داعش أفغانستان يستقطب الأجانب

15 مارس 2015
حملة عسكرية جنوب البلاد ضدّ المسلّحين (الأناضول)
+ الخط -
تتداول وسائل الإعلام الأفغانية منذ أسابيع أنباء عن تدفق أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان، بهدف الانضمام إلى صفوف الجماعات المسلّحة التي تقاتل ضدّ الحكومة الأفغانية، والقوات الدولية العاملة في أفغانستان، وفي مقدمة تلك الجماعات حركة "طالبان أفغانستان" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).


اقرأ أيضاً (القوات الأميركية تساند الجيش الأفغاني في مواجهة "داعش")
وبالتزامن مع إعلان الحكومة الأفغانية عن شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ المقاتلين الأجانب في جنوب البلاد، أفادت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" بأنّ المئات من المقاتلين الأوزبك وصلوا مع أسرهم إلى مناطق مختلفة في إقليم فراه شمال أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية.
وانضمت الأسر الأوزبكية الوافدة إلى أفغانستان إلى مئات المقاتلين من آسيا الوسطى، الذين فرّوا من المناطق القبلية الباكستانية نحو شمال أفغانستان، في أعقاب عملية عسكرية أطلقها الجيش الباكستاني في مقاطعة شمال وزيرستان، وامتدت إلى جميع المقاطعات القبلية. وبدأ هؤلاء المسلّحون الهاربون من المناطق القبلية الباكستانية والوافدون مجدداً، بقيادة المعارك ضدّ قوات الأمن الأفغانية، بعدما كانوا يقاتلون تحت لواء "طالبان". وتتزايد أنشطتهم بصورة مخيفة، علاوة على انضمام بعضهم إلى صفوف "داعش".

وأعربت الزعامة القبلية، التي تمثل خط النار الأول، في وجه الجماعات المسلّحة والمقاتلين الأجانب، عن قلقها البالغ إزاء توجه أعداد كبيرة من المسلّحين الأجانب إلى مناطق مخلتفة في البلاد، مشيرة إلى "خطة جديدة رسمتها قوى دولية ومحلية هدفها استمرار الحرب لتأمين مصالحها". وحذر أحد الزعماء القبليين ويدعى محمد صالح، من تفاقم الأوضاع الأمنية إذا لم يتم لجم المقاتلين الأجانب الذين يتعاملون مع القبائل والمواطنين بقسوة بالغة، مقارنة بمسلّحي "طالبان". ويلحّ الزعيم القبلي على أن تدفق المقاتلين الأجانب، وبهذه الأعداد الكبيرة، هو بداية خطة جديدة رسمتها قوى دولية ومحلية لاستمرار دوامة الحرب في أفغانستان.

وعلى غرار الزعامة القبلية، بدأ مسؤولون في الحكومة وأجهزة الأمن يتحدثون عن تعاظم خطر المقاتلين الأجانب، خصوصاً في موسم الربيع المقبل. وحذّرت الحكومة المحلية في إقليم فراه على لسان المتحدث باسمها جاويد بيدار، من أنّ تدفق المقاتلين الأجانب، خصوصاً من دول آسيا الوسطى المجاورة لشمال أفغانستان، أخطر مما يمكن تصوره إذا لم يتم القضاء عليهم.

وفي محاولة للتصدّي لهؤلاء المقاتلين، شنّت قوات الأمن الأفغانية عملية عسكرية في إقليم فراه، أدّت إلى مقتل عشرات المقاتلين الأجانب والمحليين، وكان من بين الجرحى القائد المحلي لتنظيم "داعش" في الإقليم ويدعى المولوي عبد المالك. كما أفاد مصدر قبلي فضل عدم نشر اسمه لـ"العربي الجديد" بأن معارك ضارية دارت بين المسلّحين وقوات الأمن في مديرية قيصار، وأنّ المسلّحين انسحبوا إلى مناطق جبلية بعدما نقلت قوات الأمن تعزيزات جديدة إلى المنطقة.

وأشار إلى أن مسلّحي "طالبان" و"داعش"، وحّدوا صفوفهم ضدّ قوات الأمن الأفغانية، على عكس ما حدث في جنوب أفغانستان، وبالتحديد في إقليمي زابل وهلمند، المجاورين للحدود الباكستانية، حيث خاضت"طالبان" معارك ضدّ "داعش" أكثر من مرة، أدت إلى مقتل عدد من المسلّحين من الطرفين.

ولم يختلف الأمر كثيراً في جنوب البلاد عن شمالها، بل كانت الحالة أشدّ توتراً، والقلق أكثر انتشاراً في أوساط المواطنين والزعامة القبلية إزاء تدفق المقاتلين الأجانب، في وقت تطلع فيه الشعب الأفغاني إلى تحقيق الأمن والسلام، إثر بدء مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية و"طالبان"، والتي لمح إلى انطلاق الجولة الأولى منها، مستشار رئيس الوزراء الباكستاني سرتاج عزيز في تصريحاته الأخيرة.
وفي أعقاب مطالبات متكررة للقبائل، واهتمام وسائل الإعلام المحلية بأنشطة المسلّحين الأجانب المتصاعدة في عدة مناطق بإقليم زابل، خصوصاً بعدما خطفوا ثلاثين مدنياً من عرقية هزارة الشيعية، اضطرت قوات الجيش الأفغاني إلى إطلاق عملية عسكرية طالت مناطق مختلفة من الإقليم. وأدّت العملية إلى مقتل أكثر من مئة وخمسين من مسلّحي "داعش" معظهم أجانب، ومن قرغزستان، بحسب بيانات قوات الأمن الأفغانية.
كذلك اعتلقت قوات الأمن امرأة قرغيزية كانت تلبس زياً عسكرياً، وتقاتل في صفوف "داعش". ولا تزال قوات الأمن تواصل عملياتها العسكرية ضدّ مسلّحي "داعش"، معظمهم أجانب في زابل، غير أنها لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى المختطفين.

بموازاة ذلك، قال مصدر قبلي في إقليم غزنة، فضل عدم نشر اسمه لـ"العربي الجديد" إن مسلّحي "داعش" عبروا المناطق الحدودية بين إقليم زابل وغزنة، بعدما شنّت قوات الجيش عملية ضدّهم في زابل، ونقلوا معهم المختطفين من عرقية هزارة. مسلّحو "داعش" الذين يجوبون شوارع الأحياء والقرى النائية في إقليم غزنة، معظمهم من دول آسيا الوسطى كطاجكستان وأزبكستان وقرغزستان، ولديهم أموال طائلة وأسلحة متطورة، كما أنّ جلهم ملثمون ويرفضون الحديث مع القبليين.

ويثير استمرار تدفق المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان مجدداً مخاوف وسط الأفغان من استمرار دوامة الحرب، كما يخلف الأمر العديد من التساؤلات، أهمها لماذا توجه المقاتلون الأجانب إلى أفغانستان في حين تتفاوض "طالبان" مع الحكومة الأفغانية؟ ومن يموّل أولئك المقاتلين؟ ويزودهم بأسحلة متطورة جلها أميركية؟ ولعل الإجابة على هذه التساؤلات تحتاج إلى وقت، ولكن من الواضح أن بعض القوى العالمية والمحلية تحاول أن تجد بديلاً لحركة "طالبان" التي بدأت تتفاوض مع الحكومة، بهدف استمرار دوامة الحرب؟