هل تشتري الصين حصة الـ 5% من شركة أرامكو، التي ترغب السعودية في بيعها، وتواجه مجموعة من المعضلات في طرحها بأسواق المال العالمية؟ احتمال طرحته نشرة "أويل برايس" في تقرير يوم الإثنين الماضي.
وقد سبق أن طرحت الاحتمال نفسه صحيفة "فاينانشيال تايمز" في تحليل لبروفسور بريطاني وخبير في النفط على موقعها يوم 20 أغسطس/آب.
فالسعودية تواجه حتى الآن مجموعة من الخيارات الصعبة في طرح الحصة المقررة من شركة النفط العملاقة. إذ إنها تواجه من حيث الموقع أو مكان الطرح، المفاضلة بين أهم سوقين في العالم، وهما لندن ونيويورك.
كما أنها تواجه من النواحي القانونية، معضلة تلبية متطلبات الاكتتاب في هذين السوقين، والمتمثلة في قوانين الاكتتاب الأولي، والتي من بينها الحسابات المدققة الخاصة بالدخل والربح والخسارة والجداول المالية للشركة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، والتي يجب أن تكون مدققة وموقعة من قبل شركة حسابات عالمية معروفة ومعترف بها. بينما يشير مراقبون إلى أن السعودية لا تتميز بالشفافية، من حيث إعلان حسابات الدخل المتحقق من النفط وأرباحه.
وبجانب معضلة الإفصاح والشفافية الكاملة عن البيانات المالية للشركة خلال ثلاثة أعوام سابقة للطرح والتي تجعل هناك صعوبة في الإدراج بأسواق المال في الولايات المتحدة، فإن هناك عقبة أخرى يتخوف السعوديون منها تتعلق بتفعيل "قانون جاستا" واحتمال مطالبات أهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بتعويضات ضخمة من السعودية.
وعلى الرغم من أن القانون لا يشير صراحة إلى السعودية، فإنه سيخوّل بالدرجة الأولى ذوي ضحايا الهجمات رفع دعاوى بحق السعودية كبلد دعم بشكل مباشر أو غير مباشر المجموعة التي نفذت العملية التي استهدفت برجي التجارة العالمية، في حي مانهاتن بنيويورك.
وهنالك قضية مرفوعة الآن في محكمة مانهاتن، ولا يمكن للرئيس دونالد ترامب منعها أو إيقافها رغم ما يربطه من علاقات ومصالح مع العائلة المالكة في السعودية، إذ يتعاطف مع هؤلاء معظم رجالات الكونغرس والجمهور الأميركي.
وعلى صعيد تقييم الشركة وحجم الاحتياطات النفطية الفعلية، فقد أثارت عملية الطرح ومنذ إعلانها مجموعة من الشكوك بشأن حجم الاحتياطي النفطي السعودي.
فبينما تقول السعودية إن حجم احتياطاتها النفطية يقدر بحوالى 260 مليار برميل، أثيرت تساؤلات حول صحة هذا الرقم. في هذا الصدد تساءل البروفسور البريطاني نيك بتلار، من جامعة" كينغز كوليدج" في لندن، عن حجم الاحتياطي النفطي الفعلي لشركة أرامكو.
وقال في مقال على موقعه، أعادت نشره صحيفة "فاينانشيال تايمز" مؤخراً: "حتى نهاية الثمانينيات، كانت السعودية تقول إن احتياطيها النفطي يبلغ 170 مليار برميل، ثم غيرت هذا الرقم إلى 260 مليار برميل، وظل ثابتاً، رغم أنها انتجت حوالى 100 مليار برميل منذ ذلك الوقت".
أما على صعيد قيمة أرامكو، فلا تزال القيمة التي أعلنت عنها السعودية، بترليوني دولار، تواجه جملة من الشكوك في لندن ونيويورك، حيث قدرتها صحيفة فاينانشيال في مقال مطول قبل شهور بمبالغ تراوح بين 900 مليار دولار و1.2 ترليون دولار.
ويرى البروفسور بتلار، "أن التقديرات التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهي حوالي ترليوني دولار، تبدو مرتفعة عن تقديرات محللين ماليين خارج السعودية".
