ختان الفتيات في مصر... عجوز قبيحة وموسى وبصلة وبركة دماء

06 فبراير 2018
ختان الفتيات مستمر رغم تجريمه (تويتر)
+ الخط -

ما زالت فاطمة تتذكر تفاصيل ختانها بالكامل. لم تغب عن بالها ملامح العجوز القبيحة التي ختنتها. تتذكر المرأة الأربعينية يوم أخذتها جدتها إلى بيت فلاحة في القرية، وصفت شكلها بأنه "كان قبيحاً جدًا"، لا تدري إن كان فزعها ورعبها من الموقف جعلها تراه الأقبح في نظرها.

قالت: "أجلستني على الأرض. لفت قدميها حولي لتحكم إمساكي وتشل حركتي تمامًا. فتحت موسى حلاقة وكسرته، وتركتني بجرح كبير ومؤلم لن أنسى ألمه ولا كمية الدماء التي سالت مني. كانت بجوارها بصلة، قسمتها لنصفين، كبست بها الجرح، بينما كنت أصرخ حتى فقدت إحساسي بصوتي وبالزمان والمكان".

كانت فاطمة (اسم مستعار)، ابنه 11 عامًا عندما أُخضعت للختان بحجة "التعفف والحفاظ على البنت من الشهوة الجنسية"، على حد قولها، لكنها تؤكد وهي الآن زوجة وأم لابنتين، أنها تعيش حياة مفعمة بالنشوة مع زوجها، ولم تشعر يومًا ببرودة مشاعرها وفطرتها الجنسية. لم تُخضع فاطمة ابنتيها لتلك العادة المجتمعية التي تنتشر في الريف والصعيد.

بحسب مقرر المجلس القومي للسكان، طارق توفيق، فإن نسبة ختان الإناث في الريف القبلي تصل إلى 98 في المائة، في حين تبلغ في ريف وجه بحري 91 في المائة. أما نسبة ختان السيدات من 35 عامًا وحتى 45 عامًا فتصل إلى 91 في المائة، وتقل لدى الأصغر سناً مسجلة 60 في المائة.

وبحسب تقرير المسح السكاني الأخير الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، فإن نسبة الختان بين الإناث وصلت إلى 74.4 في المائة في مصر، وأن 82 في المائة ممن يجرون هذه الجريمة هم من الأطباء.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدرت وزارة الصحة المصرية، منشورًا للتوعية بجرائم ختان الإناث يركز على ضرورة أن "تقوم كل القطاعات بإخطار العاملين بالبرامج والمنشآت الصحية التابعة لها بشكل رسمي بنص القانون 78 لسنة 2016، الذي غلظ العقوبات على جرائم ختان الإناث وتشديد الرقابة لمنع إجرائها داخل المنشآت الطبية".

وشمل المنشور: "إدماج نص القانون الذي يجرم ختان الإناث وكل ما يتعلق بالآثار السلبية الناتجة عن هذا الإجراء في جميع مناهج البرامج التدريبية، التي تستهدف الأطباء والتمريض والمثقفين الصحيين والرائدات الريفيات العاملين بجميع المنشآت الصحية التابعة للوزارة، وكذلك في مناهج ومعاهد ومدارس التمريض وتدريبهم".

حملة ضد ختان الفتيات في مصر(تويتر) 




رغم تغليظ عقوبة الختان وفق القانون، إلا أن آليات التطبيق ما زالت غائبة، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي أكدت أن التعديلات القانونية لمادة ختان الإناث بقانون العقوبات تعد تطورًا إيجابيًا لكن آليات التطبيق غائبة، والتعديلات تمنح فرصًا أعلى للأطباء للإفلات من العقاب.

وأُقر عدد من التعديلات القانونية الأخيرة على مادة قانون العقوبات الخاصة بختان الإناث، بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016 الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 26 سبتمبر/أيلول 2016، ليصبح نص المادة 242 مكرر من قانون العقوبات كالتالي "مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات كل من قام بختان لأنثى بأن أزال أيًّا من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي. وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت".

عملية تشويه تودي بحياة بعض الفتيات(تويتر) 


كما استحدثت مادة جديدة رقم 242 مكرر (أ)، نصها كالتالي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه في المادة 242 مكرر من هذا القانون".

لكن المبادرة المصرية ترى أن أغلب التعديلات اعتمدت على فلسفة تغليظ العقوبات فزادت عقوبة مرتكب الختان الأصلي سواء كان طبيبًا أو عاملًا بالمجال الطبي أو داية أو غيرها، وعلى الرغم من أن تغليظ العقوبات في حد ذاته أثبت مرارًا فشله كفلسفة عقابية في الجرائم التي تُرتكب ضد النساء عمومًا. ولفتت كذلك إلى أن تحويل جريمة الختان إلى جناية بدلًا من جنحة سيسمح بمد حق الإبلاغ عن جرائم الختان وتعقب الأطباء المجرمين ليصل إلى عشر سنوات بدلًا من ثلاث، ما يعطي الفرصة للفتيات للإبلاغ بعد وقوع الجريمة بسنوات عندما يصبحن أكثر وعيًا بما مررن به.
المساهمون