تكررت عمليات الاغتيال في ريف حمص الشمالي، الذي يخضع معظمه لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، وحدث أكبرها أمس الأربعاء، ما يشير إلى وجود خرق أمني كبير في المنطقة.
وقُتل إثر استهداف الطيران الحربي التابع لنظام الأسد أربعة ضباط من "الجيش السوري الحر"، وجُرح العشرات منهم في ريف حمص الشمالي، بعد غارات وُصفت ضرباتها بـ"الدقيقة والمقصودة".
وأعلن "فيلق حمص" عن مقتل المستشار العسكري لقائد الفيلق وقائد الجبهة الشرقية في ريف حمص، العميد محمود أيوب، إضافة إلى رئيس قسم التخطيط، العقيد الركن شوقي أيوب، والمقدم فيصل عوض، رئيس قسم الإشارة في الفيلق.
الضابطان شوقي أيوب وفيصل العوض، قتلا خلال قيامهما بجولة استطلاعية على إحدى جبهات ريف حمص الشمالي بغارة جوية من طيران نظام الأسد، بينما قتل العميد الركن محمود أيوب، إثر غارة من الطيران نفسه استهدفت جنازة الضابطين.
وقضى خلال استهداف الجنازة، الملازم حازم الأشتر، وهو من القادة الميدانيين في "حركة تحرير الوطن"، التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، وجرح عدد آخر من الضباط والمدنيين.
وكان قياديّان في "فيلق حمص" قد تعرضا، منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لمحاولة اغتيال فاشلة، واتهم الفيلق "خلايا نائمة" تعمل لصالح "داعش" ونظام الأسد بمحاولة تنفيذ عمليتي الاغتيال.
وفي هذا السياق، قال مدير المكتب الإعلامي في "فيلق حمص"، عامر الناصر، لـ"العربي الجديد"، إنّ الضابطين شوقي أيوب وفيصل العوض، تعرضا لكمين محكم من قبل قوات نظام الأسد، حين كانا يقومان بمهمة استطلاع داخل الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام في المنطقة الشرقية من ريف حمص الشمالي.
ووفقاً للمعلومات التي يمتلكها الناصر، فإن "خلايا نائمة تابعة للنظام" كانت ترصد مسبقاً حركة الضابطين، مشيراً إلى وجود طائرة بدون طيار كانت فوق المنطقة أثناء قيامهما بعملية الاستطلاع، حيث تم رصدهما وتوجيه الإحداثيات للطائرة التي نفذت الضربة بدقة عالية، داخل الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام.
ولفت المتحدث ذاته إلى أنّ الضربة أوقفت عملية عسكرية كانت على وشك الانطلاق ضد مواقع النظام في جبهات بلدة عيون حسين في القطاع الشرقي من ريف حمص الشمالي. وأكد أنّ "العملية كانت أشبه بعملية اغتيال، حيث أن النظام كان على علم مسبق بحركة الضباط، نتيجة معلومات تلقاها من قبل "خلايا نائمة" تعمل لصالحه. أما عمليات الاغتيال السابقة، فكانت عن طريق استخدام أسلحة مكتومة الصوت، وغالباً هي خلايا تتبع لتنظيم "داعش"، الذي نعتبره الوجه الآخر للنظام".
ووفقاً للناصر، فقد قُتل الضابطان أيوب والأشتر، إثر غارة أخرى استهدفت مكان جنازة الضابطين قرب مسجد في مدينة الرستن، مؤكداً أنّ المراصد التابعة لـ"الجيش الحر" حذرت المتواجدين في المكان، لكن "جهاز اللاسلكي في المنطقة لم يعمل".
بدوره، قال الناطق باسم "حركة تحرير الوطن"، صهيب العلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الغارات التي نفذها طيران النظام كانت مقصودة ودقيقة وليست مصادفة، مبيّناً أنّ "دقة الغارتين تشير إلى وجود خلايا، سرّبت للنظام معلومات وإحداثيات دقيقة".
واتهم العلي روسيا ونظام الأسد باستهداف الجنازة بقصد "تحقيق نصر كبير"، لعلمهم بوجود "أكثر من 200 ضابط من "الجيش السوري الحر". وأشار إلى أنّ "الخلايا التابعة لنظام الأسد سربت الإحداثيات عن طريق أجهزة أدخلتها سابقاً إلى الريف الشمالي عبر مساعدات الأمم المتحدة، التي دخلت الريف عن طريق النظام".
كما أكد "وجود خرق أمني كبير" في ريف حمص الشمالي، خاصة بعد فتح معبر عبر بلدتي الدار الكبيرة والخالدية إلى مدينة حمص بالاتفاق مع النظام، موضحاً أنّ "حركة تحرير الوطن" ألقت القبض على خلية مكونة من 3 أشخاص، وسلمتهم للمحكمة الشرعية في ريف حمص، وكانت مهمتهم نقل الإحداثيات للطيران الحربي وتصليحها".
وشهدت منطقة ريف حمص الشمالي، التي تسيطر على أجزاء واسعة منها فصائل "الجيش السوري الحر" وفصائل معارضة أخرى، عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال عدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، استهدفت قيادات عسكرية ومدنية ودينية.
وأوضح الناطق باسم "حركة تحرير الوطن" أن كل عمليات الاغتيال تقف وراءها الخلايا ذاتها التي سرّبت المعلومات للنظام من أجل العملية الأخيرة، مؤكداً أنها تعد من أكبر عمليات الاغتيال في الريف الشمالي.
ووقعت في سورية عمليات اغتيال استهدفت قادة أكبر الفصائل المقاتلة ضد نظام الأسد، طاولت في التاسع من سبتمبر/أيلول عام 2014 أكثر من أربعين قيادياً من قادة الصف الأول في "حركة أحرار الشام" الإسلامية خلال اجتماع لهم في محافظة إدلب. كما طاولت في الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأوَّل 2015 قائد "جيش الإسلام"، الشيخ زهران علوش، في حين قتل عبد القادر الصالح يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بعد إصابته إثر قصف جوي استهدف اجتماعًا لقادة "لواء التوحيد" في مدرسة المشاة بمدينة حلب.