خلافات جديدة على طريق مفاوضات سد النهضة

13 نوفمبر 2018
تواصل إثيوبيا أعمال بناء السد (زكرياس أبو بكر/فرانس برس)
+ الخط -

شهد الاجتماع التاسع عشر للجنة الثلاثية الفنية الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في 5 و6 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، خلافات وتبادلاً للاتهامات، دفعت المكتب الاستشاري الفرنسي إلى التلويح بالانسحاب، بحسب مصادر فنية في وزارة الري المصرية تحدثت لـ"العربي الجديد". وخُصص الاجتماع لمناقشة الأمور التعاقدية والمالية مع المكتب الاستشاري الفرنسي المنوط به إجراء الدراسات الخاصة بتقييم تأثيرات سد النهضة على دول المصب، وشارك فيه أعضاء الوفود من دول مصر والسودان وإثيوبيا، وممثلو المكتب الاستشاري.

وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء شهد خلافات وتبادلاً للاتهامات، إذ وجّه ممثلو مصر في اللجنة اتهاماً لنظرائهم في الجانب الإثيوبي بعرقلة عمل المكتب الاستشاري، الذي يهدف إلى التوصل إلى التأثيرات السلبية للسد على دولتي المصب، وهي الاتهامات التي رفضها الجانب الإثيوبي خلال الاجتماع، مبرراً التأخير في بدء العمل بالظروف التي كانت تمر بها بلاده من اضطرابات سياسية، ومقتل مدير المشروع السابق وتعيين مدير جديد خلفاً له.
وأوضحت المصادر المصرية أن "الجانب الإثيوبي يدرك جيداً أن التقارير في حال تم تنفيذها بشكل حقيقي بعيداً عن التجاذبات والخلافات، ستؤكد المخاوف المصرية بأن للسد آثاراً سلبية على مصر، سواء على مستوى الأمن المائي في ما يخص حصة القاهرة المقدرة بـ55 مليار متر مكعب من المياه، أو التأثيرات السلبية الأخرى الخاصة بمدى قدرة السد على مواجهة الأخطار الجغرافية مثل الزلازل والانهيارات الأرضية، وهو ما قد يتسبّب في كارثة في حال حدوثه، وقد يؤدي إلى غرق السودان، ومساحات شاسعة من مصر".


وأشارت المصادر إلى أن الجانب الإثيوبي ما زال يصر على المماطلة وعرقلة عمل المكتب الاستشاري إلى حين تمكّنه من الانتهاء من عمليات البناء، ليصبح السد أمراً واقعاً بكل تفاصيله وملحقاته، ومن ثم يكون التفاوض وقتها على أمر واقع، وتكون أديس أبابا في موقع قوة.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد شدد، خلال لقائه ممثلي الإعلام الأجنبي على هامش منتدى شباب العالم الذي عُقد أخيراً في مدينة شرم الشيخ، على ضرورة ألا يؤثر السد سلباً على حصة مصر. وقال السيسي، إن مصر لا تريد أن تؤثر عملية ملء خزان سد النهضة الإثيوبي على حصتها المائية، داعياً في الوقت ذاته إلى ترجمة النوايا الحسنة لإثيوبيا في اتفاقيات دولية، وهو ما تؤكد المصادر التي تحدثت إليها "العربي الجديد" أنه لُبّ الأزمة، فأديس أبابا تتحدث طوال الوقت عن نوايا جيدة وتجاوب مع التحركات المصرية والسودانية، ولكن عند ترجمة ذلك لاتفاقيات ملزِمة تتهرب من التوقيع، وتسحب المفاوضات إلى الجوانب الكلامية والوعود غير الملزمة بتوقيعات ونصوص.

وكانت وزارة الموارد المائية والري المصرية قد أكدت، في بيان لها، أخيراً، أن الاجتماع استعرض أهم المعوّقات والمشاكل التي جابهت المكتب الاستشاري الفرنسي، نتيجة فترات التوقف الناجمة عن عدم توافق الدول الثلاث حول بعض الأمور، وعلى رأسها التقرير الاستهلالي، مع مناقشة سبل الحلول المقترحة لتلك المشاكل. وأشار البيان إلى أنه تم الاتفاق على قيام اللجنة الثلاثية في ضوء العقد المبرم مع المكتب الاستشاري الفرنسي بالتوافق حول بعض الحلول المقترحة لتلك المشاكل، سعياً إلى دفع مسار الدراسات الفنية خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن الاجتماع اتفق على قيام المكتب الاستشاري بدراسة الحلول المقدمة من اللجنة الثلاثية لوضع رؤية واضحة لكيفية التعامل مع الموقف، خلال الفترة المقبلة، في إطار ما صدر من توصيات حول تلك الأمور.

ومن المقرر أن يحتجز السد الذي أوشكت إثيوبيا على الانتهاء من إنشائه، 74 مليار متر مكعب من المياه خلفه. ويمثل السد الذي سينتج 6 آلاف ميغاوات من الكهرباء، الركيزة الأساسية في مساعي إثيوبيا لأن تصبح أكبر دولة مصدِّرة للكهرباء في أفريقيا. ويتركز الخلاف حول حصص مياه النيل الذي يمتد لمسافة 6695 كيلومتراً من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط، ويعد شريان الحياة الاقتصادية للدول الثلاث. وتقول القاهرة إن السد سيهدد إمدادات المياه التي تغذّي الزراعة والاقتصاد في مصر منذ آلاف السنين، لا سيما مع وجود جدول زمني سريع لملء بحيرة السد، فيما تؤكد إثيوبيا أن السد لن يؤثر على مصر.