05 نوفمبر 2024
داعش لا يكذب
هو تصريح أزعم أنه خطير، لنائب رئيس الجمهورية العراقي، إياد علاوي، خلال حضوره، الأسبوع الماضي، فعاليات منتدى الدوحة، حين سئل عن الجهة التي نفذت عملية اقتحام سجن الخالص شمال شرقي بغداد قبل أسبوعين، فقال إنه لا يمكن أن يحدد الجهة التي نفذت، لكن تنظيم داعش تبنى العملية، "وداعش لا يكذب".
ويؤشر التصريح إلى واقع غريب ومتناقض، فهو لم يصدر من شخص متعاطف مع داعش، ولا من محلل سياسي أو أي شخص كان، وإنما صدر من مسؤول عراقي رفيع، سبق أن شن حرباً ضروساً على الأب الشرعي لداعش، تنظيم القاعدة، يوم أن كان رئيسا للوزراء بين عامي 2004 و2005، كما أنه صدر عن شخص يدرك جيداً ما يقول.
المفارقة العجيبة أن يكون هذا التنظيم، الموسوم بالإرهاب، والذي يحاربه العالم الذي يدعي أنه متحضر، ويسعى إلى نشر قيم السلام والاستقرار، صادقاً، بينما خصمه، لا يكل ولا يمل عن ممارسة الكذب، وهنا نحن لسنا بصدد تجميل داعش، أو أفعالها، لكننا فقط نسعى إلى وضع إصبعنا على جرحنا النازف، والذي كان من أهم أسبابه أن من يتصدرون ساحة الحرب على داعش كاذبون.
ربما تكون الحكومة العراقية التي تدعي أنها تقف في صدارة دول العالم في محاربة إرهاب داعش مثالاً جيداً على الكذب الذي قاد، ويقود، العراق والعراقيين إلى واحدة من أكثر فصول تاريخهم فشلاً ودماراً وحضيضاً.
منذ أن شكلت الولايات المتحدة الأميركية مجلس الحكم الانتقالي، عقب احتلالها العراق عام 2003، وكل ما يصدر عن قمة الهرم الجديد في العراق يستدعي أن تشك فيه، بل أن تكذّبه، فلم تتعامل كل الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ 2003، بشفافية، بل كانت حكومات ترعى الكذب وتنمّيه، وتعمل عليه، حتى صار العراقي يشكك بكل كلمةٍ أو تصريحٍ يخرج من هذه الحكومات.
أتذكّر يوم أن كانت المفخخات تعصف ببغداد، وكان عددها يصل، في اليوم الواحد، إلى عشرين سيارة مفخخة، كان بيان وزارة الداخلية جاهزاً للنشر، فمباشرة يخرج علينا بعضٌ ممن نصبتهم حكومات بغداد، ليتهم الصداميين والبعثيين والتكفيريين والقاعدة في تنفيذ الهجوم، علما أن ما يفصل بين تلك الهجمات والبيان لا يتجاوز 15 دقيقة، أحياناً، وربما أسرع.
ولم تكلف نفسها دوائر الأمن في بغداد ووزارته أن تفتح تحقيقا للوقوف على تفجير واحد من تلك التفجيرات، وتتريث إلى حين ظهور النتائج.
فقد العراقي سريعاً ثقته بصدق هذه الحكومات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى الإعلام الحكومي الذي فقد أي طعم، بعد وقت قصير من انطلاقه، عقب احتلال العراق.
كان العراقي تواقاً إلى إعلام حر لا يعرف التمجيد والتطبيل، هرباً من عقود طويلة، كان الإعلام العراقي تابعاً لرأس النظام، غير أن ما جرى عقب الاحتلال في مجال الإعلام كان كارثياً، فلقد امتهن الإعلام العراقي، الحكومي والخاص أو ذاك التابع للأحزاب، الكذب، وباتت صفة لا تنفك عنه، ولعلنا هنا نشير إلى ما جرى، قبل أيام، عندما خرج الإعلام الحكومي والحزبي بمانشيتات وعناوين عريضة عن مقتل عزة الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السابق، ليتبين بعد ذلك كذب هذه الإعلانات والأخبار.
أما من يتابع سير المعارك الجارية بين داعش والحكومة العراقية، فيدرك جيداً أن الحقيقة يمكن أن تسمعها من داعش الإرهابي، وليس من إعلام حكومة بغداد التي تدعي أنها تقف متصدرة دول العالم في محاربة الإرهاب. وهنا لا نبرئ الإعلام الغربي، وأيضاً بعض حكوماته، من الكذب في حربهم ضد داعش، ولعل ما أعلن عن إصابة أبو بكر البغدادي عبر الإعلام الغربي، ومن ثم خروج البغدادي في خطاب صوتي، لا يوحي أنه مقعد، وأن إصابته بليغة في العمود الفقري، كما قال هذا الإعلام.
كما أن هذا الإعلام الغربي هو من سوّق نظرية وجود نائب للبغدادي، اسمه أبو العلاء العفري، وأن هذا العفري قتل في غارة جوية، من دون أن نعرف، أو يعرف، هذا الإعلام شكل العفري أو صورته أو ملامحه.
إن أول شروط الانتصار على عدوك أن تكون صادقا مع شعبك، وأن يكون جزءاً من القرار، وأن تسعى إلى سحب البساط من تحت أقدام عدوك.