أمام هذه المعضلات، يقول البروفسور بتلار، إن "اكتتاب حصة 5% من أرامكو لايزال في عالم المجهول، حيث من غير الواضح حتى الآن، في أي بورصة سيتم طرح الاكتتاب، وكم هي قيمة الشركة، والأهم من ذلك كله كيف سيمكن حماية حقوق أصحاب الأقلية الذين سيشترون الأسهم في شركة تملك الحكومة السعودية حصة 95% منها".
ويرى بتلار، الذي عمل لمدة 29 عاماً كمستشار في شركة بريتش بتروليوم، أن السعودية بحاجة ماسة لبيع حصة أرامكو لأسباب مالية بحتة، حيث إن احتياطاتها المالية تتآكل بسرعة، كما أنها تواجه معارضة داخلية لخطط التقشف التي تعكف على تطبيقها.
وبالتالي فإن الحكومة السعودية، بحاجة إلى دخل إضافي، وخاصة أن أسعار النفط لا ترتفع إلى المستويات المطلوبة لتغطية العجز في الميزانية وترفع من دخل الخزينة السعودية.
يذكر أن مصارف عالمية وشركات وساطة غربية، قد نصحت الحكومة السعودية بخفض الضريبة المرتفعة التي تأخذها من أرباح أرامكو والبالغة 85% من الأرباح، حتى تزيد من جاذبية الطرح. وبالفعل أعلنت أرامكو عقب ذلك في مارس/ آذار الماضي عن خفض الضريبة إلى 50% بناء على أمر ملكي.
أمام هذه المعضلات التي تواجه طرح شركة أرامكو، يتساءل البروفسور بتلار، عما إذا كان الطرح يمكن إنقاذه، لأنه مهم لتلبية متطلبات الإنفاق السعودي وإنقاذ "رؤية المملكة 2030"، التي ترسم تصوراً لاقتصاد لا يعتمد على النفط.
وفي ظل صعوبة الطرح في لندن ونيويورك، يرى البروفسور البريطاني، أن إنقاذ أرامكو يمكن أن يأتي من الصين صاحبة المصالح الضخمة في النفط السعودي.
ويشير إلى العلاقات النفطية والاستثمارية، التي تربط بين الرياض وبكين. حيث إن الصين من أكبر المستوردين للنفط السعودي، وتتزايد احتياجاتها للنفط في المستقبل مع توقعات النمو المضطرد لاقتصادها مقارنة بمعدلات النمو الأميركي والأوروبي.
ويرى أن صفقة البيع ستكون بين دولتين، ولن تحتاج إلى طرح الأسئلة الصعبة على الحكومة السعودية، بشأن التقييم وحجم الاحتياطات النفطية وضمانات حقوق المساهمين.
ولدى الصين احتياطات مالية تفوق 3.6 ترليونات دولار. وهي بالتالي تستطيع إنفاق 100 مليار دولار على تأمين مستقبلها النفطي عبر شراء 5% من أرامكو.
وفي هذا السياق، قالت نشرة "أويل برايس" في تحليلها يوم الإثنين الماضي، إن السعودية التي تواجه معركة صعبة في الحفاظ على حصتها النفطية في السوق الآسيوي، ستستفيد من بيع 5% من أرامكو للحكومة الصينية، لأن ذلك سيزيد من حصة مبيعاتها النفطية للسوق الصيني على المدى البعيد، ويقوي موقفها أمام منافسين من النوع الثقيل، مثل روسيا وايران.
ولدى السعودية علاقات استثمارية في مصافي النفط والبتروكيماويات مع شركات الطاقة الصينية. من بين هذه الاستثمارات صندوق مشترك بين الرياض وبكين بقيمة 20 مليار دولار، في مجالات البنية التحتية ومشاريع الطاقة.
وبالنسبة للمصالح الصينية من الصفقة، ترى النشرة النفطية الأميركية، أن الصين ستؤمن إمداداتها النفطية من السعودية على المدى الطويل، كما أن الصفقة ستسمح لليوان بالتمدد أكثر في سوق منطقة الخليج. وتسعى الصين عبر صفقات الطاقة الضخمة مع كل من روسيا والسعودية نحو تدويل اليوان إضافة إلى تأمين احتياجاتها النفطية.
