خالد البزايعة: الموسيقى ليست حراماً

03 فبراير 2015
الداعية الأردني خالد البزايعة (العربي الجديد)
+ الخط -
لا تبدو صورة الشيخ خالد البزايعة في بيته صورة رجل الدين نمطية، فهو يرتدي بدلات وربطات عنق، أثناء عمله في الإذاعة الأردنية، أو في محاضراته ولا يجد حرجاً في عدم ارتداء "الثوب - الدشداش".

يقول لـ "العربي الجديد": "لا يوجد نص ديني يحرّم ارتداء الملابس العصرية، وهذا لا يعني أنني لا أرتدي الثوب "الدشداش" مطلقاً، فأنا أنوّع يومياً" ويتابع: "أنا ربّ أسرة أتابع شؤون منزلي وأولادي، كما أستثمر أيام العطل للخروج والاهتمام بالعائلة". وعن نشأته يقول: "كبرتُ في منزل صالح، والدتي امرأة مناضلة صابرة تحملت المسؤولية بعد وفاة والدي قبل أكثر من عشر سنوات، ومنها تعلّمتُ أن ما تتركه لله يأتيك به الله. وأتقنت القدرة على التأثير بالآخرين وحملهم على تغيير تصوراتهم وقناعاتهم من جهة، ثم حملهم على تغيير سلوكهم وأنماط حياتهم من جهة أخرى، مع التأكيد على أهمية أن يكون هذا التغيير طوعاً لا إكراهاً".

نجومية الداعية

يؤكد البزايعة أن الدين ليس سلعة للمتاجرة به ويقول: "أنا إنسان عادي جداً، أراعي الله تعالى في تصرفاتي وألتزم الصدق في تعاملي مع الناس وهذا هو الأساس، أعلم أن تصرفات الداعية الإسلامي محسوبة عليه، وإذا أردت أن تقيس مدى تفاعل الناس معي ومحبتهم وتصفها بالنجومية، أقول إنها نجومية تخدم الدين ولا تخدمني كفرد".

لا يتردد بالقول إن سر نجاح أي داعية هو الإخلاص في العمل لوجه الله، من دون الالتفات للصغائر الدنيوية مهما بلغت الإغراءات منتهاها، مضيفاً: "زاد برنامجي الإذاعي شهرتي بعدما خصصت فقرة لسماع أسئلة الجمهور. نقوم في البرنامج بجمع التبرعات للأسر المحتاجة ونقوم بمبادارات إيمانية إنسانية، يستطيع أي شخص المشاركة فيها عبر التطوع أو التبرع النقدي أو العيني، يرسله مباشرة إلى المحتاجين". وعن برنامجه يشرح: "أخشى ساعة الموت في أي لحظة، لذا أرفض الهدايا والمحاباة أو المجاملة، وأرى أن من أهم وسائل الإقناع توافق السلوك مع الكلام. مجتمعنا العربي المسلم عاطفي وحنون، لذا أستخدم أسلوب القصة والموعظة في إيصال المعلومة والتأكيد عليها، أسلوب يحبه الناس واستُخدم في القرآن الكريم واستخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم في مخاطبة الناس.

وتُعدّ القصة من أشهر الوسائل التعبيرية، والتوجيهية فاعلية؛ شريطة أن تكون القصة حقيقية وصحيحية لا من اختلاق الدعاة".

تجربة في أميركا

البزايعة الذي يُعرّف عن نفسه كباحث وداعية ومفكر إسلامي يقدم الدعوة والنصيحة خالصة لوجه الله تعالى، وكان متطوعا في المساجد منذ صغره. هو خريج الجامعة الأردنية من كلية الشريعة في العام 2005 وحاصل على الدكتوراه في جرائم الحرب في الفقه الإسلامي والقانون الدولي. كان أول من كتب في جرائم الحرب في الفقه الإسلامي مقارناً بالقانون الدولي، وله سبعة كتب تفوقت بست طبعات أحياناً.


