خان صاصي… الوجه العريق لمدينة صيدا

13 ابريل 2017
استغرقت عملية ترميم وصيانة القصر خمس سنوات (العربي الجديد)
+ الخط -
تُعتبَر مدينة صيدا في جنوب لبنان، من أهم وأعرق مدن الساحل اللبناني. ولها وجه تراثي يتمثل بصيدا القديمة الملاصقة للبحر. وداخل أزقتها الأثرية، يقع "خان صاصي"، الذي كان قديماً عبارة عن مخزن للمونة واسطبلاً للخيول، وفوقه بيت يتألف من ثلاثة طوابق، وهو يعتبر نصف قصر حمّود الذي شُيّد عام 1711 على الطراز العثماني، أي كان يحتوي على قسمين، هما السلامليك والحرمليك. إذ إن السلامليك هو مكان الاستقبالات، والحرمليك هو مكان للنساء والأطفال. وهذا التقسيم هو قديم جداً في العمارة العربيَّة، ويعتقد باحثون بأنه يعود في الأصل إلى التراث العثماني، وتكرّس تقريبًا في فترة الإمبراطورية العثمانية في المنطقة. 

ويقول الدكتور أندريه صاصي، لـ"العربي الجديد": "بعد أن باع آل حمّود القصر، قام آل دبانة بشراء السلامليك، وآل صاصي اشتروا الحرمليك الذي بات يعرف بـ(خان صاصي). بعد زلزال 1953، تمَّ تأجير البيت، وسكنته أكثر من 17 عائلة، وبقيت فيه لمدة 50 عاما دون أي صيانة، وبعد استردادنا للبيت بدأنا بعملية الترميم".

ويضيف صاصي: "كان علينا أن نتأكَّد من أساس البناء قبل المباشرة بعملية ترميم الخان، لأنّ الكثير من الأبنية القديمة كانت تتهدم أثناء عملية الترميم. وعندما بدأنا الحفر منذ خمس سنوات، فوجئنا بأنه تحت الأرض توجد غرفة، وتمت عملية الحفر التي أظهرت وجود فرن وآبار وحمّام، يُقال إنها منذ عهد المماليك. أمَّا البناء الأعلى، فهو من عهد الصليبيين، وهذا ما تدلُّ عليه سماكة الجدران المختلفة. والجهة الثالثة، واضحة أنها من العصر العثماني، وهي على مستوى المدينة من حيث الارتفاع، أما الآبار والحمام فهي تحت مستوى المدينة، ما يدل على أنه تحت مدينة صيدا كانت هناك مدينة أخرى سابقاً". ولفت صاصي إلى أنَّ عملية الترميم والصيانة استغرقت خمس سنوات، والهدف هو أن يبقى هذا الخان من إرث آل صاصي، وهو أحد الأمكنة الأثرية والسياحيّة في مدينة صيدا، تقامُ بداخله أنشطة عدّة، منها الثقافيّة والفنيّة وحتى الأعمال الخيرية كالعشاء الذي سيقام بداخله ليعود ريعه لترميم مدرسة داخل مدينة صيدا.

يُذكَر أن عائلة صاصي تتفرَّع من ثلاثة إخوة جاء والدهم من الشام، وهم يوسف ونقولا ومخايل، وهم أول من سكنوا في هذا المنزل الأثري، وكانوا تجاراً وصاروا من كبار الملاكين في ذلك الوقت.
وكانت هذه العائلة من العائلات الكاثوليكية الثرية، إذ يملكون البساتين في حي القملة في مدينة صيدا، ولم يبق في صيدا سوى جان رفلي صاصي. أما باقي أفراد العائلة فنزح القسم الأكبر منهم إلى بيروت، وذلك رغبة في تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، وقسمٌ منهم هاجر إلى مصر خلال الحرب العالمية الأولى طلباً للطمأنينة والحرية التجَّارية.
وفي عام 2012، قررت العائلة ترميم الخان "القصر" من خلال مؤسسة آل صاصي التي آلت على نفسها إعادة القصر إلى سابق عهده، ليتماشى مع ما تشهده مدينة صيدا القديمة من إحياء لتراثها التاريخي والحضاري.
يُشَكِّلُ القصر قبلةً للكثير من السياح الذين يريدون التعرّف إلى تاريخ مدينة صيدا.

المساهمون