خسائر حزب الله بسورية: سقوط مبكر لاجتماع طهران الثلاثي؟

20 يونيو 2016
تعيش الضاحية الجنوبية حالة من التأهّب (حسين بيضون)
+ الخط -

خسر حزب الله خلال الساعات الماضية العشرات من مقاتليه في المعارك الدائرة في حلب، والمحصّلة مرشّحة للارتفاع مع استمرار توارد المعلومات غير الرسمية بين أنصار الحزب.

وتمّ توثيق سقوط 31 قتيلاً للحزب نهاية هذا الأسبوع، في ريف حلب الجنوبي. أبرزهم ثلاثة قادة ميدانيين كبار، هم رمزي مغنية ومحمد الديماسي ومحمد نوار قصاب، والذين كانوا يقودون المعارك في خان طومان وخلصة وتلة العيس وغيرها من بلدات الريف الحلبي، كما تمّ نعي 28 مقاتلاً آخرين بشكل رسمي، من ضمنهم شابان لم يتجاوزا الثامنة عشرة من العمر ولا يزالان مصّنفين "أطفالاً" بحسب المعايير القانونية والدولية.

وقد شهدت الضاحية الجنوبية (مقرّ قيادة حزب الله ومربّعه الأمني والشعبي على مدخل بيروت الجنوبي) حالة قلق وتأهب، تحديداً في المربّعات الأمنية المجاورة للمقار الصحية التابعة للحزب، حيث يتمّ استقبال الجرحى وجثامين القتلى. كما احتلّت الأخبار الواردة من سورية المساحة الأكبر من النقاشات فيها، وسط تكتّم شديد من قيادة الحزب التي فرضت عبر عدد من مسؤوليها منعاً كاملاً للتداول بأسماء القتلى على الحسابات المقرّبة من الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن ذلك لم يمنع استمرار التداول بالمعلومات التي تحدّثت عن خسارة فادحة مُنيت بها مجموعات الحزب في حلب، نتيجة "سقوط مجموعات عدة في كمائن جيش الفتح"، والذي يضمّ مجموعات معارضة سورية مختلفة في حلب.

حتى إن التعتيم الإعلامي لم يمنع تسرّب الأخبار عن فقدان مجموعتين من الحزب في الريف نفسه، لا يزال التواصل مع عناصرهما مقطوعاً منذ يوم السبت، ما يرجّح إما سقوط المجموعتين بشكل كامل أو خطف المقاتلين. مع العلم أنه بات لدى "جبهة النصرة" أربعة أسرى من حزب الله، لا يزال التفاوض على إطلاق سراحهم غير واضح، خصوصاً أنّ الحزب ينفّذ عمليات تبادل مماثلة، وسط تعتيم إعلامي كبير.


بالنسبة لبعض متابعي معارك حزب الله في سورية، فإنّ "ما يحصل في ريف حلب الجنوبي اليوم شبيه بما سبق وحصل للحزب في مناطق سورية عدة، كالقلمون والقصير وحمص وغيرها"، على اعتبار أنّ المجموعات لا تعرف طبيعة هذه المناطق وبحاجة إلى الوقت الكافي لكشف تفاصيلها ومخابئها. في حين يعزو آخرون أكثر انسجاماً مع خط الحزب ومشاركته في الحرب السورية، الأسباب إلى كون "مجموعات التكفيريين تخرق الهدنة المتّفق عليها وتقوم بالانقضاض على مقاتلي حزب الله".

مع العلم أنّ حزب الله لم يوقف إطلاق النار في ريف حلب الجنوبي خلال سريان الهدنة الأخيرة المتّفق عليها، بحسب ما يؤكد مسؤولون في المعارضة السورية في بيانات ومواقف متلاحقة. كما يظهر فعلياً أنّ الضربات المستمرة التي يتعرّض لها حزب الله مؤخراً ناتجة بشكل أو بآخر عن غياب الدعم الجوي الروسي أو السوري الذي كان مؤمّناً لهذه المجموعات، أو حتى التزام النظام والقوات الروسية بالهدنة المفروضة تاركين مقاتلي حزب الله يتصارعون مع مصيرهم في الميدان السوري.

