خطف أبناء "هزارة" يهدد أفغانستان بحرب طائفية

23 مارس 2015
ندد الرئيس الأفغاني بعمليات الخطف (هارون السبع أعين/الأناضول)
+ الخط -
تعاني أفغانستان من ظاهرة الخطف منذ فترة طويلة، وتاريخها شاهد على ذلك، لكن عمليات الخطف الأخيرة التي استهدفت أبناء أقلية هزارة الشيعية، بدأت تُثير ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والشعبية، لكونها تُنذر بوقوع حرب طائفية في بلدٍ تفككت أوصاله، بسبب الحروب المتناسخة التي شهدها في السنوات الـ30 الأخيرة.

وتسود حالة من القلق أوساط أقلية هزارة، بعد خطف 31 شخصاً من أبنائهم في إقليم زابل، جنوبي البلاد، بيد مسلّحين ملثمين، يُعتقد أنهم من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بسبب نفي حركة "طالبان أفغانستان" وقوفها وراء عملية الخطف.

ويخشى بعض المراقبين من أن يكون "داعش" وراء عمليات الخطف، بهدف إشعال فتيل حرب طائفية في أفغانستان، التي عاشت أنواعاً مختلفة من الحروب، بدءاً بالغزو السوفييتي عام 1979 والمقاومة ضدهم، مروراً بالحروب الأهلية التي عاشتها أفغانستان، قبل وبعد ظهور حركة "طالبان"، والاحتلال الأميركي عام 2001، وانتهاءً بـ"الحرب على الإرهاب"، والمقاومة المسلحة التي تقوم بها "طالبان" والجماعات المناوئة للوجود الأجنبي أفغانستان.

واختلفت تفسيرات السياسيين والمراقبين في شأن تزايد عمليات الخطف في صفوف الهزارة، والأسباب الكامنة ورائها، في ظلّ تسيير تظاهرات حاشدة في بعض الأقاليم، للمطالبة باتخاذ تدابير عاجلة، من أجل إطلاق سراح المخطوفين، والحدّ من عمليات مماثلة.

وانقسمت عمليات الخطف "تاريخياً" إلى قسمين: يستهدف الخطف في القسم الأول رجال ومسؤولي الأمن، وينتهي عادة بقتل وإعدام المخطوفين. أما في القسم الثاني، فيستهدف الخطف المسؤولين في الحكومة المركزية أو الحكومات الإقليمية، ولا سيما العاملين في المؤسسة القضائية، ويتم عادة الإفراج عن المخطوفين بوساطة قبلية ومقابل مبالغ مالية ضخمة.

هذا عادة، أما عمليات الخطف الحالية، التي تستهدف أبناء هزارة، فتتمّ بصورة مدروسة ومبرمجة، لا تُعرف أهدافها حتى الآن. مع العلم أن زعماء قبائل هزارة يجرون مفاوضات مع مسلحي "داعش" في مكان مجهول في جنوب أفغانستان، وتؤكد مصادر مقربة منهم أن "المفاوضات لم تتقدّم حتى الآن".

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر قبلية مواكبة أن "عرقية هزارة، المشهورة بتماسكها، أرسلت وفداً إلى مدينة كويتا الباكستانية وأجرت مفاوضات مع الخاطفين هناك". ورأت أن "من شأن المفاوضات في كويتا أن تطرح أسئلة عديدة، تزيد الاعتقاد بوجود مؤامرة لتحويل طالبان إلى داعش، وإلا كيف استطاع التنظيم التفاوض مع أُسَر المخطوفين في المدينة، وخصوصاً أن الأمر سيؤثر سلباً على العلاقات الأفغانية الباكستانية، التي تحسنت إلى حدّ كبير أخيراً؟".

