ما هي الخيارات المتاحة أمام المكسيك في أعقاب إلغاء اتفاقية "نافتا"، وكيف سيكون وضعها الاقتصادي خلال سنوات إدارة الرئيس دونالد ترامب، إذا تواصل التوتر الجاري بين مكسيكو سيتي وواشنطن؟
في هذا التحليل تتناول "العربي الجديد" تداعيات قرارات ترامب بشأن الحماية التجارية على المكسيك والخيارات المرة المتاحة أمام حكومة مكسيكو سيتي.
يشير معهد بيترسون لدراسات الاقتصاد العالمي إلى أن الاقتصاد المكسيكي سيواجه صعوبات جمّة، خلال العام الجاري وربما لعدة أعوام، إذا لم يُعالج التوتر في العلاقات مع أميركا.
ويرى أن الاقتصاد المكسيكي سيواجه انخفاضاً كبيراً في معدل النمو، وارتفاعاً في التضخم، وتدهوراً في قيمة البيسو، خلال العام الجاري.
يضاف إلى هذه العوامل، حالة من عدم اليقين بشأن علاقاتها التجارية مع أهم سوق لصادراتها، وهو السوق الأميركي، وهروب المستثمرين.
هذه التداعيات السالبة، ربما تتفاعل لتُحدث تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية مؤلمة في بلاد تعاني من الفساد وتحكم العصابات وينهش ريفها الفقر المدقع، وابتزاز تجار المخدرات.
فالتفاؤل في مكسيكو سيتي كان في قمّته، في أعقاب عودة النفط إلى الارتفاع، في ديسمبر/كانون الأول، وظهور مؤشرات على عودة الاقتصاد للانتعاش، بعد سنوات من الركود الاقتصادي، بسبب تدهور أسعار النفط وتداعيات أزمة المال العالمية.
وعلى الرغم من أن المكسيك ليست عضواً في منظمة "أوبك"، إلا أنها منتج كبير للنفط، حيث يقدّر إنتاجها بحوالي 2.6 مليون برميل يومياً، ولكن احتياطاتها النفطية القابلة للاستخراج ليست كبيرة ولا تتعدى 9.7 مليارات برميل. وذلك حسب إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وتصدّر المكسيك حوالي 1.17 مليون برميل يومياً، حوالي 59% من صادراتها النفطية يذهب إلى أميركا، وتحديداً إلى مصافي الأخوين المليارديرين كوش، العضوين المؤثرين في الحزب الجمهوري، وهذا هو السر في معارضة بعض أعضاء مجلس الشيوخ للضريبة المرتفعة التي ينوي ترامب فرضها على البضائع المكسيكية.
اقــرأ أيضاً
لكن تفاؤل تحسن أسعار النفط سرعان ما انقلب إلى خيبة أمل في أعقاب تسلّم ترامب للسلطة في أميركا، وتهديده المهين لرئيسها، أنريكي بينا نيتو، بأن المكسيك إن لم تلتزم بدفع كلفة بناء الحائط الذي يعتزم بناءه على حدودها، فإنه سيجبرها على تكبد كلفة اقتصادية باهظة.
ومعلوم أن الاقتصاد المكسيكي يعتمد من حيث الصادرات وجذب الاستثمارات وحتى السياحة على السوق الأميركي الغني الذي يقدر حجم سوقه الاستهلاكي بحوالي 11 ترليون دولار.
وبالتالي، فإن ترامب وضع المكسيك بين خيارين أحلاهما مُر، وهما الانصياع لرغبته، ودفع كلفة الحائط التي تتراوح بين 10 و20 مليار دولار، حسب تقديرات معهد بيترسون لدراسات الاقتصاد العالمي.
وهو خيار، يعني التضحية بسيادة الشعب المكسيكي وكرامته في سبيل الحصول على مزايا تجارية أفضل في المفاوضات المقبلة التي سيجريها مع الرئيس، بينا نيتو، حول الاتفاق التجاري بين البلدين بعد إلغاء اتفاقية "نافتا".
أما الخيار الثاني، فهو الرفض وتحمّل رسوم جمركية باهظة تتراوح بين 20 و35% على صادراتها للسوق الأميركي التي فاقت 300 مليار دولار في العام الماضي 2016. وذلك حسب الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة الأميركية.