وكانت الصين قد وقعت مع السعودية في مارس/آذار الماضي صفقات مشتركة بقيمة 65 مليار دولار. ويلاحظ، ووفقاً للاحصائيات العالمية لصادرات النفط، أن النفط السعودي والخليجي عموماً، أصبح يباع في آسيا أكثر من أوروبا وأميركا، وسط تناقص حصة المشتريات الأميركية منذ اكتشاف النفط الصخري.
اقــرأ أيضاً
فالسعودية تواجه حتى الآن مجموعة من الخيارات الصعبة في طرح الحصة المقررة من شركة النفط العملاقة. إذ إنها تواجه من حيث الموقع أو مكان الطرح، المفاضلة بين أهم سوقين في العالم، وهما لندن ونيويورك.
كما أنها تواجه من النواحي القانونية، معضلة تلبية متطلبات الاكتتاب في هذين السوقين، والمتمثلة في قوانين الاكتتاب الأولي، والتي من بينها الحسابات المدققة الخاصة بالدخل والربح والخسارة والجداول المالية للشركة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، والتي يجب أن تكون مدققة وموقعة من قبل شركة حسابات عالمية معروفة ومعترف بها. بينما يشير مراقبون إلى أن السعودية لا تتميز بالشفافية، من حيث إعلان حسابات الدخل المتحقق من النفط وأرباحه.
وبجانب معضلة الإفصاح والشفافية الكاملة عن البيانات المالية للشركة خلال ثلاثة أعوام سابقة للطرح والتي تجعل هناك صعوبة في الإدراج بأسواق المال في الولايات المتحدة، فإن هناك عقبة أخرى يتخوف السعوديون منها تتعلق بتفعيل "قانون جاستا" واحتمال مطالبات أهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بتعويضات ضخمة من السعودية.
وعلى الرغم من أن القانون لا يشير صراحة إلى السعودية، فإنه سيخوّل بالدرجة الأولى ذوي ضحايا الهجمات رفع دعاوى بحق السعودية كبلد دعم بشكل مباشر أو غير مباشر المجموعة التي نفذت العملية التي استهدفت برجي التجارة العالمية، في حي مانهاتن بنيويورك.
وهنالك قضية مرفوعة الآن في محكمة مانهاتن، ولا يمكن للرئيس دونالد ترامب منعها أو إيقافها رغم ما يربطه من علاقات ومصالح مع العائلة المالكة في السعودية، إذ يتعاطف مع هؤلاء معظم رجالات الكونغرس والجمهور الأميركي.
وعلى صعيد تقييم الشركة وحجم الاحتياطات النفطية الفعلية، فقد أثارت عملية الطرح ومنذ إعلانها مجموعة من الشكوك بشأن حجم الاحتياطي النفطي السعودي.
فبينما تقول السعودية إن حجم احتياطاتها النفطية يقدر بحوالى 260 مليار برميل، أثيرت تساؤلات حول صحة هذا الرقم. في هذا الصدد تساءل البروفسور البريطاني نيك بتلار، من جامعة" كينغز كوليدج" في لندن، عن حجم الاحتياطي النفطي الفعلي لشركة أرامكو.
وقال في مقال على موقعه، أعادت نشره صحيفة "فاينانشيال تايمز" مؤخراً: "حتى نهاية الثمانينيات، كانت السعودية تقول إن احتياطيها النفطي يبلغ 170 مليار برميل، ثم غيرت هذا الرقم إلى 260 مليار برميل، وظل ثابتاً، رغم أنها انتجت حوالى 100 مليار برميل منذ ذلك الوقت".
أما على صعيد قيمة أرامكو، فلا تزال القيمة التي أعلنت عنها السعودية، بترليوني دولار، تواجه جملة من الشكوك في لندن ونيويورك، حيث قدرتها صحيفة فاينانشيال في مقال مطول قبل شهور بمبالغ تراوح بين 900 مليار دولار و1.2 ترليون دولار.
ويرى البروفسور بتلار، "أن التقديرات التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهي حوالي ترليوني دولار، تبدو مرتفعة عن تقديرات محللين ماليين خارج السعودية".
أمام هذه المعضلات، يقول البروفسور بتلار، إن "اكتتاب حصة 5% من أرامكو لايزال في عالم المجهول، حيث من غير الواضح حتى الآن، في أي بورصة سيتم طرح الاكتتاب، وكم هي قيمة الشركة، والأهم من ذلك كله كيف سيمكن حماية حقوق أصحاب الأقلية الذين سيشترون الأسهم في شركة تملك الحكومة السعودية حصة 95% منها".
