خلافات تدفع البرلمان التونسي لتأجيل الحسم بتعديل العتبة الانتخابية

03 مارس 2020
أعاد البرلمان المقترح إلى لجنة النظام الداخلي (Getty)
+ الخط -
قرّر رؤساء الكتل البرلمانية في مجلس النواب التونسي، الثلاثاء، إعادة مقترح حزب "حركة النهضة" إقرار العتبة الانتخابية بـ 5% (الحد الأدنى من الأصوات للحصول على مقعد بالبرلمان) إلى لجنة النظام الداخلي، وإرجاء الحسم بالمقترح، بعد موجة رفض سياسية ومجتمعية.

وقال طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ أغلب رؤساء الكتل المجتمعين في البرلمان اتفقوا، خلال لقاء تنسيقي وتشاوري بينهم، اليوم الثلاثاء، على إرجاء النظر في مقترح القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي، والقاضي بإدراج عتبة انتخابية بـ5%، كما تم الاتفاق على إعادته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والانتخابية.

وقال نور الدين البحيري، رئيس كتلة "حركة النهضة"، صاحب مقترح العتبة الانتخابية، في مداخلته في البرلمان، إنّ حزبه "يدعم التعددية والتنوع في المشهد السياسي لإدارة شؤون الحكم"، مشيراً إلى أنّ "ذلك يعد مكسباً ديمقراطياً لا بد من المحافظة عليه؛ لعدم حرمان الأحزاب الصغرى والمستقلين من حقهم في إدارة الشأن العام والمشاركة، ولكن يجب ألا يتسبب هذا المكسب في المسّ باستقرار المشهد السياسي والمسار الديمقراطي".

واحتجّت رئيسة كتلة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسي، خلال الجلسة العامة، على طريقة التعاطي مع تسيير عمل المجلس ومجريات الجلسة، و"اتخاذ قرارات في غرف مغلقة"، معتبرة أنّ "هناك محاولات للتلاعب والالتفاف على القانون الداخلي، من خلال تغييب التونسيين عن متابعة ما يجري تحت قبة المجلس"، بحسب قولها.

وأكدت موسي أنّ كتلتها "لم تشارك في الاجتماع التنسيقي الذي تم خلاله إرجاء النظر في القانون الانتخابي"، معتبرة أنها "غير مشمولة بمخرجاته، وغير معنية بقراراته، لأنّ القانون يفرض المرور بالجلسة العامة لاتخاذ قرار تأجيل القوانين".

وفي السياق، انتقدت النائبة عن "التيار الديمقراطي" سامية عبو، في مداخلتها، ما وصفته بـ"استعجال النظر وطرح المبادرة التي قدمتها النهضة حول العتبة الانتخابية، مقارنة بمقترحات ومبادرات بقية الكتل"، مشيرة إلى أن كتلتها طرحت قانوناً لتنظيم استطلاعات الرأي "لكن لم يتم إدراجه".

وقال حاتم المليكي، رئيس كتلة حزب "قلب تونس" بالبرلمان، في مداخلته، إنّ "اجتماع رؤساء الكتل كان تنسيقيّاً حول مدى جدوى النظر في تعديل العتبة أو إرجاعه إلى اللجنة"، مشدداً على أنه تم الاتفاق على تأجيل النظر فيه.

وأضاف المليكي أنّ "استقرار الأنظمة الانتخابية هو معيار من المعايير الدوليّة، والأنظمة الانتخابية ترتكز على عنصرين اثنين؛ يتعلّق الأول بمكونات عملية الاقتراع واحتساب النتائج، أي النظام الانتخابي، والثاني يتصل بالمناخ الانتخابي".

ورأى المليكي أنّ الانتخابات في تونس "لم ترتق بعد إلى مستوى انتخابات نزيهة وشفافة في مستوى المعايير الدوليّة، رغم التحسّن في الأداء"، معتبراً أنّ حزبه "قلب تونس" تعرّض في الانتخابات السابقة إلى "مظالم بسنّ قانون إقصائي، وسجن رئيسه نبيل القروي".

وندّد رئيس كتلة حزب "قلب تونس" بممارسات عدة سجّلت خلال الانتخابات الماضية، معتبراً أنه "تم التلاعب بالمناخ الانتخابي واستعمال القضاء في الانتخابات، ما كاد يؤدّي إلى انفجار الوضع"، كما قال.

وجدّد أكثر من ثلاثين منظمة وجمعية وحزب وشخصيات مستقلة، وفي مقدمتهم "الاتحاد العام التونسي للشغل"، و"الاتحاد الوطني للمرأة التونسية"، و"النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين"، و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، رفضهم رفع العتبة الانتخابية وتعديل القانون الانتخابي، معربين عن خشيتهم من الدفع نحو "عودة هيمنة الحزب الواحد على الحكم من خلال تقليص تمثيلية الأحزاب والمستقلين".

وحذّرت المنظمات والأحزاب الرافضة من "هذا التوجه الإقصائي نحو تكريس مشهد برلماني يقتصر على تمثيليات الأحزاب الكبرى، ما يعد ضرباً للتعددية في الحياة السياسية".

المساهمون