لا يمكن أن تحارب وأن تغش شعبك، لا يمكن أن تنتصر وأن تزور الحقائق، لا يمكن أن تقول لهم إن قواتك تحاصر داعش في الرمادي، لينكشف كذبك سريعاً، ويبث داعش فيديوهات لمقاتليه، وهم وسط المجمع الحكومي.
كسب داعش معركة الإعلام، لأنه لا يكذب، مثلما يكذب الآخرون، داعش كسب معركة الإعلام، ليس لأنه يملك جيشاً من الإعلاميين الكاذبين المطبلين، وإنما لأنه يسعى لتقديم أخباره بلا رتوش.
لن تنتصروا على داعش، حتى تنتصروا على كذبكم.
المفارقة العجيبة أن يكون هذا التنظيم، الموسوم بالإرهاب، والذي يحاربه العالم الذي يدعي أنه متحضر، ويسعى إلى نشر قيم السلام والاستقرار، صادقاً، بينما خصمه، لا يكل ولا يمل عن ممارسة الكذب، وهنا نحن لسنا بصدد تجميل داعش، أو أفعالها، لكننا فقط نسعى إلى وضع إصبعنا على جرحنا النازف، والذي كان من أهم أسبابه أن من يتصدرون ساحة الحرب على داعش كاذبون.
منذ أن شكلت الولايات المتحدة الأميركية مجلس الحكم الانتقالي، عقب احتلالها العراق عام 2003، وكل ما يصدر عن قمة الهرم الجديد في العراق يستدعي أن تشك فيه، بل أن تكذّبه، فلم تتعامل كل الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ 2003، بشفافية، بل كانت حكومات ترعى الكذب وتنمّيه، وتعمل عليه، حتى صار العراقي يشكك بكل كلمةٍ أو تصريحٍ يخرج من هذه الحكومات.
أتذكّر يوم أن كانت المفخخات تعصف ببغداد، وكان عددها يصل، في اليوم الواحد، إلى عشرين سيارة مفخخة، كان بيان وزارة الداخلية جاهزاً للنشر، فمباشرة يخرج علينا بعضٌ ممن نصبتهم حكومات بغداد، ليتهم الصداميين والبعثيين والتكفيريين والقاعدة في تنفيذ الهجوم، علما أن ما يفصل بين تلك الهجمات والبيان لا يتجاوز 15 دقيقة، أحياناً، وربما أسرع.
ولم تكلف نفسها دوائر الأمن في بغداد ووزارته أن تفتح تحقيقا للوقوف على تفجير واحد من تلك التفجيرات، وتتريث إلى حين ظهور النتائج.
فقد العراقي سريعاً ثقته بصدق هذه الحكومات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى الإعلام الحكومي الذي فقد أي طعم، بعد وقت قصير من انطلاقه، عقب احتلال العراق.
كان العراقي تواقاً إلى إعلام حر لا يعرف التمجيد والتطبيل، هرباً من عقود طويلة، كان الإعلام العراقي تابعاً لرأس النظام، غير أن ما جرى عقب الاحتلال في مجال الإعلام كان كارثياً، فلقد امتهن الإعلام العراقي، الحكومي والخاص أو ذاك التابع للأحزاب، الكذب، وباتت صفة لا تنفك عنه، ولعلنا هنا نشير إلى ما جرى، قبل أيام، عندما خرج الإعلام الحكومي والحزبي بمانشيتات وعناوين عريضة عن مقتل عزة الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السابق، ليتبين بعد ذلك كذب هذه الإعلانات والأخبار.
أما من يتابع سير المعارك الجارية بين داعش والحكومة العراقية، فيدرك جيداً أن الحقيقة يمكن أن تسمعها من داعش الإرهابي، وليس من إعلام حكومة بغداد التي تدعي أنها تقف متصدرة دول العالم في محاربة الإرهاب. وهنا لا نبرئ الإعلام الغربي، وأيضاً بعض حكوماته، من الكذب في حربهم ضد داعش، ولعل ما أعلن عن إصابة أبو بكر البغدادي عبر الإعلام الغربي، ومن ثم خروج البغدادي في خطاب صوتي، لا يوحي أنه مقعد، وأن إصابته بليغة في العمود الفقري، كما قال هذا الإعلام.
كما أن هذا الإعلام الغربي هو من سوّق نظرية وجود نائب للبغدادي، اسمه أبو العلاء العفري، وأن هذا العفري قتل في غارة جوية، من دون أن نعرف، أو يعرف، هذا الإعلام شكل العفري أو صورته أو ملامحه.
إن أول شروط الانتصار على عدوك أن تكون صادقا مع شعبك، وأن يكون جزءاً من القرار، وأن تسعى إلى سحب البساط من تحت أقدام عدوك.
لا يمكن أن تحارب وأن تغش شعبك، لا يمكن أن تنتصر وأن تزور الحقائق، لا يمكن أن تقول لهم إن قواتك تحاصر داعش في الرمادي، لينكشف كذبك سريعاً، ويبث داعش فيديوهات لمقاتليه، وهم وسط المجمع الحكومي.
كسب داعش معركة الإعلام، لأنه لا يكذب، مثلما يكذب الآخرون، داعش كسب معركة الإعلام، ليس لأنه يملك جيشاً من الإعلاميين الكاذبين المطبلين، وإنما لأنه يسعى لتقديم أخباره بلا رتوش.
لن تنتصروا على داعش، حتى تنتصروا على كذبكم.