خليل قنديل.. رحيل صاحب "الصمت"

27 ابريل 2017
(خليل قنديل)
+ الخط -
ظلّ القاص الأردني خليل قنديل (1951 – 2017)، الذي رحل أمس الأربعاء في عمّان بعد صراع طويل مع المرض، وفياً لطفولته المسكونة بالحكايات والأمكنة والغيب، يتكئ عليها في مجموعاته الخمس، ويتأمل من خلالها بحذر وتوجّس، خفيّين، المدينة وبهرجتها.

انتمى صاحب "وشم الحذاء الثقيل" (1980) إلى جيل رأى القصة القصيرة بعين زكريا تامر، مؤمناً أن المفارقة التي تتكشّف عن الحياة البسيطة من حولنا هي مفتاح التجربة، وستقوده بلا ريب إلى الكفر بكلّ الشعارات والأيديولوجيات التي لا مكان لها على أرض الواقع.

لن يحضر الأبطال في قصص صاحب "الصمت" (1990)، وسيبقى الحلم هو البطل الأوحد في جميعها؛ كما في إحدى قصصه حيت يلتمع البرق بما يشبه اليد الخضراء فوق الرجل السبيعيني، التي يبعث خضرتها على الشهوات المؤّجلة والآمال العريضة.

عمِل قنديل في الصحافة منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، يكتب فيها مقالاته التي لم تخرج بعيداً عن مناخات السرد، يلتقط تفصيلاً تائهاً في تجربة كاتب، أو يتخيّل تكملة لحدث عاشه، أو يمارس تهكمه على النقد وتنظيراته التي لا تجد قارئاً لها.

عاش صاحب "حالات النهار" (1995) على ذاكرة طفولته في مدينة إربد (80 كلم شمال عمّان)، يتذكّر ما حفظه من قصص الأقرباء والأصدقاء، وما عاشه من مغامرات طائشة، فيتتبّع رائحتها لينسج حواديت تؤثث أحاديثه وثرثراته التي تلهيه عن الكتابة، فلعلّه أراد أن يؤنس بها غربته وفجاجة الحياة التي نقلته باكراً إلى عالم الرجال.

رأى الواقع في مسلكيات البشر ومهنتهم وما يمتلكونه من هيئة وأسلوب في الكلام وحركة اليدين، فانساق إلى وصفها وتخييلها مادةً أساسية للقص، وربما فاته أن يبحث عما وراء تلك الحالات مردّداً "إنني ابن طبقة لم تختبئ من قسوة الفصول وتقّلباتها، بل ظلّت تمتلك ذلك العري المبتلى بالحكمة".

"حكمة" تبدو حيلة تُخفي هواجسه وتشكّكه تجاه كلّ ما استعصى كشفه؛ يرقب المرأة وعوالمها من خلف أبواب وجدران، فتنبعث دهشة تحجب خشية الكاتب/ الطفل وأوهامه، التي تشي بها كثير من قصصه كما في "عين تموز" (2002)، و"سيدة الأعشاب" (2010).

المساهمون