لكن كيف تبدو المكسيك في أعقاب هذه التهديدات؟ وكيف يبدو اقتصادها الذي يعتمد بكثافة على السوق الأميركي؟
على الصعيد السياسي؟ منذ تسلّم ترامب زمام الحكم في البيت الأبيض، وما تلا ذلك من توتر سياسي بين البلدين، فإن شعبية الرئيس المكسيكي الحالي، أنريكي بينا نيتو، تتراجع بمعدلات كبيرة، كما رفعت التهديدات من المد "الشعبوي" في بلاد تموج بالعصابات والمخدرات والفقر. وهو ما سيعني أن مرشح اليسار، أندريه مانويل لوبيز أوبرادور، الذي يعادي أميركا، سيكون الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية، في يونيو/حزيران من العام المقبل 2018.
على الصعيد الاقتصادي، منذ تهديد ترامب للمكسيك ببناء الجدار و"ضريبة الحدود"، فإن العديد من الشركات الأجنبية أوقفت استثماراتها في المكسيك، كما أن ترامب أقنع بعض شركات السيارات الأميركية بوقف خططها الرامية إلى إنتاج السيارات وقطع الغيار في السوق الأميركي والاستثمار في أميركا.
شهدت العملة البيسو، تدهوراً كبيراً في سعر صرفها مقابل الدولار أشبه بالانهيار، كما جفت الاستثمارات الأجنبية، وحتى الموجودة تستعد للرحيل، لأن معظم الصناعات الأجنبية اتخذت من المكسيك مقار لها بسبب رخص العمالة وكلف الإنتاج، وهدفها الرئيسي من الإنتاج في المكسيك هو التصدير للسوق الأميركي من بلد قريب لا يكلف فيه التصدير إلا عبور الحدود فقط.
ولذلك اتجهت صناعات السيارات الأميركية واليابانية وغيرها إلى المكسيك، وأنشئت هذه الصناعات ووفرت عمالة للمكسيكيين ودخلا للخزانة المكسيكية.
وحسب خبراء أميركيين، فإن معدل النمو الاقتصادي في المكسيك ربما يتراجع بمعدل يتراوح بين 1.2 و2.0% خلال العام الجاري، مقارنة بالتقديرات السابقة التي وضعها صندوق النقد الدولي.
وكانت توقعات صندوق النقد الدولي، تشير إلى أن اقتصاد المكسيك، الذي يقدّر حجمه بحوالي 1.15 ترليون دولار في العام 2015، سينمو بنسبة 3.2% سنوياً بين العام الحالي والعام 2020. ولكن هذه التقديرات المرتفعة للنمو وضعها صندوق النقد الدولي قبل التوتر الجاري حالياً بين واشنطن ومكسيكو سيتي.
ونما الاقتصاد المكسيكي بنسبة 2% بين العام 2013 و2015، وحوالي 3.0% خلال العام الماضي.
يشير معهد بيترسون لدراسات الاقتصاد العالمي إلى أن الاقتصاد المكسيكي سيواجه صعوبات جمّة، خلال العام الجاري وربما لعدة أعوام، إذا لم يُعالج التوتر في العلاقات مع أميركا.
ويرى أن الاقتصاد المكسيكي سيواجه انخفاضاً كبيراً في معدل النمو، وارتفاعاً في التضخم، وتدهوراً في قيمة البيسو، خلال العام الجاري.
يضاف إلى هذه العوامل، حالة من عدم اليقين بشأن علاقاتها التجارية مع أهم سوق لصادراتها، وهو السوق الأميركي، وهروب المستثمرين.
هذه التداعيات السالبة، ربما تتفاعل لتُحدث تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية مؤلمة في بلاد تعاني من الفساد وتحكم العصابات وينهش ريفها الفقر المدقع، وابتزاز تجار المخدرات.
فالتفاؤل في مكسيكو سيتي كان في قمّته، في أعقاب عودة النفط إلى الارتفاع، في ديسمبر/كانون الأول، وظهور مؤشرات على عودة الاقتصاد للانتعاش، بعد سنوات من الركود الاقتصادي، بسبب تدهور أسعار النفط وتداعيات أزمة المال العالمية.
وعلى الرغم من أن المكسيك ليست عضواً في منظمة "أوبك"، إلا أنها منتج كبير للنفط، حيث يقدّر إنتاجها بحوالي 2.6 مليون برميل يومياً، ولكن احتياطاتها النفطية القابلة للاستخراج ليست كبيرة ولا تتعدى 9.7 مليارات برميل. وذلك حسب إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وتصدّر المكسيك حوالي 1.17 مليون برميل يومياً، حوالي 59% من صادراتها النفطية يذهب إلى أميركا، وتحديداً إلى مصافي الأخوين المليارديرين كوش، العضوين المؤثرين في الحزب الجمهوري، وهذا هو السر في معارضة بعض أعضاء مجلس الشيوخ للضريبة المرتفعة التي ينوي ترامب فرضها على البضائع المكسيكية.
