ما لم يقله رئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد، في كلمته القصيرة التي ألقاها قبل أسبوع، والتي شخص فيها دقة المرحلة وخطورة الوضع الاقتصادي، جاء خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أول من أمس، في مناسبة ذكرى استقلال تونس، ليضع النقاط على الحروف، ويغامر بوضع معالم لخارطة طريق المرحلة المقبلة.
اقرأ أيضاً (الرئيس التونسي يدعو إلى الوحدة والمصالحة الوطنية)
وعند تفكيك خطاب الرئيس التونسي تظهر أربعة مفاتيح، الأول يرتبط بالمناسبة التي تخص ذكرى استقلال البلاد. وقد جعل السبسي نضال التونسيين خلال الحركة الوطنية مدخلاً لخطابه، مقرناً ذلك بالحرب الراهنة على الإرهاب. فهو يعتقد أنه من الخطر أن تضعف الذاكرة الوطنية عند الشباب. وبحكم كونه واحداً من الذين عاشوا تلك المرحلة، وكانوا جزءاً منها، فقد أراد أن يقدّم شهادة حية عساه بذلك يدفع بمواطنيه للبقاء أوفياء لمرحلة تأسيس دولة الاستقلال.
المفتاح الثاني للولوج إلى خطاب السبسي يتعلق بمصطلح "الوحدة الوطنية"، التي رأى فيها عنوان المرحلة الصعبة التي تمر بها تونس. ويعتقد أن مواجهة الإرهاب الذي اعتبره "مصيبة نزلت على البلاد"، لن يكون إلا عبر توحيد التونسيين. وهو بذلك يهدف إلى دفع جميع الأطراف السياسية والاجتماعية نحو تجاوز خلافاتها السابقة، والتوافق حول هدف جامع هو العمل على استئصال ظاهرة الإرهاب.
وبالرغم من أن هذه الدعوة تبدو بديهية، غير أن السنوات الثلاث التي مرّت أكّدت بوضوح أن الإرهاب قد تحول في تونس إلى موضوع سياسي خلافي بامتياز. لكن السبسي يؤكد ضرورة امتصاص هذا الخلاف، وبشر بأن دولا كثيرة صديقة لتونس يمكن أن تقدم مساعدات عاجلة على الصعيد الأمني، بما في ذلك دول الخليج.
المفتاح الثالث للخطاب هو الشروع في إنجاز ما سماها بـ "الإصلاحات المؤلمة". هذه الإصلاحات التي أصبح رجال الحكم في تونس يخشون الحديث عنها بوضوح، وهو ما جعله يؤكد أنه سيتطرق إلى هذا الموضوع، على الرغم من أن هناك من لا يرغب فيه. تونس اليوم في مفترق طرق، هذا ما يفهم من الخطاب. فهي في أشدّ الحاجة للدعم الخارجي، ليس فقط على مستوى الاقتراض، ولكن الأهم من ذلك في مجال الاستثمار المباشر.
وهنا تشترط مختلف المؤسسات الدولية ضرورة التعجيل بإجراء إصلاحات عميقة، وبدونها سيكون من الصعب إخراج الاقتصاد التونسي من عنق الزجاجة. وفي مقدمة هذه الإصلاحات التي أشار إليها السبسي تأتي مراجعة مجلة الاستثمار وتصحيح مسار البنوك الأساسية التي تملكها الدولة، والتي تحتاج إلى إعادة رسملة.
كذلك الشأن بالنسبة لمنظومة الضمان الاجتماعي، وتقليص حجم الدعم للصناديق الاجتماعية. وهي إصلاحات لا يمكن أن تمر بدون تضحيات، وهذه التضحيات سيدفع الجزء الأكبر منها عموم الشعب التونسي، وخصوصاً الفئات الضعيفة والطبقة الوسطى التي تآكلت، وتراجعت مكاسبها بشكل تكاد تتجاوز نسبة الثلث من قدرتها الشرائية. ولهذا يخشى أن تؤدي بعض الإجراءات إلى انفجار اجتماعي وسياسي. وهو ما تخشاه الحكومة وعموم الطبقة السياسية، لكن مع ذلك فإن العملية الجراحية تبقى ضرورية ولا مفر منها، حسب السبسي الذي يعتقد أنه "لا بد من الإقدام على إصلاحات موجعة".
المفتاح الرابع لفك رموز الخطاب لخصه السبسي في كلمة "المصالحة الوطنية"، وهي كلمة ملتبسة أثارت بعض ردود الفعل، غير أنها من وجهة نظر الرئيس التونسي أصبحت أكثر ضرورة من أي مرحلة سابقة. ويتساءل كثيرون: المصالحة بين من ومن؟ وهنا يحضر طيف كبار رجال الأعمال الذي حامت حولهم شكوك حول ارتباطهم بمنظومة الفساد في عهد زين الدين بن علي.
وأكد السبسي أن المصالحة لن تشمل المتورطين في المظالم التي حصلت، لكن بقية رجال الأعمال الذين يملكون ثروات طائلة، حسب قوله، لكنهم ما يزالون ممنوعين من السفر، ولهم استعداد للاستثمار داخل تونس. أي أن السبسي يقترح القيام بتسوية استثنائية لملفاتهم. ويذهب إلى أكثر من ذلك عندما يطالب بأن المصالحة "يجب أن تشمل الجميع ". وهو ما أثار تساؤلات لدى الكثيرين حول مستقبل "العدالة الانتقالية"، التي لا تزال في خطوتها الأولى في تونس، بعدما بدأت تتدفق الشكاوى بالآلاف على "هيئة الحقيقة والكرامة".
