يجدر التنبيه إلى أن جزءاً من الأمراض/ الأوهام/ الخرافات الحديثة هو الاعتقاد بأن المدنية الأوروبية هي امتداد للحضارة العربية الإسلامية والتي كانت امتدادا لحضارات سبقتها.
نتمنى لو كان الحال كذلك، لكان حال عالم اليوم أفضل بكثير. كانت المدنية الأوروبية في الحقيقة شرخا في تفاعل الحضارات، وتشويها واحتقارا لها، إذ كان جلّ همّها واهتمامها البرهنة على أنها مدنية فاقت كل ما سبقها من حضارات، واستعملت أسلوبا حقيرا لنشر هذه الخرافة: استعدادها لمساعدة الشعوب خارج أوروبا لتسير مسار أوروبا في تقدمها! ونحن احتضنّا هذه الخدعة بسذاجة.
جدير بالذكر لنا خاصة، أن أول تخريب قامت به أوروبا في هذا المضمار كان استبدال المسيح الفلسطيني ذي رسالة المحبة إلى مسيح بمثابة إمبراطور روماني تلخّصت رسالته في كراهية وحروب.
هذا ما حصل أيضا للرياضيات والعلوم إذ حوّلتها أوروبا من معارف تهدف إلى التعلّم والفهم والعدل والعيش وفق الطبيعة إلى أدوات قهر وإخضاع، على حد تعبير أبو العلم الحديث "بيكن".
جوهر المعرفة قبل أوروبا كان السعي نحو الحكمة؛ أصبح في أوروبا إخضاعا وقهرا وتركيعا للطبيعة، بالتصميم!
نعيش اليوم عواقب هذا الإدراك المدمّر على أصعدة شتى.
* كاتب وتربوي فلسطيني