لكن تفاؤل تحسن أسعار النفط سرعان ما انقلب إلى خيبة أمل في أعقاب تسلّم ترامب للسلطة في أميركا، وتهديده المهين لرئيسها، أنريكي بينا نيتو، بأن المكسيك إن لم تلتزم بدفع كلفة بناء الحائط الذي يعتزم بناءه على حدودها، فإنه سيجبرها على تكبد كلفة اقتصادية باهظة.
ومعلوم أن الاقتصاد المكسيكي يعتمد من حيث الصادرات وجذب الاستثمارات وحتى السياحة على السوق الأميركي الغني الذي يقدر حجم سوقه الاستهلاكي بحوالي 11 ترليون دولار.
وبالتالي، فإن ترامب وضع المكسيك بين خيارين أحلاهما مُر، وهما الانصياع لرغبته، ودفع كلفة الحائط التي تتراوح بين 10 و20 مليار دولار، حسب تقديرات معهد بيترسون لدراسات الاقتصاد العالمي.
وهو خيار، يعني التضحية بسيادة الشعب المكسيكي وكرامته في سبيل الحصول على مزايا تجارية أفضل في المفاوضات المقبلة التي سيجريها مع الرئيس، بينا نيتو، حول الاتفاق التجاري بين البلدين بعد إلغاء اتفاقية "نافتا".
أما الخيار الثاني، فهو الرفض وتحمّل رسوم جمركية باهظة تتراوح بين 20 و35% على صادراتها للسوق الأميركي التي فاقت 300 مليار دولار في العام الماضي 2016. وذلك حسب الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة الأميركية.
لكن كيف تبدو المكسيك في أعقاب هذه التهديدات؟ وكيف يبدو اقتصادها الذي يعتمد بكثافة على السوق الأميركي؟
على الصعيد السياسي؟ منذ تسلّم ترامب زمام الحكم في البيت الأبيض، وما تلا ذلك من توتر سياسي بين البلدين، فإن شعبية الرئيس المكسيكي الحالي، أنريكي بينا نيتو، تتراجع بمعدلات كبيرة، كما رفعت التهديدات من المد "الشعبوي" في بلاد تموج بالعصابات والمخدرات والفقر. وهو ما سيعني أن مرشح اليسار، أندريه مانويل لوبيز أوبرادور، الذي يعادي أميركا، سيكون الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية، في يونيو/حزيران من العام المقبل 2018.
على الصعيد الاقتصادي، منذ تهديد ترامب للمكسيك ببناء الجدار و"ضريبة الحدود"، فإن العديد من الشركات الأجنبية أوقفت استثماراتها في المكسيك، كما أن ترامب أقنع بعض شركات السيارات الأميركية بوقف خططها الرامية إلى إنتاج السيارات وقطع الغيار في السوق الأميركي والاستثمار في أميركا.
شهدت العملة البيسو، تدهوراً كبيراً في سعر صرفها مقابل الدولار أشبه بالانهيار، كما جفت الاستثمارات الأجنبية، وحتى الموجودة تستعد للرحيل، لأن معظم الصناعات الأجنبية اتخذت من المكسيك مقار لها بسبب رخص العمالة وكلف الإنتاج، وهدفها الرئيسي من الإنتاج في المكسيك هو التصدير للسوق الأميركي من بلد قريب لا يكلف فيه التصدير إلا عبور الحدود فقط.
ولذلك اتجهت صناعات السيارات الأميركية واليابانية وغيرها إلى المكسيك، وأنشئت هذه الصناعات ووفرت عمالة للمكسيكيين ودخلا للخزانة المكسيكية.
وحسب خبراء أميركيين، فإن معدل النمو الاقتصادي في المكسيك ربما يتراجع بمعدل يتراوح بين 1.2 و2.0% خلال العام الجاري، مقارنة بالتقديرات السابقة التي وضعها صندوق النقد الدولي.
وكانت توقعات صندوق النقد الدولي، تشير إلى أن اقتصاد المكسيك، الذي يقدّر حجمه بحوالي 1.15 ترليون دولار في العام 2015، سينمو بنسبة 3.2% سنوياً بين العام الحالي والعام 2020. ولكن هذه التقديرات المرتفعة للنمو وضعها صندوق النقد الدولي قبل التوتر الجاري حالياً بين واشنطن ومكسيكو سيتي.
ونما الاقتصاد المكسيكي بنسبة 2% بين العام 2013 و2015، وحوالي 3.0% خلال العام الماضي.