خطوات برلمانية فرنسية على طريق الاعتراف بدولة فلسطين

07 نوفمبر 2014
ستكون الطريق طويلة قبل الاعتراف النهائي (توماس سامسون/فرانس برس)
+ الخط -
يُدرك النوّاب الفرنسيون في مجلسي الشيوخ والنواب، أن أي اعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلّة لن يكون إلا رمزياً، لأن الحكومة الفرنسية، هي من تقرر في نهاية الأمر. ولكن الاعتراف السويدي والبريطاني، وقريباً الاسباني، بدولة فلسطين، يجعل الفرنسيين متأخرين بعض الشيء. وهو ما قد يُسيء إلى سمعة فرنسا ويُقلّل من قوتها وتأثيرها العالميين.


منذ أسابيع قليلة، وجّهت نائبة شيوعية فرنسية، سؤالاً في البرلمان لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عن السبب الذي يجعل فرنسا، البلد القوي والمؤثر، وصاحب جزءٌ من المسؤولية التاريخية في الشرق الأوسط، يتلكأ في الاعتراف بدولة فلسطين، عكس السويد.

كان جواب فابيوس محبطاً "إن اعتراف فرنسا سيأتي في اللحظة المناسبة، ويجب أن يتوّج اتفاقاً فلسطينياً إسرائيلياً على الحلّ الدائم، أي حلّ الدولتين". يعلم الوزير الفرنسي جيداً أن إسرائيل لا تريد السلام وتجعل خيار الدولتين مستحيلاً، بسبب إصرارها على يهودية الدولة، ثم أن المفاوضات التي انطلقت منذ فترة طويلة لم تجعل الفلسطينيين، يرون الضوء في نهاية النفق أبداً.

ولا شك أن جواب الوزير الفرنسي يزيد موقف الحكم الاشتراكي الفرنسي من القضية الفلسطينية التباساً، خصوصاً بعد مجازر غزة الأخيرة، والموقف الرسمي الفرنسي المخيّب للآمال، داخلياً وخارجياً، سواء عبر تأييد إسرائيل، علانية، وبشكل غير مسبوق، أو حظر بعض التظاهرات المؤيدة لصمود فلسطينيي غزة، والتضييق على بعضها الآخر ثم المحاكمة القاسية للمشاركين فيها.

وأمام المجازر الإسرائيلية الأخيرة في غزة ورفع إسرائيل من وتيرة الاستيطان ورفض التفاوض وتقديم التنازلات الضرورية للجانب الفلسطيني، وإزاء التأخر الفرنسي، بادر عدد من النواب الفرنسيين اليساريين، إلى تقديم مشاريع قرارات إلى مجلسي البرلمان والشيوخ تطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على قاعدة حدود سنة 1967، وتكون فيها القدس عاصمة للدولتين معاً.

وفي هذا الصدد نشر 17 نائباً اشتراكياً، بياناً يطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. خصوصاً أن الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، وعد في حملته الانتخابية الرئاسية بذلك، وأدرج الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن التزاماته الـ60.

وتزامنت المبادرة الاشتراكية مع مبادرة النائبة، عن الخضر والإيكولوجيين، إستير بينباسّا في مجلس الشيوخ، ومبادرة أخرى من قِبَل نواب حزب اليسار. وينبغي التذكير، هنا، أن حزب "اليسار" قدّم هذا الاقتراح سنة 2012، ورفض البرلمان، حينئذ، إدراجه للنقاش ثم التصويت عليه. وقام عضو مجلس الشيوخ، جيلبير روجيه بالاتفاق مع مجموعته الاشتراكية بتقديم مشروع قرار مماثل.

من جهتها، أعلنت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الوزيرة السابقة إليزابيث غيغو، موافقتها على صوغ "طلب إلى الحكومة الفرنسية، يدعوها إلى أن تجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية وسيلة للحصول على حل دائم للصراع".

وهو ما يعني أن النواب الفرنسيين، وخصوصاً المقربين من موقع القرار، يريدون التنسيق مع الحكومة الفرنسية، حتى لا يتسببوا في إغضاب الجانب الإسرائيلي. وقد استبق السفير الإسرائيلي في فرنسا الأمر، فكاتَبَ نواب مجلس الشيوخ، محذراً إياهم مما أسماه "خطورة اتخاذ الخطوات الأحادية الجانب"، وهو التحذير الذي رفضته دولة السويد.

وعلى رغم "رمزية" هذا الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، الذي طال انتظاره، فإنه سيكون مُحرِجاً للدبلوماسية الفرنسية وسياستها الخارجية وما تبقى من سياستها العربية، كما أنه سيكون مُحرجاً لمرشح رئاسي لا يحترم وُعودَه الانتخابية. وسيُناقش مجلس الشيوخ الفرنسي هذا الأمر يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني.

وكان لافتاً خروج وزير الخارجية الفرنسية السابق، وعمدة بوردو والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية في فرنسا سنة 2017، اليميني ألان جوبيه عن صمته، وصمت اليمين، وإعلانه ترحيبه "بقرار مشترك لدول الاتحاد الأوروبي يعترف بالدولة الفلسطينية". وذكّر بأنه "كان من أوائل من دفع الفلسطينيين إلى ولوج منظمة اليونسكو".

المساهمون