خريجو معاهد الطفولة في تونس بلا عمل

09 مارس 2016
تحرّكات احتجاجية مستمرة منذ شهرين (العربي الجديد)
+ الخط -
منذ أكثر من شهرين، ينفّذ خرّيجون من معاهد الشباب والطفولة تحرّكات احتجاجية، خصوصاً في العاصمة، مطالبين بالتشغيل، لا سيما بعد وقف الانتداب (التوظيف) في صفوفهم منذ عام 2012. ويصرّ بعض من هؤلاء الشباب البالغ عددهم 18 عاطلاً من العمل، على تحقيق مطالبهم والضغط على الوزارة لفتح باب الانتداب من جديد. لذا، منذ أكثر من أسبوعين، يفترش هؤلاء الأرض أمام وزارة شؤون المرأة التي أطلق عليها في الحكومة الأخيرة اسم وزارة المرأة والأسرة والطفولة، لإيجاد حلّ لقضيتهم.

تخضع شؤون الشباب والطفولة إلى إشراف وزارة المرأة والأسرة والطفولة التي سبق أن أشار المعنيّون فيها أكثر من مرّة، إلى أنّ ميزانيتها لا تسمح بانتدابات جديدة. لكن خريجي معاهد الطفولة يطالبون بضرورة فتح باب التشغيل من جديد على أساس معايير سنوات البطالة والسن والأقدمية كمقياس أساسي للانتداب، رافضين مقترح الوزارة اعتماد مبدأ الانتداب عن طريق المناظرات. يُذكر أن عدد الخريجين من المربين يصل إلى نحو 225 مربياً عاطلاً من العمل، إلى جانب 1500 حاصلين على شهادة الأستاذية في شؤون الشباب وطفولة أو على إجازة تطبيقية في تربية الطفولة.

على إثر احتجاجات أهل الاختصاص المتواصلة، أعلنت الوزارة عن قبولها انتداب 50 مربياً و50 أستاذاً فقط خلال هذا العام، نظراً لعدم القدرة على استيعاب كل الخريجين والقدرة على توفير شغل لهم. لكن المحتجين رأوا هذا العدد ضئيلاً بالمقارنة مع أعداد العاطلين من العمل الذين ينتظرون انتدابهم في مراكز الطفولة والمراكز المندمجة للشباب والطفولة والنوادي الثقافية وغيرها من المراكز التابعة للوزارة. وما زاد من حدّة احتقان المعتصمين مطالبة الوزارة بإرفاق المرشحين للوظائف، بطاقة الأعداد لجميع سنوات الدراسة وليس السنة الأخيرية فقط. كذلك، فإنّ الشهادة المطلوبة لم تكن محدّدة بدقة، ودلّت على أنّ مجال المناظرة مفتوح لغير خرّيجي المعهد العالي لإطارات الطفولة.

أشرف شوشان من المعتصمين أمام الوزارة، وهو خريج معهد الطفولة منذ عام 2008، يقول إنّ تحرّكاتهم انطلقت في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، لكن رفض الوزارة لمطالبهم دفعهم إلى الاعتصام أمام مقر الوزارة والتمسك بحقّهم في التشغيل. ويخبر أنّ "وزيرة المرأة الدكتورة سميرة مرعي فريعة تحججت بعدم توفر ميزانية كافية لتشغيل كل هذا العدد، ونصحتنا بإنشاء مشاريع خاصة متمثلة في فتح رياض للأطفال"، لافتاً إلى أنّ "فتح رياض أطفال لن يؤدي إلا إلى الإفلاس، خصوصاً بعد انتشار الرياض العشوائية".

ويتحدّث شوشان عن 20 مليار دينار تونسي (نحو 10 مليارات دولار أميركي) خصصتها الوزارة لصالح الجمعيات الناشطة في مجال الطفولة، قائلاً إنّ "الأجدر هو تخصيص كل تلك الأموال لتشغيل خريجي معاهد الطفولة وليس توزيعها على جمعيات قد لا تتحكم في التصرف فيها أو تصرفها في مجالات لا تخدم الطفولة". ويضيف أنّ "أكثر تلك الجمعيات تصرف الأموال فقط في برامج غنائية وترفيهية ينظمها مغنون وممثلون، ولا تخصص برامج تثقيفية هادفة يشرف عليها خريجو معاهد الطفولة".

ويشدّد شوشان على أنّهم لن يقطعوا اعتصامهم إلا بعد تحقيق مطالبهم بإعادة فتح باب الانتدابات عبر اعتماد معيار الأقدمية في التخرّج، وقبول عدد كبير، وإعادة فتح مراكز إدماج عديدة (سبق أن أغلقتها الوزارة) لتشغيل أكبر عدد منهم.

من جهته، يساند إسكندر، وهو طالب في معهد للطفولة، التحركات الاحتجاجية، لا سيما أنّه يعدّ "مجال الطفولة مهمشاً بشكل كبير في تونس، خصوصاً بعد إغلاق مراكز إدماج عديدة كانت توفر ملجأ لفاقدي السند والمشردين". ويضيف أنّ "عدد خريجي معاهد الطفولة ليس بالكبير، بالتالي لن يصعب التعامل معه. ومن خلال إعادة فتح تلك المراكز والعمل المشترك مع وزارة العدل وتمكين خريجي معاهد الطفولة من العمل في السجون ومراكز توقيف الأطفال، من شأن أزمة بطالتهم أن تخفّ بشكل كبير".

ويشير إسكندر إلى أنّ "الوزيرة طالبت الشباب المحتجين بالانخراط في العمل من ضمن الجمعيات الناشطة في مجال الطفولة. لكن ذلك لن يحل أزمة البطالة، خصوصاً أنّ العمل فيها تطوّعي، فيما الوزارة مصرة على حلول مؤقتة".

في السياق نفسه، يقول الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل سالم العياري: "بعد ثلاث جلسات عمل متتالية مع الوزيرة، بقيت مصرة على تأجيل الانتدابات إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، متمسكة بعدم النقاش في معايير الانتداب وشروطه". ويؤكد العياري أنّ "الاتحاد والمحتجين متمسكون بضرورة الشفافية في التشغيل والترفيع في عدد المنتدبين، خصوصاً أنّ قطاع الطفولة يشهد صعوبات عدّة، لا سيما مع انتشار الرياض العشوائية التي يشتغل فيها غير المؤهلين".

تجدر الإشارة إلى أنّ منظمات وجمعيات عديدة ساندت التحرك الاحتجاجي من قبيل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مدافعة عن حرية التعبير والتظاهر السلمي. كذلك جدّدت دفاعها عن حق التشغيل والتنمية، مؤكدة على ضرورة فتح حوار سريع وفعال بين الحكومة والمحتجين لتحديد الأولويات.

اقرأ أيضاً: جامعيو تونس.. أمل بالمستقبل ومخاوف من البطالة
المساهمون