من أهمها "محمد رسول الله كأنك تراه" طبع ووزع مجاناً. يقول لـ "العربي الجديد": "شاركت بأكثر من أربعة عشر مؤتمرا دوليا في أميركا لمناقشة الإسلام من مختلف جوانبه وزواياه؛ كانت تجربة للدعوة والإرشاد في الولايات المتحدة الأميركية، ويتابع: "الشعب الأميركي نظامي ملتزم بالقانون فطرياً، نجد التزاماً تاماً وتقيّدا بالإشارات المرورية دون حاجة لرقيب أو دوريات شرطة وغيرها من الأمور الحياتية، أما في ما يتعلق بالفتاوى والحياة الدينية، فهناك كثير من التضليل يمارس للأسف على يد دعاة غير مؤهلين ولا مسؤولين، ولا سيما في أمور النساء والربا والتجارة، هناك مدارس دينية عدة منها الباكستاني والهندي والبنغالي، والمدرسة العربية أيضاً التي بها مخالفات واضحة. جاءني طبيبٌ مسلمٌ مرةً يحمل زكاة الفطر بعد صلاة أحد الأعياد، فرفضت استلامها لمخالفته شروط الزكاة ، أكّد لي أن الإمام السابق كان يأخذها. هؤلاء مثال يمارسون التضليل بسبب عدم وعي أو دراية وهم دعاة غير مؤهلين.

الموسيقى في ميزان الفقه الإسلامي

يُناقش البزايعة في مسألة تحريم العلماء للموسيقى والغناء باعتبارها من معازف الشيطان، ويوضح أنه يتبع عن قناعة فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي في إباحة الموسيقى. ويقول: "الحرمة ليست بالموسيقى لذاتها، ففي الطب المتقدم من يتعالج بالموسيقى. وتُستثنى من الحرمة الموسيقى الصاخبة التي تصم الآذان وتُثير المشاعر، أو تؤدي لاختلالات بالنفس كالموسيقى الرقمية التي راج الحديث عنها مؤخراً. فالموسيقى تصبح حراماً إذ ترافق معها كلام فاحش بذيء، أو كلام يصف المرأة ويفصلها، ويجب ألا يصاحب الموسيقى كلام يثير الشهوة أو مشكوك في محتواه. وإذا كان الكلام مباحاً شرعاً فلا بأس أن تصاحبه الموسيقى، فالموسيقى ترافق عديد أناشيد إسلامية، لكنك تشعر بحلاوتها لأنها هادفة وبها مضامين إسلامية وتربوية وتوعوية". وحول استعانة بعض المنشدين الإسلاميين في أناشيدهم الدينية بموسيقى لأغنيات عربية وعالمية معروفة، وتدوين كلام إسلامي جديد قبل تأديتها، يُؤكد البزايعة حرمة ذلك ويعتبره سرقة دون الرجوع لصاحب الموسيقى الأصلية وطلب الإذن منه خطياً، لأن هذه الموسيقى تعتبر حقا أصيلا لمبتكرها ولا يجوز التعدي عليه.



تعامل المسلمين مع اتباع الديانات الأخرى

لا يرى البزايعة ضرراً بتعامل المسلمين مع أهل الكتاب أو الذمة كما ورد ذكرهم في الإسلام، مستشهداً بالأردن الذي يضرب به المثل بالتعايش الديني بين المسلمين والمسيحيين، يقول: "نعيش مواسم مختلفة من المناسبات والأعياد، وحق الجار على الجار مشاركته أفراحه وأحزانه دون تفرقه"، مضيفاً: "أنا كمسلم واجبي أن أعامل جاري المسيحي كما أعامل جاري المسلم، وشرعاً، لا يوجد مانع في ذلك. فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من آذى ذميا فقد آذاني". فلماذا لا أزور وأهنئ زميلي وجاري وصديقي المسيحي من باب الإنسانية؟ أقول: إن الناس صنفان، هما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، فالتعنت والتعصب مرفوض في ديننا الإسلامي الحنيف.
المساهمون