يقف البائع الفلسطيني أبو حسن جرادة، بين أكوام البطيخ التي شكلها بحرص شديد على هيئة أهرام كبير لجذب أنظار المارة، في خيمة نصبها في منطقة التفاح شرق مدينة غزة، أملاً في بيع "الفاكهة الصيفية" الأكثر شعبية في قطاع غزة.
"ملك البطيخ" اسم زين واجهة خيمة على مدخل أحد الشوارع الفرعية في المدينة، والتي تمت تعبئتها بممرات من البطيخ الأخضر والبطيخ المخطط، التي حصل عليها جرادة من مزارِع هذه النوعية من الفاكهة في القطاع.
الأربعيني أبو حسن، الذي بدا منتبهاً في تلقي حبات البطيخ التي يلقيها له العامل عن ظهر الشاحنة، يقول إن البطيخ هو "ملك الفاكهة الصيفية"، التي يحبها أهالي القطاع، ويزيد الإقبال عليها بشكل ملحوظ مع دخول فصل الصيف.
ويضيف جرادة لـ "العربي الجديد": "أعمل في بيع البطيخ منذ عشر سنوات، وأقوم بإنشاء الخيمة في شهر مايو/أيار من كل عام وتجهيزها لبيع البطيخ، وأستمر في العمل بها لمدة أربعة شهور، وباقي أيام العام، أقوم ببيع الفواكه والخضروات على عربتي الخاصة".
ويشير جرادة وهو أب لخمسة أطفال: "صيفي يختلف عن صيف أصحاب المهن الأخرى، فأنا أبدا بتصفيف البطيخ إلى جانب كمية من الشمام، وأستمر في البيع طوال اليوم، وفي غالب الأوقات أنام في فراشي الذي جهزته داخل الخيمة".
ويوضح أنه في بداية عمله كان يشتري البطيخ الإسرائيلي، الذي كان يدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، غير أنه يشير إلى منع استيراد البطيخ الإسرائيلي من طرف الجانب الفلسطيني، بهدف دعم المنتج الوطني والاستغناء عن منتجات الاحتلال.
ويتابع: "واجهنا الكثير من الأزمات في عدد من المواسم بسبب تذبذب توفر كميات البطيخ الجيد، ولكن الكميات الآن متوفرة بشكل يناسب احتياجات المستهلك"، لكنه لفت إلى أنّ سوء الأحوال الاقتصادية في قطاع غزة وعدم تلقي الموظفين رواتبهم بشكل منتظم أثر بشكل ملحوظ على سير العجلة الاقتصادية بشكل عام.
وعن ظاهرة خيام بيع البطيخ المنشرة في قطاع غزة، يقول جرادة إنه على الرغم من هذه الفاكهة تعد نكهة الصيف التي تنذر بقدوم فصل الحر، إلا أنها تزايدت وبشكل كبير بسبب ارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب، ما يدفعهم إلى العمل في المهن الموسمية.
وتسجل معدلات البطالة في قطاع غزة ارتفاعاً مضطرداً نتيجة الأزمات المتلاحقة التي يعيشها السكان حيث تجاوزت معدلات العاطلين من العمل 230 ألفاً 60% منهم من فئة الشباب وخريجي الجامعات، عدا ارتفاع ملحوظ في نسبة الفقر وصل إلى 80%، وفق البيانات الرسمية.
اقرأ أيضاً: رمضان يمنح شباب غزة فرص عمل مؤقتة
ويأمل جرادة أن يتم فتح المعابر، ودخول المواد الأساسية التي تساهم بتحريك العجلة الاقتصادية في قطاع غزة، قائلا : "كان العمل مجدياً في أي مهنة من المهن، وخاصة في بيع البطيخ، لكن الآن لا يمكننا سوى توفير لقمة العيش وإيجار العمال".
ومثله الشاب الثلاثيني مؤيد نصار، الذي ركزّ على بيع البطيخ هذه الفترة بدلاً من الفواكه.
ويشير مؤيد إلى أنّ البطيخ متوفر ومطلوب من الزبائن، وعليه إقبال واضح من المواطنين، لذلك صرت أبيع البطيخ فقط، وأتجنب شراء الفواكه الأخرى وبيعها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء.
ويوضح نصار لـ "العربي الجديد"، أنّ الموسم الحالي جيد، وأنه يستطيع إطعام طفليه وزوجته من هذا العمل ويحفظ لهما حياة كريمة، مؤكداً أنّ "العمل في أي شيء حلال، أفضل من مد اليد وطلب العون من الآخرين".
وينتشر ما يعرف بالاقتصاد الموسمي في قطاع غزة، حيث يقدم الكثير من الشباب على التجارة أو الحرف الموسمية التي تزدهر في أوقات معينة من العام، لتدبير موارد مالية تعينهم على العيش.
ويعاني قطاع غزة من حصار الاحتلال المتواصل منذ نحو 8 سنوات، فيما تعرض اقتصاد القطاع لخسائر كبيرة جراء العدوان الإسرائيلي صيف العام الماضي 2014، ما أدى إلى تدمير عشرات الآلاف من البنايات الصناعية والتجارية والسكنية ما بين تدمير كلي وجزئي.
وبحسب المدير العام للتسويق في وزارة الزراعة بغزة، تحسين السقا، فإنّ الوزارة منعت استيراد البطيخ منذ العام 2007، وقامت بتخصيص 5 آلاف دونم لإنتاج البطيخ، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في سياق اتباع سياسة إحلال الواردات وتوفير البدائل المحلية عن المنتجات المستوردة.
ويبين السقا لـ "العربي الجديد"، أن حاجة قطاع غزة من البطيخ 30 ألف طن سنوياً، وكان يتم استيراد 20 ألف طن بتكلفة تصل من 5 حتى 10 ملايين دولار، ويتم زراعة 10 آلاف طن محلياً، ولكن منذ ثمانية أعوام حتى الآن تسد الكميات المنتجة حاجة السوق المحلي بشكل كامل.
اقرأ أيضاً: بائعو الذرة ينتشرون في شوارع غزة وشاطئها