كما أنه لا يمكن الفصل بين هذه الخسائر والمعلومات التي سبق وتمّ التداول بها بشأنّ الاشتباك الذي وقع بين الحزب والنظام السوري، والذي تم خلاله استخدام نيران المقاتلات السورية موقعاً العديد من القتلى في صفوف حزب الله. حتى إنّ البيان الصادر عن الأخير لنفي هذه المعلومات لم يتعدّ كونه بياناً اعتيادياً في حالات مماثلة، لجأت خلاله قيادة الحزب إلى اتّهام ناشري هذه المعلومات ومن يتداول بها بـ"عملاء" أجهزة استخبارات محلية وعربية ودولية "تهدف إلى رفع المعنويات البائسة للجماعات المرتبطة بأميركا وبإسرائيل وأدواتها التكفيرية". كما حمل البيان في سياقه محاولة لرفع معنويات مقاتلي الحزب وجمهوره.

لكن الأبرز في هذه التطوّرات الميدانية التي تكبّدها الحزب خلال الأسبوع الأخير، أنّ هذه الخسائر تأتي بعد الاجتماع الثلاثي الذي جمع في طهران وزراء دفاع كل من إيران حسين دهقان، وروسيا سيرغي شويغو، وسورية فهد جاسم الفريج، مطلع شهر يونيو/ حزيران الحالي. مع العلم أنّ مؤشرات ذلك الاجتماع ظهرت في تبنّيه عنوان "التنسيق المشترك لمحاربة الجماعات الإرهابية". لكن الاشتباك الميداني الذي وقع بين الحلفاء والخسائر التي نتجت عن غياب الدعم الجوي، أتت بعد أسبوعين، لتؤكد سقوط الاجتماع الثلاثي في الشكل والمضمون. أولاً من حيث الانعدام الفعلي للتفاهم بين المكوّنات الإقليمية والدولية التي تقود الحرب إلى جانب النظام السوري، لا بل التأكيد على أنّ صراعات النفوذ في الميدان السوري تتعاظم بين الفريقين الروسي والإيراني. ثانياً، إحراز مجموعات المعارضة السورية تقدماً واضحاً في المعارك تحديداً في ريف حلب الجنوبي، حيث باتت قريبة من محاصرة مئات مقاتلي حزب الله والمقاتلين الإيرانيين في هذه المنطقة، في حال تمكّن المعارضون من السيطرة على خلصة ومحيطها.

كما أنّ أولى نتائج اجتماع طهران الثلاثي، بحسب حركة مقاتلي حزب الله في الداخل السوري، كان الاتفاق على تعزيز وجود حضور الحزب ومعه الحضور الإيراني، تمهيداً لموجة المعارك التي يتم التحضير لها في سورية على محاور مختلفة منها حلب والرقة. ما يؤكد أنّ حزب الله مستمر في خوض المعارك السورية غير آبه بالخسائر المختلفة التي يتعرّض لها، وبالخناق الذي يضيق عليه أكان ميدانياً في سورية أو سياسياً في الداخل اللبناني أو حتى مالياً على المستوى العام نتيجة العقوبات الأميركية المصرفية التي بدأت المصارف اللبنانية بتطبيقها. فكل هذا السياق يؤثر بشكل مباشر على جمهور حزب الله والبيئة الحاضنة له لكونها بات مستهدفة فعلياً حتى المستوى المالي والاجتماعي.

وتسير قوافل مقاتلي حزب الله إلى سورية في وجهات مختلفة، وسط انتظار موقف ما سيصدر عن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، والذي من المقرر أن تكون له إطلالة إعلامية يوم الجمعة في 24 يونيو/ حزيران الحالي بمناسبة ذكرى أربعين القائد العسكري الكبير في الحزب، مصطفى بدر الدين، والذي سبق أن قضى على الأرض السورية في تفجير اتّهم حزب الله "المجموعات التكفيرية" بتنفيذه.