يُعاني خرّيجو محافظة شمال سيناء من جرّاء البطالة، حالهم حال الحرفيّين، بعدما أُعطيت حصصهم من تعيينات وزارة التربية والتعليم المصرية لمصلحة خرّيجي محافظات أخرى، وسط تجاهل الجهات الحكومية ونواب سيناء لهذه الأزمة. وبدأ خريجون في سيناء الاحتجاج، مطالبين بحقوقهم الضائعة، بسبب سياسة الحكومة الحالية تجاه أهالي سيناء.
يوسف أحمد، أحد الخرّيجين في مدينة العريش، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "خرّيجي سيناء لا يحصلون على الاهتمام اللازم من قبل الجهات الحكومية، ولو بالحدّ الأدنى المتمثّل في مسابقات التعيينات التي تُجرى سنوياً. وما من أفضلية لأبناء سيناء، على الرغم من أنّ العجز الذي يجب سدّه في هذه المسابقات يقع في داخل حدود المحافظة. بالتالي، فإنّ أبناء المحافظة أَولى بهذه الوظائف الحكومية". يضيف أنّ "تجاهل خرّيجي سيناء ما زال مستمراً في المسابقات الحكومية منذ سنوات، من دون أيّ اعتبار للظروف الخاصة التي يعيشونها، في ظلّ قلة فرص العمل الناتجة عن العمليات العسكرية للجيش منذ خمس سنوات".
ويتابع أحمد أنّه "تمّ الإعلان عن مسابقة لتعيين 500 مدرّس في محافظة شمال سيناء، بتاريخ الخامس من يوليو/حزيران من عام 2017، وحدّدت الفئة المطلوبة بخرّيجي عام 2014 فقط. وحين توجّه خرّيجو عام 2015 و2016 إلى مديرية التربية والتعليم في أثناء التقديم للمسابقة مطالبين بفتح باب التسجيل، كان الردّ أنّه في حال وقوع عجز في العدد المتقدم للمسابقة، سوف يفتح المجال أمام خريجي السنوات اللاحقة لعام 2014. وبعد الإعلان عن النتيجة النهائية، في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، سُجّل عجز بنسبة تتعدى 60 في المائة، أي أنّه تمّ قبول 178 متقدماً من أصل 500، لعدم توفّر العدد اللازم من المتقدّمين للتخصصات المطلوبة من خرّيجي عام 2014". ويشير أحمد إلى أنّه "في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أُعلن عن مسابقة لـ237 مدرساً ومتخصصاً، استكمالاً لمسابقة 500 معلّم (85 معلم تربية رياضية ورياض أطفال، و237 معلماً ومتخصصاً، و178 تمّ قبولهم مسبقاً). وكانت المفاجأة عدم وضع شرط الأولوية لأبناء سيناء، علماً أنّ ثمّة عدداً كبيراً منهم تخرّج في عامَي 2015 و2016، ويمكن لهؤلاء تغطية نصف العجز، على أقلّ تقدير. وهذا ما دفعهم إلى بدء الاحتجاج على هذا التجاهل، والاستعانة بخريجي المحافظات الأخرى، وتجاهل أبناء المحافظة الذين يعانون أزمة البطالة منذ سنوات".
تجدر الإشارة إلى أنّ محافظة شمال سيناء تُعاني بطالة عامة تشمل كل الحرف التي كانت نشطة فيها، بسبب العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرّة منذ خمس سنوات. في السياق، تضرّر المزارعون بعد تجريف آلاف الدونمات الزراعية في كل المناطق، وتوقّف الصيد في بحيرة البردويل التي تُعدّ أساس موسم صيد السمك في سيناء، عدا عن توقّف حركة التجارة الداخلية في المحافظة بشكل شبه تام. وغابت أسواق مدينتَي رفح والشيخ زويد في ظلّ الإغلاق الشامل لهما. واليوم، يُضاف الخرّيجون إلى قائمة البطالة الطويلة في سيناء.
يقول مسؤول حكومي في المحافظة لـ"العربي الجديد" إنّ "الإهمال الذي يُطاول سيناء لا ينحصر في الخرّيجين وحدهم، بل يشمل معظم السكان. وهذه حقيقة لا يمكن لأيّ طرف إنكارها. ولا تتوقّف شكاوى المواطنين على سوء الأحوال في المحافظة، على الرغم من الحديث الإعلامي عن تحسّن أوضاع المواطنين فيها، والتحسن الأمني الملحوظ في مدينة العريش، التي تُعَدّ عاصمة للمحافظة. لكنّ المسؤولين لا يكترثون لمناشدات المواطنين، خصوصاً أصحاب الحرف المعطلة، بسبب العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرة". يضيف المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته، أنّه "يفترض الاهتمام بشريحة الخرّيجين بصورة خاصة، في ظلّ توفّر فرص عمل لهم في السلك الحكومي. لكنّ هذا الاهتمام ما زال غائباً، وسط ضعف تمثيل المحافظة أمام الوزارات المعنيّة في القاهرة، أي أنّ حصة أبناء سيناء من الوظائف الحكومية ما زالت ضئيلة، ويجري تعيين من هم ضيوف على المحافظة موظفين في الحكومة التي تشهد عجزاً بين الحين والآخر، بينما لا يحصل أبناء سيناء على نصيبهم، وهم الأحق بهذه الوظائف".
ويبيّن المسؤول نفسه أنّ "محافظة شمال سيناء مليئة بالخرّيجين من تخصّصات مختلفة، وقد حصل كثير من أبنائها على درجات امتياز من الكليات والجامعات المختلفة، سواء تلك الواقعة في داخل سيناء أو خارجها، ما يستدعي اهتماماً حكومياً بهؤلاء الذين يتزايد عددهم مع مرور السنوات. وفي حال لم يحصل ذلك، فإنّ المحافظة سوف تشهد هجرة عقول نحو القاهرة، ما قد يؤثّر على التعليم في المحافظة ويحبط الطلاب في الكليات والجامعات". ويؤكد أنّ "قلق المواطنين في سيناء أمر مشروع، إذ إنّ تجاهل خرّيجي المحافظة يضاف إلى فصول مسلسل التهجير الذي بدأ يتوسع في مدينة العريش من خلال القوانين الحكومية، لتلحق مدينتَي رفح والشيخ زويد".
وفي الآونة الأخيرة، بدأ خريجو سيناء بحراك ضاغط على الجهات الحكومية، بهدف متابعة ملفاتهم والحصول على الوظائف التي يستحقونها في حال توفّرها، وإعطائهم الأولوية في المسابقات الحكومية. كذلك أرسلوا طلباً إلى المحافظ اللواء محمد شوشة لمتابعة ملفهم في إطار الشكاوى المتزايدة، على أمل أن يجري الاهتمام بهم في المرحلة المقبلة. لكنّهم يشعرون بالقلق من أن تضاف ملفاتهم إلى تلك المهملة في المحافظة منذ سنوات.