موجة الطقس البارد التي تضرب مصر وتستمر حتى الإثنين المقبل، تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. فقد امتدت تأثيرات الأجواء الباردة، من الشلل الاقتصادي والاجتماعي وتعطل خدمات الصرف الصحي وتراكم المياه في شوارع المدن وانقطاع الكهرباء وتفاقم أزمة ارتفاع أسعار الغاز المنزلي، إلى تعثر الأجواء التعليمية وامتحانات الفصل الدراسي الأول.
جانب من المعاناة شهدته محافظة البحيرة، الخميس الماضي، فقد لقي خمسة أشخاص من أسرة واحدة مصرعهم اختناقاً بالكيروسين بسبب التدفئة في قرية كفر الحاجة، بمحافظة البحيرة.
كما غرقت عدة محافظات مصرية في الفوضى مجدداً بسبب الموجة الباردة، وسوء التخطيط الحكومي في مواجهة الأمطار. فيما تقاعست الإدارات المحلية عن رفع المياه المتراكمة في الشوارع، ما اضطر الأهالي إلى استئجار سيارات خاصة للقيام بذلك. وأسهم في تفاقم الأزمة الانقطاع اليومي المتكرر في التيار الكهربائي، مما تسبب في ارتباك شديد في العديد من أنحاء البلاد.
كما أدى تساقط الأمطار إلى توقف حركة الصيد ببحيرة المنزلة المتصلة بقناة السويس، إلى جانب إغلاق تسعة موانئ على البحرين الأحمر والمتوسط، في ظل ارتفاع الأمواج وزيادة سرعة الرياح.
من جهتها، تقول هيئة الأرصاد الجوية المصرية إنّ الطقس غير مستقر، وستنشط الرياح على كافة أنحاء البلاد وقد تصل إلى حد العاصفة.
ويعتبر المتحدث باسم الهيئة وحيد سعودي أنّ موجة البرد سوف تستمر حتى يوم غد الأحد، مع سقوط أمطار. وستصل درجة الحرارة إلى ست درجات مئوية، فيما سترتفع تدريجياً بدءا من الأحد.
وعلى صعيد الأضرار في محافظة سوهاج، يقول البائع المتجول محمد: "الفقراء يعملون بأصابع متجمدة حفاظا على لقمة العيش في أي ظروف". فيما يتمنى أن يجد كشكاً ليبيع فيه مجموعة الخردوات التي يقتات منها هو وعائلته.
هذا، وتسببت العاصفة بارتفاع أسعار الأغطية والبطانيات في محلات بيع المفروشات. ويقول المواطن محمود سعيد لـ "العربي الجديد" من شبرا شمال القاهرة: "ارتفع سعر البطانية 5 كيلو من 350 جنيهاً (49 دولاراً أميركياً) إلى 430 (60 دولاراً) بين يوم وليلة، لشدة الإقبال على شراء المفروشات للوقاية من البرد، بجانب ارتفاع أسعار المدافئ والملابس الصوفية".
كما أشارت وكالة أنباء الشرق الأوسط (رسمية) إلى خسائر كبيرة تعرض لها قطاع الصالات السينمائية المصرية بسبب موجات البرد المتلاحقة. وذلك في ظل الإحجام عن دخول دور العرض بسبب البرد والأتربة والرياح التي تجتاح البلاد بشكل لم يعتده المصريون منذ فترة. وهو ما دفعهم للبقاء في منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
وتقول رانيا (موظفة): "لا أستطيع دخول السينما بسبب البرد القارس الذي لم أر مثله طوال عمري. البرد هذا العام بدأ منذ ستة أشهر ولا يريد أن ينتهي، نحن لا نخرج إلا للضرورة، مثل الذهاب إلى العمل، وشراء الاحتياجات اللازمة لنا فقط".
ويقول فوزي (40 عاماً): "لم ندخل إلى السينما منذ فترة طويلة رغم أنني كنت معتادا أنا وزوجتي على الذهاب إليها لمشاهدة الأفلام التي تعرض لأول مرة. الآن نفضل البقاء في المنزل لبرودة الطقس ولمشاهدة الأفلام عبر التلفزيون".
فيما تجلت الفائدة الأبرز لتلك الموجة الباردة في تخفيف الأعباء الأمنية، بحسب أمين الشرطة حسانين م ع من قسم شرطة الجيزة، الذي يقول لـ "العربي الجديد": "الكثافة المرورية تراجعت بصورة كبيرة، وكذا خلت الشوارع بنسبة كبيرة من المارة والباعة، ما يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس".
كذلك، تعود الأجواء الباردة بالفائدة على أصحاب الصيدليات، بسبب نزلات البرد التي أصابت المواطنين، واضطرارهم لشراء الدواء، بحسب الطبيب أحمد عثمان في الإسماعيلية.
أطفال في وجه العاصفة
في محافظة الفيوم، رصدت "العربي الجديد" هروب أصحاب الورش والمحال التجاريّة من عملهم. هم تركوها للأطفال العمال الذين لجأوا بدورهم إلى الأخشاب للتدفئة، فيما لم يتمكنوا من إغلاقها خوفاً من بطش أصحابها. ويقول الفتى محمد عطية الذي يعمل في ورشة سيارات في المنطقة الصناعيّة: "لا يمكننا الإغلاق. نحن ننتظر الزبائن، إلى حين مجيء صاحب الورشة أو حتى الأسطى".