خبراء يحذرون من إفراط المغرب في الاستدانة

15 ديسمبر 2015
محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري (فرانس برس)
+ الخط -


لم يفض التفاؤل الذي تعبر عنه الحكومة المغربية، إلى استئصال القلق الذي يعبر عنه كثير من المراقبين بشأن المستوى الذي بلغته الديون العامة، فقد تضاعفت تقريبا في غضون سبع سنوات. هذا ما أكده المركز المغربي للظرفية، الذي دق ناقوس الخطر حول المديونية، التي يعتقد أن الإفراط فيها، يمكن أن يحول دون التحكم بها في المستقبل.

وحذر المركز المغربي للظرفية، الذي يرأسه الاقتصادي المغربي الحبيب المالكي، في آخر تقرير له، من الانفلاتات الناجمة عن تراكم عجز الموازنة، مشددا على ضرورة رصد النفقات العامة نحو تشجيع الأنشطة الإنتاجية لتعزيز الإيرادات.

ولاحظ المركز المستقل الذي دأب على الإدلاء بتوقعاته حول أداء الاقتصاد المغربي، أن معدل مديونية الخزينة العامة للدولة انتقل من 61.5% إلى 63.4% بين 2013 و2014، بينما كان هذا المعدل لا يتعدى 45.4% قبل ثمانية أعوام. وهو ما يدفع المركز إلى التأكيد على أن السلطات العمومية، يجب أن تكون أكثر حرصا من أجل تجنب صعوبات يمكن أن تكلف البلد كثيرا.

وسجل المركز، أن الدين العمومي بشقيه الخارجي والداخلي، يواصل الارتفاع في العقد الأخير، حيث انتقل من حوالي 39 مليار دولار في 2007 إلى أكثر من 72 مليار دولار في العام الماضي، حيث سجل زيادة سنوية تصل إلى 9.3%.

ويؤكد على أن وزن الدين العمومي يمثل 78 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في 2014، بزيادة بنحو 18 نقطة قياسا بمستوى 2007، ما يجعله يساوي ثلاثة أضعاف الموارد العادية لخزينة الدولة.

وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط، المؤسسة الرسمية التي تنتج البيانات حول اقتصاد المملكة، في مناسبة سابقة، أن تصل المديونية العمومية إلى 79.6% العام الحالي و81.2% في العام المقبل، وهو ما دفع المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، إلى التنبيه إلى دق ناقوس الخطر قبل يومين.

وسبق للمركز المغربي للظرفية، أن نبه إلى أن البطالة والمديونية أهم نقطتي ضعف في حصيلة الحكومة الحالية، وحذر من الاستسلام للحل السهل، المتمثل في اللجوء للسوق الدولية من أجل الاقتراض كي تغطي احتياجات التمويل في الأعوام المقبلة.

اقرأ أيضاً: ارتفاع الدين الخارجي للمغرب بوتيرة متسارعة

وكان المندوب السامي للتخطيط بالمغرب، توقع أن تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من الخارج في العام المقبل، في سياق ترقب تراجع النمو الاقتصادي إلى 2.6%، معتبرا أن المغرب دخل في المنطقة الحمراء على مستوى المديونية.

ويعتبر البنك المركزي أن تثبيت الدين العمومي متوقع على المدى القصير، بل إنه يتصور أنه يمكن خفضه في أفق العامين المقبلين. في الوقت نفسه الذي تتوقع وزارة الاقتصاد والمالية التحكم في الدين العمومي بالمغرب اعتبارا من العامل المقبل، في سياق ضبط التوازنات المالية.

وترى جمعية أطاك بالمغرب، التي ترفع شعار أن "لا تنمية بدون إلغاء المديونية" أن "الديون الخارجية تثقل ميزانية الدولة، وتعوق الاستثمار، وتؤدي إلى تقليص الميزانيات الاجتماعية بشكل حاد وتعمق برامج التقويم الهيكلي".

ويشير اقتصاديون مغاربة إلى أن الحديث عن التحكم في الدين العمومي، محض إعلان نوايا طيبة، على اعتبار أن أي سعي لزيادة في الإنفاق سيفضى إلى الإمعان في الاستدانة في ظل عدم عمل الحكومة على تنمية مواردها، في سياق باللامساواة الجبائىة، خاصة أن المساهمة الأكبر في المجهود الجبائى للدولة تأتي، حسب ما دأب الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبى، على التنبيه إليه، من الأجراء والمستهلكين وعدد قليل من الشركات.

وفي مايو/أيار الماضي، حثّ المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب، الحكومة التي يترأسها عبد الإله بنكيران، على ضرورة الحذر من ارتفاع الدين العام، سواء المباشر للخزانة العامة للمملكة أو ديون القطاع العام أو أية ديون أخرى تضمنها الحكومة، وذلك بعدما دقت المعارضة في مجلس النواب المغربي، ناقوس الخطر حول المديونية العامة.

وقال إدريس جطو، رئيس المجلس، الذي يعتبر بمثابة المحكمة المالية للدولة، إلى أن ارتفاع الدين العام من حوالى 70.3 مليار دولار في 2013 إلى حوالى 77.1 مليار دولار في العام الماضي 2014، بما يمثل 81% من الناتج الإجمالي المحلي.

وتقول برلمانيون معارضون للحكومة، إن المغرب عرف في الأعوام الأخيرة، إشكالات كبيرة على مستوى التدبير المالي العام، أدى إلى تفاقم عجز الموازنة وارتفاع المديونية بشكل مطرد وضعف القدرات الاستثمارية الحكومية، بفعل تراجع قدرة الموارد العادية على تغطية النفقات الجارية ونفقات الاستثمار.



اقرأ أيضاً:
ثلث الأسر المغربية تقترض لمواجهة مصاريفها
ديون المغرب تدخل "المنطقة الحمراء"

دلالات