الوزير عقب خطاب الرئيس أوباما بالقاهرة.
كما عقدت جلسة ثانية في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. وقد ركز الحوار على الجهود المشتركة لدفع عملية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية والسورية ـ الإسرائيلية وكذا الأزمة الإنسانية في السودان والوحدة الإقليمية للعراق.
ويشير الباحثان إلى أن المحيط الإقليمي قد تغيّر بشكل كبير منذ الحوار الاستراتيجي الأخير، حيث انهار عدد من الدول واستولت منظمة داعش الإرهابية على قطعة من الأرض مساحتها تقارب مساحة بلجيكا، كما أن صعود إيران أدى إلى نشوب الصراعات الطائفية في المنطقة.
وتؤكد الدراسة على أن هذه التطورات الإقليمية أدت إلى تخبّط كبير في العلاقات الثنائية بين البلدين. فمن جهة، هناك رؤية موحّدة بالنسبة لعدد من القضايا، مثل محاربة داعش والتعامل مع الصعود الإيراني ودعم الاستقرار السياسي بالمنطقة، ومن جهة أخرى، هناك اختلاف في وجهات النظر في ما يتعلق بمسألة الإصلاح السياسي في مصر.
وقد تفاقمت الأزمة في العلاقات بين البلدين بعد أكتوبر/ تشرين الأول 2013 حينما جمّدت الإدارة الأميركية المعونة العسكرية لمصر، والتي تصل إلى 1.3 مليار دولار أميركي. ودعت مصر لعقد الحوار الاستراتيجي بين البلدين عام 2013 لمحاولة سد هذه الفجوة، ووافق الوزير الأميركي جون كيري. إلا أن المقال يشير إلى أن تأخر عقد الجولة يرجع إلى عدم ارتياح واشنطن لبعض السياسات الداخلية بمصر وانشغال الإدارة الأميركية ببعض القضايا الإقليمية الدقيقة مثل محاربة داعش والاتفاق النووي الإيراني.
وفي سبتمبر/ أيلول 2014، في أعقاب مقابلة الرئيس أوباما مع الرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدأت الولايات المتحدة تسعى مرة أخرى إلى تحسين علاقاتها مع القاهرة بعد أن أدركت أن "الأسلوب البارد" لن يؤدي إلى تحقيق المصالح الأميركية. وفي مارس/ آذار 2015، أنهت الإدارة الأميركية تجميد المعونة العسكرية.
ويؤكد المقال أن الحوار القادم يمثّل خطوة في اتجاه تحسين العلاقات المصرية الأميركية، كما يشكل جزءاً من استراتيجية الولايات المتحدة لطمأنة حلفائها من العرب السنّة في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني، علماً بأنه حتى مع غياب الحوار الاستراتيجي في السنوات الماضية لم تتأثر العلاقات الثنائية من حيث المضمون، حيث استمر التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب، وكذا منحت مصر الولايات المتحدة حق المرور في قناة السويس واستخدام المجال الجوي المصري لتوفير الإمدادات للقواعد العسكرية الأميركية في الخليج.
اقرأ أيضاً:
كيري في القاهرة .. والحوار الاستراتيجي يبدأ غداً
"تخريف" في الإعلام المصري: أوباما يبكي.. يريد مقابلة السيسي!
مكافحة الإرهاب "سرفيس" إلى القصر