خوف في الشارع التونسي

02 يوليو 2015
انتشار أمني مكثف في المناطق السياحية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

ليس الأجانب وحدهم من يخافون استهدافهم في تونس بخرق أمني واعتداء إرهابي كما حصل أخيراً في مدينة سوسة. فهناك أيضاً تونسيون كثر يرتادون الشواطئ السياحية وغيرها من المرافق الخاصة والعامة، ويتخوفون من الوضع الأمني في البلاد، وتنامي خطر الإرهاب الذي يمكن أن يطالهم.

يقول الموظف محمد علي الفالحي (49 عاماً) وهو أب لثلاثة أطفال، إنّه اعتاد قضاء معظم فترات العطلة الصيفية في أحد النزل الشاطئية في مدينتي الحمامات (شمال شرق) وبنزرت (شمال). لكن الأحداث الإرهابية باتت تثير مخاوفه. ويعلق: "أفضل التوجه إلى الأماكن العادية رغم التخوف حتى من تلك الأماكن. لا مكان آمنا اليوم خصوصاً أنّ الحدث الإرهابي استهدف أرقى الأماكن التي من المفترض أن تكون أكثرها حماية وأمنا، فما بالك بالعادي منها".

من جهتها، تشير منيرة بن محمّد إلى أنّ الأحداث التي جرت أخيراً "لا تثير مخاوف السائح الأجنبي الذي يغير وجهته إلى أماكن أخرى في أقصى الحالات، بل هي تثير مخاوف المواطن التونسي، بعد أن انتقل الإرهاب من المناطق الجبلية إلى المدن والأماكن السياحية". وتضيف: "لا غرابة أن يستهدف الإرهاب المدنيين في مرحلة مقبلة، ما سيدفع معظم العائلات إلى تجنب الخروج إلى الأماكن السياحية خصوصاً".

ولا يخالفهما المواطن كمال رجب (36 عاماً) الرأي، ويقول: "الوضع يثير مخاوف معظم التونسيين الذين سيهجرون كغيرهم من الأجانب الأماكن السياحية. لكن لو اعتمدت خطة أمنية تحمي المواطن كما الأجنبي فسيتغير الوضع، وسيطمئن السائح والتونسي لوجود عناصر أمنية كافية لمراقبة وحماية المناطق السياحية لا سيما الشواطئ. وهذا ما نحتاج إليه اليوم مع مزيد من الحذر، لأنّ تأمين المناطق السياحية لا يعني بالضرورة القضاء على الإرهاب، بل تأمين الحدود أكثر ومنع دخول السلاح أو الارهابيين".

من جهته، يقول الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية مازن الشريف لـ"العربي الجديد" عن العملية الأخيرة، إنّ المخطط الكبير للإرهاب في تونس هو ضرب الاقتصاد الوطني عبر ضرب قطاع السياحة، لكن الأمر يتجاوز ذلك إلى محاولة تحطيم صورة تونس دولياً، وطمس ملامحها الهادئة. ويتابع: "لعلّ من غايات العملية أيضا ضرب الدول الغربية عبر قتل مواطنيها. لكن عملية سوسة كارثة موجعة جداً وقد تم التخطيط لها بدقة".

بدوره، يؤكد رئيس الجامعة التونسية رضوان بن صالح لـ"العربي الجديد" وجوب التحضيرات لعام 2016 سياحياً، فأهل القطاع متأكدون من أنّ عام 2015 انتهى بالنسبة لهم. ويضيف: "بالرغم من رفض بعض السياح العودة إلى بلدانهم فإن الحجوزات ضعيفة وليست كما كنا ننتظر. وهناك تخوف من بلوغ نسبة صفر في المائة من الحجوزات بالنسبة للأوروبيين".
وفي ما يتعلق بالسياحة الداخلية وتوافد التونسيين على المناطق السياحية، يشير بن صالح إلى أنّها يمكن أن تقلص من التداعيات. لكنّه يعقب: "حتى حجوزات التونسيين ضعيفة جداً إلى غاية الآن، فالمواطنون باتوا يتخوفون من الأماكن السياحية بعد الأحداث التي جرت في أكثر من مكان، على الرغم من الاتفاق على وضع 4 عناصر شرطة في كل نزل، اثنان منهم داخله واثنان على الشاطئ".

الحديث عن أزمة القطاع السياحي ليس بجديد في تونس، فطوال العامين الماضيين مرّ القطاع بأسوأ الأزمات في تاريخه خصوصاً مع الأحداث الإرهابية في البلاد. وامتدت الاختراقات الأمنية من أحداث الروحية في محافظة سليانة (شمال غرب) عام 2012 وأحداث السفارة الأميركية في العاصمة، ثم جبل الشعانبي (وسط غربي)، مروراً باكتشاف عدّة مخازن للأسلحة شمالاً وجنوباً، وحادثتي اغتيال شكري بلعيد ومحمّد البراهمي، وصولاً إلى حادثة متحف باردو بالعاصمة التونسية التي راح ضحيتها 19 قتيلاً من بينهم 17 سائحاً و39 جريحاً. وهو ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في توافد السياح والحجوزات، وأفقد تونس مكانتها ضمن الوجهات السياحية المفضلة في العالم.

تبقى الإشارة إلى أنّ وزارة السياحة شكلت قبل حادثة سوسة الأخيرة، خليّة أزمة من مهامها اعتماد سياسة اتصال تهدف إلى طمأنة السياح، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الداخلية لدعم الأمن السياحي.

اقرأ أيضاً: جدل حول إغلاق مقاهي المفطرين في تونس