خطف في درعا والسويداء: النظام يغيّب نفسه

31 ديسمبر 2019
خوف على الصغار كذلك (محمد أبازيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تُسجَّل في الآونة الأخيرة حوادث أمنيّة متفرّقة في محافظتَي درعا والسويداء السوريتَين، يُختطَف في خلالها مواطنون من أهاليهم، الأمر الذي يؤدّي إلى ظهور مخاوف جديدة بين السوريّين المتروكين لمصيرهم

يتزايد التوتّر الأمني ما بين السويداء ودرعا في جنوب سورية، من جرّاء عمليات الخطف والخطف المضاد، يوماً بعد يوم، الأمر الذي خلّف قلقاً بين السوريين وقيّد حركتهم إلى حدّ ما، فيما يغيب النظام بمؤسساته الأمنية عن المشهد ليظهر الروس طارحين تأليف لجنة ثلاثية تجمع شخصيات من السويداء ومن درعا إلى جانب ضبّاط روس من مركز المصالحات، والهدف هو العمل على تهدئة الأجواء.

أبو عادل حسين، من أهالي ريف السويداء الغربي، يخبر "العربي الجديد" أنّ "التوتر عاد بين السويداء ودرعا قبل أسابيع، إثر عمليات خطف جديدة بين المحافظتَين، فصار التنقّل بينهما ينطوي على مخاطرة كبيرة. بالتالي، كلّما أراد أحدنا التوجّه إلى أرضه القريبة من أراضي القرى الحدودية التابعة لدرعا، اصطحب شخصاً آخر معه. كذلك، صار يجب علينا حمل السلاح لحماية أنفسنا، ولا سيّما في حال رصد أيّ تحرّك غريب". يضيف أنّ "الخطف يحصل على الهوية، والمشكلة تتعقّد يوماً بعد آخر من جرّاء تزايد عدد العائلات المتضرّرة. والذين يتعرّضون للخطف لا يكونون في الغالب معنيّين، لكنّ سوء حظّهم أوقعهم بين أيدي الخاطفين".



ويرى حسين أنّ ثمّة "أطرافاً في المحافظتَين تعمل على زيادة التوتر، إذ يتعرّض عدد من المختطفين للتعذيب ويُصوَّرون في وضعيات محرجة وتُرسل الصور والتسجيلات إلى ذويهم"، لافتاً إلى "حادثة قُتل في خلالها أحد أبناء السويداء في درعا، في أثناء مروه بدرعا آتياً من السعودية عبر منفذ نصيب، وذلك بعد غياب أكثر من خمسة أعوام عن البلد، من دون أن تُعرَف هويّة القاتل".

من جهته، يقول أبو عمار الذي نزح في عام 2012 من إحدى قرى درعا إلى السويداء حيث استقر وأنشأ عملاً تجارياً، لـ"العربي الجديد"، إنّه "عندما بدأ الوضع الأمني يتوتّر في درعا وصار الناس يُعتقلون على الهوية ويُقتلون، انتقلت إلى السويداء حيث لي أصدقاء. وهكذا بدأت حياتي من جديد وتزايد عدد معارفي، وحتى اليوم لم أتعرّض لأيّ موقف مزعج، فالناس هنا مضيافون ويرحّبون بالغريب". ويؤكد أنّ "من أساء ويسيء إلى علاقة الجبل (السويداء) والسهل (درعا)، مجموعة من الخارجين عن القانون والعادات والتقاليد، وهم ذاتهم الذين يعملون في التهريب وتجارة الأسلحة والممنوعات. لكنّ طبيعة العلاقات العشائرية في المنطقة، تجعل من هو سيّئ يجرّ أهله إلى مواقف غير محمودة النتائج، فعقلية العشائر لا تميّز بين سيّئ وصالح".

ويلفت أبو عمار إلى أنّه "في الفترة الأخيرة، أحاول قدر المستطاع عدم التحرّك بعد مغيب الشمس، وفي معظم الأحيان تكون تحرّكاتي مع أصدقاء لي من أبناء السويداء لتجنّب أيّ حادثة محتملة. وبالنسبة إلى أبنائي، فإنّ أحد أهالي المنطقة يقلّهم بسيّارته إلى المدرسة، ومنها إلى البيت. وأنا لا أخشى أهالي السويداء، لكنْ ثمّة أشخاص قد يرتكبون مثل تلك الأفعال طلباً للفدية والمكاسب المالية، وهؤلاء يسيئون إلى أهلهم وإلى أهل درعا". ويعبّر أبو عمار عن استهجانه إزاء "موقف الأجهزة الأمنية والشرطة في المحافظتَين. فالموقف مستغرب ويثير ألف سؤال. لماذا يغيّب النظام نفسه عن هذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد آخر؟ علماً أنّه يعلم وبالاسم هوية كلّ من ينفذ هذه العمليات وتحركات هؤلاء معروفة من قبله".

في هذا الإطار، تفيد مصادر مطلعة في السويداء "العربي الجديد" بأنّ "النظام ممثّلاً بالأجهزة الأمنية والشرطة والقضاء، يغيب بشكل مقصود عن مهمّة حفظ أمن المواطنين، بل ويحمّل الأهالي مسؤولية ما يحدث في السويداء ودرعا. وبحسب ما يبدو، هو مستفيد من تردّي الوضع الأمني الذي يلهي الناس عن تردّي الأوضاع المعيشية والخدمية". وتشير المصادر نفسها إلى "مناشدات وُجّهت إلى الجهات الرسمية لتطبيق القانون بحقّ كلّ من يرتكب عملية خطف أو سلب أو قتل، إلا أنّها لم تجد أيّ آذان صاغية، فيما تُرمى المسؤولية على المجتمع. ويبدو أنّه ما من حلّ قريب".



وترى المصادر نفسها أنّ "فراغ الساحة دفع الروس إلى زيارة بلدة عرى ولقاء أحد وجهائها، الأمير لؤي الأطرش، بحضور الشيخ حمود الحناوي، أحد مشايخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الثلاثة، والكاهن عادل بشارة، راعي كنيسة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس في السويداء، إلى جانب شخصيات أخرى، وبُحثَت الأوضاع الأمنية المتوترة بين السويداء ودرعا في ما يتعلق بعمليات الخطف والخطف المضاد، بالإضافة إلى عودة المسيحيين المهجّرين إلى بلدة خربا في ريف السويداء بعد خروج الفصائل المسلحة المتشددة منها". تضيف المصادر أنّ "الروس طرحوا في خلال الاجتماع تأليف لجنة مشتركة من أجل تهدئة الأوضاع الأمنية والاجتماعية بين المحافظتَين، على أن تُجري هذه اللجنة تبادلاً للمخطوفين وتعمل على احتواء أيّ توتر قد يحدث في الفترة المقبلة".