اقرأ أيضاً: أفغانستان: مسلحون يخطفون 30 من "الهزارة"

وتُفيد المصادر بأن "الحكومة لن تلبّي مطلب الخاطفين الرئيسي، وهو تسليم الأسلحة الأميركية المتطورة التي صادرتها الاستخبارات الأفغانية مرتين في جنوب أفغانستان، والتي كانت في طريقها إلى مسلّحي داعش". وكانت الاستخبارات الأفغانية صادرت الشهر الماضي أسلحة أميركية متطورة، كانت في طريقها إلى "داعش" في إقليم زابل، واعتبرته نجاحاً كبيراً لها. الأمر الذي أغضب "داعش" وقرر خطف أشخاص من أقلية هزارة لممارسة الضغوط على الحكومة، وللحصول على تلك الأسلحة.

ولفت مصدر قبلي، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأسلحة الأميركية هي أساس المسألة"، من دون أن يستبعد في الوقت نفسه، "معاداة داعش لأقلية هزارة، لكونها شيعية، بموازاة محاولتهم الحصول على أسلحتهم بهذه الطريقة". وأبدى خشيته من احتمال "أن يقوم المسلحون بتصفية جميع الرهائن في حال لم تلبّ الحكومة مطلبهم".

من جهتها، تولي الحكومة الأفغانية اهتماماً كبيراً بعمليات الخطف المتزايدة، كما أن عمليات الجيش الأفغاني التي أُطلقت في إقليمي زابل وفراه، لم تأتِ بأي نتيجة في ما يتعلق بقضية المخطوفين، غير أنها أدت إلى مقتل عدد كبير من مسلحي "داعش".

وتصبّ تصريحات الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني أحمد زاي الأخيرة، في إطار المخاوف من استفحال ظاهرة الخطف. وأشار الرئيس الأفغاني، في كلمة له أمام ضباط الجيش في العاصمة، إلى أن "خطف أبناء هزارة، مؤامرة ضد حكومة الوحدة الوطنية، والتماسك الموجود بين العرقيات الأفغانية المختلفة".

ومع ترحيب الزعامات القبلية بالعمليات العسكرية، التي أُعلنت بهدف الإفراج عن المخطوفين، والقضاء على "داعش"، يُحذّر مسؤولون في الحكومة الأفغانية من نية "داعش" إشعال فتيل حرب طائفية في أفغانستان.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الشورى المحلي في إقليم بكتيا، أفسرخان سليمان خيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "داعش يعمل على تحويل الحرب وأعمال العنف التي تشهدها أفغانستان حالياً إلى حرب طائفية، وإن اختطاف أبناء هزارة، أساس تلك المحاولات المغرضة". وطالب سليمان خيل الحكومة بتدارك الأمر سريعاً.

ومع فشل محاولات الحكومة في تحرير المخطوفين، تتزايد الضغوطات الشعبية عليها. وشهدت مناطق مختلفة في البلاد تظاهرات حاشدة، تطالب الحكومة ببذل كافة الجهود للإفراج عن المُختطفين، وملاحقة المتورطين. كما هددت الزعامات القبلية بتنظيم احتجاجات شعبية في كافة المدن الأفغانية، إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة بهذا الشأن.

وكان مسلحو "داعش" قد نفّذوا ثلاث عمليات خطف لأبناء الأقلية الشيعية حتى الآن، وبدأت بخطف 31 شخصاً منهم في إقليم زابل قبل ثلاثة أسابيع، ثم 10 آخرين في إقليم غزنة، قبل أن يتمّ خطف ستة منهم في إقليم فراه.

وعدا عن إمكانية اندلاع صراع طائفي في البلاد، تأثر قطاع المواصلات سلباً بعمليات الخطف، لأن العمليات تقع على خط الطرق الرئيسية بين الأقاليم. وأشار مسؤول شركة "أحمد شاه أبدالي"، أحمد الله، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "عمليات الخطف الأخيرة انعكست سلباً على أعمال الشركة". ويذكر المسؤول على سبيل المثال، أن "ما بين 60 و80 حافلة للشركة، كانت تقلّ المسافرين من مدينة هرات إلى كابول، مستخدمة طريق قندهار، ولكن في الأسبوعين الماضيين انخفض عدد الحافلات إلى حوالى 20 و30 حافلة يومياً، بسبب الخطف وأعمال العنف المتزايدة.

اقرأ أيضاً: داعش أفغانستان يستقطب الأجانب

المساهمون