خسائرك من تهاوي الجنيه

22 أكتوبر 2015
من شركة صرافة في مصر (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
عشرات الملايين من المصريين لا يدركون مخاطر تهاوي قيمة الجنيه على حياتهم المعيشية، وكيف يجرّهم هذا التحرك إلى براثن فقر أكثر عمقا من تلك التي يقبعون فيها منذ عقود، المدهش أن بعض هؤلاء المعدمين يهزّون، إلى الآن، خواصرهم، وأشياء أخرى، على نغمات "بشرة خير"، التي غناها الإماراتي حسين الجسمي.
وبعيدا عن الخوض في المعركة التي دارت بين هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق وبين الحكومة حول الدولار، والتي أطاحت برامز عن كرسيّه أمس الأربعاء، سنحاول في هذه الأسطر، وعلى طريقة الأستاذة عطيات بتاعت الرياضيات، أن نفهم إلى أي مدى يهدد انخفاض قيمة الجنيه أكثر من نصف سكان مصر، وأنت منهم بالطبع طالما أن حِسبة الخسائر استفزتك لحد قراءة هذا المقال الكئيب.
إذا فرضنا أن راتب شخص ما في مطلع عام 2011 كان بحدود 1000 جنيه شهريا بما يعادل (178.6 دولاراً أميركياً بسعر الدولار وقتها)، فإن هذا الدخل حاليا لا يساوي أكثر من (124.5 دولاراً بالسعر الحالي)، هذا يعني أن صاحبنا خسر من راتبه أكثر من 54 دولارا بما يعادل 30% تقريبا.
تستورد مصر أكثر من 70% من احتياجاتها من الخارج (الشراء يكون بالدولار)، والـ 30% المتبقية يتم إنتاجها محليا، ما يعني أن كل شخص يشتري 70% من احتياجاته بالدولار الأميركي وليس بالجنيه المصري، فحقيقة الدور الذي يقوم به الجنيه المصري في عملية الشراء التي تُجريها أنت يوميا، هو أنه مجرد غلاف أصفر مهترئ للعملة الأميركية الخضراء.
وكلما انخفضت قيمة الجنيه احتجت كمية أكبر منه لتغليف الدولار، فسعر القميص المستورد من الصين البالغ 10 دولارات كنت تشتريه قبل تهاوي عملتك المحلية قبل أربع سنوات، بحدود 56 جنيها، أما الآن فالعشر دولارات تعادل نحو 81 جنيها، إذا سعر القميص لم يتغير فعليا لأنه مرتبط بالدولار، ولكن الذي تغير هو سعر الجنيه.
الأزمة الأكبر هي أن الـ 30% من المنتجات المحلية التي لا يتم شراؤها بالدولار تتأثر هي الأخرى بانخفاض الجنيه، نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات والمواد الأولية التي يعتمد عليها الإنتاج المحلي يتم شراؤها بالدولار أيضا، فالزراعة مثلا تعتمد على أسمدة مستورة بالدولار ووقود للري مستورد بالدولار، وأيد عاملة ترتفع أجورها لتتماشى مع تضخم الأسعار الذي تسبب فيه ارتفاع سعر الدولار.
وتتضح خسائرك من الدولار كلما كانت الجهة التي توظفك تتجاهل انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، وهذا للأسف ما يعانيه ما يربو على 18 مليون عامل وموظف في القطاع الخاص، فضلا عن الستة ملايين الآخرين العاملين في الحكومة.

اقرأ أيضا: تهاوي الجنيه يطيح بمحافظ البنك المركزي المصري
المساهمون