حذّر محللون اقتصاديون ليبيون من ارتفاع جديد في سعر الدولار في السوق الموازية، نتيجة سير إجراءات المصارف في بيع العملة الصعبة ببطء وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وقالوا لـ "العربي الجديد" إن الإنفاق غير المنضبط في ليبيا من أبرز المؤثرات السلبية على استقرار مؤشرات المالية العامة وعلى سوق العملة في البلاد.
وأظهرت بيانات نشرها مصرف ليبيا المركزي، ارتفاع حجم الإنفاق المالي خلال الستة أشهر الأولى من العام 2019، إلى 17.9 مليار دينار (12.7 مليار دولار)، من حجم الإيرادات المقدرة وفق الترتيبات المالية خلال الفترة نفسها بقيمة 26.4 مليار دينار. وأوضح المركزي في بيانه أن إجمالي الإيرادات النفطية والسيادية بلغ 15.4 مليار دينار، إضافة إلى 11 مليار دينار إيرادات رسوم مبيعات النقد الأجنبي.
وقال المحلل المالي سليمان الشحومي لـ "العربي الجديد"، إن الإنفاق غير المنضبط يعد من المشكلات الكبرى، ويلفت إلى أن التقرير يشير إلى الإنفاق الذي استلم البنك المركزي بياناته، وهي تحتاج إلى مطابقة مع أرقام وزارة المالية حتى تتضح الصورة أكثر.
بدوره، أشار المحلل الاقتصادي محسن دريجة إلى أن بيانات بنك ليبيا المركزي عن الإنفاق خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام تؤكد ضرورة إعادة النظر في إدارة الاقتصاد بشكل عاجل. وخلال حديثه مع "العربي الجديد"، أوضح أن بيانات الربع الأول عكست تدنياً في الطلب على العملة الصعبة للأغراض الشخصية المضاف إليها رسوم بيع العملة. وكان واضحاً أن سعر 3.90 دنانير للدولار ليس مشجعاً على الإنفاق.
وقال دريجة إن مقارنة متوسط المرتبات وفق سعر الصرف، تبين أنه لا يمكن للمواطن شراء أكثر من 100 دولار في الشهر. واعتبر أن هذا انعكاس للوضع الاقتصادي الصعب، الذي يطاول محدودي ومتوسطي الدخل في آن. وشرح أن من لديه مدخرات بـ100 ألف دينار، تراجعت قيمتها إلى ما دون 25 ألف دولار، وبالكاد تكفي لشراء سيارة عادية.
وأضاف أن التأخير في تنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادي قد ينسف التحسن الطفيف الذي شهدته الأسعار، بعدما بدأت أول خطوة في برنامج الإصلاح عبر وضع رسوم على بيع العملة. وتابع أن خفض عرض النقود بالقدر المطلوب، بسبب بيع ثلثي العملة الصعبة بالسعر الرسمي، من دون تحصيل رسوم عليها، وكذا استخدام عائدات الرسوم في الإنفاق الحكومي، يجعل سعر الدولار عرضة للارتفاع، خاصة عندما تكون إجراءات المصارف في بيع العملة بطيئة.
من ناحيته، اعتبر المحلل المالي نجمي بن شعبان أن المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا كانا يهدفان إلى تحصيل الإيرادات للخزانة العامة لزيادة الإنفاق العام للدولة، أما رفاهية المواطن ورفع مستوى معيشته وكبح التضخم ومحاربة البطالة، فتلك مشكلات اقتصادية متروكة بلا حلول.
في حين شدد الباحث الاقتصادي علي سعيد، على أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يسير بشكل جيد رغم الحرب والتضخم. ولفت إلى أن الاقتصاد الليبي يحتاج إلى حزمة من القرارات الجريئة لتحسين مؤشراته.
وارتفع سعر الدولار في السوق الموازية خلال السنوات السابقة إلى معدلات قياسية، ووصل سعره إلى 9.5 دنانير مقابل الدولار الواحد، ومن ثم واصل الانخفاض عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى 4.5 دنانير مقابل وذلك عبر فرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي بنسبة 183 في المائة في نهاية 2018.