رحل اليوم الروائي الإسباني خوان مارسيه (1933-2020) في مستشفى سانت باو في برشلونة كما أعلن وكيله الأدبي دون أن يوضح سبب وفاته، كان مارسيه أحد الروائيين الأبرز في الأدب الإسباني في القرن العشرين، وحصل على جائزة ثربانتيس عام 2008، وتعد روايته "الأمسيات الأخيرة مع تيريزا" التي نُشرت عام 1965 أبرز أعماله السردية التي تشكل بمجموعها صورة للتحولات الاجتماعية في إسبانيا خلال القرن العشرين.
بدأ ماريسه مراهقته عاملاً في ورشة لصناعة الحلي، وكان وقتها ابن 13 عاماً، أي في السنوات الصعبة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ولم يكن الفتى ليتخيل أنه لن يكون صانعاً للحلي والمجوهرات بل صائغاً للذاكرة الإسبانية.
اعتبر مارسيه نفسه دائمًا راويًا مقدرًا لاستعادة ذكريات برشلونة، خاصة برشلونة كما تعيشها الطبقة العاملة في حيّ غوينارذو حيث نشأ عند عائلة تبنته بعد أن ماتت والدته أثناء ولادته، ثم اضطر إلى العمل وهو ابن 12 عاماً بعد أن سجن والده بالتبني الذي كان في أحزاب اليسار الكاتالوني.
يرتبط عمل الراحل بشكل خاص ببرشلونة المنسية تقريبًا، والعوالم التي يسكنها الفقراء والمهمشون والخاسرون، هؤلاء الذين كان يرى أن ذاكرتهم الفردية والجماعية قد اختطفت فاستعاد تجاربهم التي لم تكون موثقة في الأرشيف والسردية الرسمية، هو الذي كان يقول على لسان بطل روايته "التاريخ المظلم لابن العم مونتيس": "تذكر الكثير لتستحق الكثير، "بدون ذاكرة أنت لا شيء."
اعتبر مارسيه نفسه دائمًا راويًا مقدرًا لاستعادة ذكريات برشلونة، خاصة برشلونة كما تعيشها الطبقة العاملة
ظهرت قصصه الأولى في مجلات أدبية معروفة وحصل عام 1959 على جائزة مرموقة في القصة القصيرة عن قصته "لا شيء حتى الموت"، ثم انتقل في العام التالي للعيش في باريس حيث عمل مدرساً للإسبانية ومترجم أفلام وكاتب سيناريو ومساعد مختبر في قسم الكيمياء الحيوية في معهد باستور.
في فرنسا، انضم إلى الحزب الشيوعي لأنه "كان الوحيد الذي قام بشيء ضد فرانكو"، كما قال هو نفسه، على الرغم من أن عضويته كانت محدودة بأربع سنوات. عند عودته إلى برشلونة ، نشر عملاً بعنوان "هذا الجانب من القمر" ثم تنكر تماماً لهذه الرواية ورفض حتى أن يدرجها ضمن أعماله الكاملة.
بعد نجاح روايته "الأمسيات الأخيرة مع تيريزا"، والتي حصل عنها على جائزة "بريمو بيبليوتيكا بريفي"، ثم أخذت إلى السينما، قرر أن يتفرغ تماماً للكتابة والترجمة وكتابة النصوص السينمائية، يقول في آخر مقابلة أجريت معه إن السينما أثرت على كل الأعمال الروائية في القرن العشرين.
انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي لأنه كان الوحيد الذي قام بشيء ضد فرانكو
حين نشر مارسيه روايته "إذا قالوا لك إنني سقطت" (1973)، حصلت على جائزة الرواية الدولية في المكسيك، لكنها لم تنشر في إسبانيا حتى عام 1976 بسبب رقابة فرانكو، وأخذ المخرج الإسباني فيثنتي آراندا هذه الرواية أيضاً للسينما، وكذلك فعل مع روايته "الفتاة بالسروال الذهبي" (1978) والتي فازت بجائزة بلانيتا.
من رواياته الأخرى ومعظمها اقتبس في أعمال سينمائية "سأعود يوما" (1982)، و"روندا ديل غينارذو" (1984)، و"حبيب يتكلم لغتين" (1990)، و"أخبار سعيدة على طائرات ورقية" (2014) وغيرها، كما كتب العديد من مجموعات القصص القصيرة وقصصاً للأطفال وجمع مقالات له في عدة كتب، كما أن له مؤلفات عن السينما الإسبانية.