خيارات مصرية مفتوحة أمام التمدد الحوثي

22 يناير 2015
تخشى مصر من تضييق الملاحة (يورغوس دوكاناريس/Getty)
+ الخط -
أعاد التمدّد الحوثي، والسيطرة على مفاصل مهمة في اليمن، استراتيجياً وجغرافياً، المخاوف والقلق المصريين، من التوجه نحو باب المندب، بما يمثل تهديداً مباشراً، لقناة السويس. واعتبر خبير في الشأن العسكري المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كل الخيارات مفتوحة أمام النظام في مصر، في حال حدوث أي تطور جديد في المشهد اليمني"، مستبعداً "إقدام الحوثيين على ارتكاب أية حماقات".

وأعاد الموقف الجديد، إلى الأذهان، تصريحات سابقة، قال فيها رئيس "هيئة قناة السويس"، مهاب مميش، إن "مصر لن تسمح للحوثيين بالسيطرة على مضيق باب المندب، لما له من تأثير على قناة السويس وحركة الملاحة فيها".

وسبق لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن ذكر في وقت سابق، أن "القوانين الدولية تكفل حرية الملاحة، وبالتالي فإن تهديد الحوثيين في اليمن ليس مباشراً، وإنه في حال تحول الأمر لتهديد مباشر، فمصر لن تتأخر عن ضمان أمنها القومي".

وبدأت مصر في إجراء توسعات جديدة في مشروع قناة السويس في أغسطس/ آب الماضي، وتم جمع 9 مليارات دولار، عبر شهادات بفائدة 12 في المائة، لتمويل المشروع. وأكد خبراء أن "تأثير سيطرة الحوثيين على المضيق في حال تحقق، لن يؤثر بشكل مباشر على قناة السويس، نظراً لأنه يتم تنظيم العمل في الممرات الملاحية، حسب القانون الدولي".

بيد أنهم ذهبوا في الحديث، حول تأثير الأحداث في اليمن على مجمل المنطقة العربية، من خلال التغلغل الإيراني وتأثيره على الأمن القومي لدول المنطقة، بما فيها مصر. مع العلم أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في أكثر من مناسبة، أن "أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر"، وهو ما يشرّع الباب للسؤال ما إذا كان السيسي سيتمكن من حفظ أمن الخليج.

من جانبه، قال السفير إبراهيم يسري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث في اليمن وسيطرة الحوثيين على القصر الرئاسي، لا يؤثر بشكل كبير على مصر". وأضاف أن "الأوضاع في اليمن تشكل خطورة، في حال سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، والتحكّم في حركة مرور السفن". وتابع "حتى إن سيطرة الحوثيين على المضيق، لن تضرّ مصر بشكل كبير، نظراً لوجود قوانين دولية، تنظم عمل المجاري الملاحية ذات الطابع الدولي".

وأكد أن "اتفاقية أعالي البحار لا تسمح بإغلاق الممرات الملاحية، وإلا سيكون هناك تدخل دولي من قبل القوى الكبيرة". بيد أن الدبلوماسي المصري، ذهب إلى تأكيد أن "تأثير ما يحدث في اليمن، ينسحب على المنطقة العربية بأكملها، من حيث زيادة القلاقل فيها".

واعتبر أن "التمدّد الإيراني في المنطقة، يتزايد في ظل ثورات الربيع العربي بشكل كبير، وهو محور خطر كبير لدول المنطقة، تحديداً دول الخليج". وشدّد على "ضرورة الاتفاق على آليات عمل مشتركة بين الدول العربية، لوقف المخاطر التي تحيط بها". ولفت إلى "إلزامية تفعيل دور الجامعة العربية خلال الفترة المقبلة، لتوحيد وتنسيق الجهود في دعم البلدان العربية، التي بدأت تنهار بفعل الصراعات والخلافات".

واتفق الخبير العسكري، اللواء عبد الحميد عمران، مع يسري، وأفاد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الأوضاع في اليمن، تؤثر على المنطقة العربية بأكملها، من حيث التغلغل الإيراني الكثيف في المنطقة". وأردف أن "إيران تدعم بعض الحركات والجماعات في عدد من الدول العربية، وتحديداً في دول الخليج، سواء في البحرين أو اليمن الآن، أو العراق".

وتابع "إن التغلغل الإيراني في المنطقة له بُعد عقائدي لا سياسي، ويشكل خطورة على النسيج المجتمعي في البلدان العربية كافة". ودعا عمران، إلى "ضرورة التصدي والوقوف لهذا التغلغل الإيراني في المنطقة، لمنع هذا الانتشار أكثر وأكثر خلال الفترة المقبلة".

وأشار إلى "أهمية توحيد القوى العربية ورأب صدع الخلافات بين تلك الدول، لمواجهة هذا الخطر الكبير عليها". واعتبر أن "التمدّد الإيراني يأتي في إطار تأكيدات النظام المصري على رعاية أمن دول الخليج، بيد أنه أمر لا يتحقق بمجرد تصريحات إعلامية لا أساس لها على أرض الواقع".

في السياق، ذكر باحث في العلاقات العربية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "التمدّد الإيراني في المنطقة العربية ناجم عن الخلافات الكبيرة بين الأنظمة الحاكمة بسبب مصالح معينة". وقال إن "إيران استغلت ثورات الربيع العربي لتسمح لأنصارها بانتشارهم وتمددهم، على غفلة من البلدان العربية، التي فضّلت التصارع مع الشعوب وقتلها". وأضاف "الآن إيران تدعم جماعات عديدة وتدعو صراحة لاضطرابات كبيرة داخل بعض البلدان العربية، مثل الوضع في البحرين، وفي منطقة القطيف السعودية".

ولفت إلى حجم "الإغراءات المادية التي تقدمها إيران لدعم هذه الجهات داخل الدول العربية، وهو ما يساعد على استقطاب مزيد من الشباب إليها". وأكد أن "دول الخليج تواجه تهديداً كبيراً، فمثلاً سيطرة الحوثيين على شمال اليمن، يهدد بشكل مباشر وصريح السعودية، التي باتت في مأزق من خلال محاصرتها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والحوثيين في اليمن". وأشار إلى أن "الأوضاع في اليمن ستطال السعودية أولاً، تحديداً في ظلّ الخلافات القائمة بين إيران والمملكة، وآخرها خفض أسعار النفط". ولم يستبعد الباحث أن "يكون تحرك الحوثيين في اليمن بهذه الصورة، بإيعاز إيراني لإجبار السعودية على خفض إنتاجها من النفط، حتى لا تخسر إيران مزيداً من الأموال بسبب انخفاض أسعار النفط".

المساهمون