ويرى بتلار، الذي عمل لمدة 29 عاماً كمستشار في شركة بريتش بتروليوم، أن السعودية بحاجة ماسة لبيع حصة أرامكو لأسباب مالية بحتة، حيث إن احتياطاتها المالية تتآكل بسرعة، كما أنها تواجه معارضة داخلية لخطط التقشف التي تعكف على تطبيقها.
وبالتالي فإن الحكومة السعودية، بحاجة إلى دخل إضافي، وخاصة أن أسعار النفط لا ترتفع إلى المستويات المطلوبة لتغطية العجز في الميزانية وترفع من دخل الخزينة السعودية.
يذكر أن مصارف عالمية وشركات وساطة غربية، قد نصحت الحكومة السعودية بخفض الضريبة المرتفعة التي تأخذها من أرباح أرامكو والبالغة 85% من الأرباح، حتى تزيد من جاذبية الطرح. وبالفعل أعلنت أرامكو عقب ذلك في مارس/ آذار الماضي عن خفض الضريبة إلى 50% بناء على أمر ملكي.
أمام هذه المعضلات التي تواجه طرح شركة أرامكو، يتساءل البروفسور بتلار، عما إذا كان الطرح يمكن إنقاذه، لأنه مهم لتلبية متطلبات الإنفاق السعودي وإنقاذ "رؤية المملكة 2030"، التي ترسم تصوراً لاقتصاد لا يعتمد على النفط.
وفي ظل صعوبة الطرح في لندن ونيويورك، يرى البروفسور البريطاني، أن إنقاذ أرامكو يمكن أن يأتي من الصين صاحبة المصالح الضخمة في النفط السعودي.
ويشير إلى العلاقات النفطية والاستثمارية، التي تربط بين الرياض وبكين. حيث إن الصين من أكبر المستوردين للنفط السعودي، وتتزايد احتياجاتها للنفط في المستقبل مع توقعات النمو المضطرد لاقتصادها مقارنة بمعدلات النمو الأميركي والأوروبي.
ويرى أن صفقة البيع ستكون بين دولتين، ولن تحتاج إلى طرح الأسئلة الصعبة على الحكومة السعودية، بشأن التقييم وحجم الاحتياطات النفطية وضمانات حقوق المساهمين.
ولدى الصين احتياطات مالية تفوق 3.6 ترليونات دولار. وهي بالتالي تستطيع إنفاق 100 مليار دولار على تأمين مستقبلها النفطي عبر شراء 5% من أرامكو.
وفي هذا السياق، قالت نشرة "أويل برايس" في تحليلها يوم الإثنين الماضي، إن السعودية التي تواجه معركة صعبة في الحفاظ على حصتها النفطية في السوق الآسيوي، ستستفيد من بيع 5% من أرامكو للحكومة الصينية، لأن ذلك سيزيد من حصة مبيعاتها النفطية للسوق الصيني على المدى البعيد، ويقوي موقفها أمام منافسين من النوع الثقيل، مثل روسيا وايران.
ولدى السعودية علاقات استثمارية في مصافي النفط والبتروكيماويات مع شركات الطاقة الصينية. من بين هذه الاستثمارات صندوق مشترك بين الرياض وبكين بقيمة 20 مليار دولار، في مجالات البنية التحتية ومشاريع الطاقة.
وبالنسبة للمصالح الصينية من الصفقة، ترى النشرة النفطية الأميركية، أن الصين ستؤمن إمداداتها النفطية من السعودية على المدى الطويل، كما أن الصفقة ستسمح لليوان بالتمدد أكثر في سوق منطقة الخليج. وتسعى الصين عبر صفقات الطاقة الضخمة مع كل من روسيا والسعودية نحو تدويل اليوان إضافة إلى تأمين احتياجاتها النفطية.
وكانت الصين قد وقعت مع السعودية في مارس/آذار الماضي صفقات مشتركة بقيمة 65 مليار دولار. ويلاحظ، ووفقاً للاحصائيات العالمية لصادرات النفط، أن النفط السعودي والخليجي عموماً، أصبح يباع في آسيا أكثر من أوروبا وأميركا، وسط تناقص حصة المشتريات الأميركية منذ اكتشاف النفط الصخري.