لقد وفر خطاب السبسي أرضية سياسية هامة، غير أنّه لم ينه الجدل حول الإجراءات العملية التي يمكن أن تؤسس لتوافق حقيقي بين مختلف الأطراف المنخرطة في الائتلاف الحاكم وفي خارجه، بما في ذلك داخل الحزب الحاكم، الذي يفترض أن يحسم اليوم في شأن اختيار مكتبه السياسي بعد خلاف عاصف كان يقسم الحزب.
اقرأ أيضاً (الرئيس التونسي يدعو إلى الوحدة والمصالحة الوطنية)
وعند تفكيك خطاب الرئيس التونسي تظهر أربعة مفاتيح، الأول يرتبط بالمناسبة التي تخص ذكرى استقلال البلاد. وقد جعل السبسي نضال التونسيين خلال الحركة الوطنية مدخلاً لخطابه، مقرناً ذلك بالحرب الراهنة على الإرهاب. فهو يعتقد أنه من الخطر أن تضعف الذاكرة الوطنية عند الشباب. وبحكم كونه واحداً من الذين عاشوا تلك المرحلة، وكانوا جزءاً منها، فقد أراد أن يقدّم شهادة حية عساه بذلك يدفع بمواطنيه للبقاء أوفياء لمرحلة تأسيس دولة الاستقلال.
المفتاح الثاني للولوج إلى خطاب السبسي يتعلق بمصطلح "الوحدة الوطنية"، التي رأى فيها عنوان المرحلة الصعبة التي تمر بها تونس. ويعتقد أن مواجهة الإرهاب الذي اعتبره "مصيبة نزلت على البلاد"، لن يكون إلا عبر توحيد التونسيين. وهو بذلك يهدف إلى دفع جميع الأطراف السياسية والاجتماعية نحو تجاوز خلافاتها السابقة، والتوافق حول هدف جامع هو العمل على استئصال ظاهرة الإرهاب.
وبالرغم من أن هذه الدعوة تبدو بديهية، غير أن السنوات الثلاث التي مرّت أكّدت بوضوح أن الإرهاب قد تحول في تونس إلى موضوع سياسي خلافي بامتياز. لكن السبسي يؤكد ضرورة امتصاص هذا الخلاف، وبشر بأن دولا كثيرة صديقة لتونس يمكن أن تقدم مساعدات عاجلة على الصعيد الأمني، بما في ذلك دول الخليج.
المفتاح الثالث للخطاب هو الشروع في إنجاز ما سماها بـ "الإصلاحات المؤلمة". هذه الإصلاحات التي أصبح رجال الحكم في تونس يخشون الحديث عنها بوضوح، وهو ما جعله يؤكد أنه سيتطرق إلى هذا الموضوع، على الرغم من أن هناك من لا يرغب فيه. تونس اليوم في مفترق طرق، هذا ما يفهم من الخطاب. فهي في أشدّ الحاجة للدعم الخارجي، ليس فقط على مستوى الاقتراض، ولكن الأهم من ذلك في مجال الاستثمار المباشر.
وهنا تشترط مختلف المؤسسات الدولية ضرورة التعجيل بإجراء إصلاحات عميقة، وبدونها سيكون من الصعب إخراج الاقتصاد التونسي من عنق الزجاجة. وفي مقدمة هذه الإصلاحات التي أشار إليها السبسي تأتي مراجعة مجلة الاستثمار وتصحيح مسار البنوك الأساسية التي تملكها الدولة، والتي تحتاج إلى إعادة رسملة.
كذلك الشأن بالنسبة لمنظومة الضمان الاجتماعي، وتقليص حجم الدعم للصناديق الاجتماعية. وهي إصلاحات لا يمكن أن تمر بدون تضحيات، وهذه التضحيات سيدفع الجزء الأكبر منها عموم الشعب التونسي، وخصوصاً الفئات الضعيفة والطبقة الوسطى التي تآكلت، وتراجعت مكاسبها بشكل تكاد تتجاوز نسبة الثلث من قدرتها الشرائية. ولهذا يخشى أن تؤدي بعض الإجراءات إلى انفجار اجتماعي وسياسي. وهو ما تخشاه الحكومة وعموم الطبقة السياسية، لكن مع ذلك فإن العملية الجراحية تبقى ضرورية ولا مفر منها، حسب السبسي الذي يعتقد أنه "لا بد من الإقدام على إصلاحات موجعة".
المفتاح الرابع لفك رموز الخطاب لخصه السبسي في كلمة "المصالحة الوطنية"، وهي كلمة ملتبسة أثارت بعض ردود الفعل، غير أنها من وجهة نظر الرئيس التونسي أصبحت أكثر ضرورة من أي مرحلة سابقة. ويتساءل كثيرون: المصالحة بين من ومن؟ وهنا يحضر طيف كبار رجال الأعمال الذي حامت حولهم شكوك حول ارتباطهم بمنظومة الفساد في عهد زين الدين بن علي.
وأكد السبسي أن المصالحة لن تشمل المتورطين في المظالم التي حصلت، لكن بقية رجال الأعمال الذين يملكون ثروات طائلة، حسب قوله، لكنهم ما يزالون ممنوعين من السفر، ولهم استعداد للاستثمار داخل تونس. أي أن السبسي يقترح القيام بتسوية استثنائية لملفاتهم. ويذهب إلى أكثر من ذلك عندما يطالب بأن المصالحة "يجب أن تشمل الجميع ". وهو ما أثار تساؤلات لدى الكثيرين حول مستقبل "العدالة الانتقالية"، التي لا تزال في خطوتها الأولى في تونس، بعدما بدأت تتدفق الشكاوى بالآلاف على "هيئة الحقيقة والكرامة".
لقد وفر خطاب السبسي أرضية سياسية هامة، غير أنّه لم ينه الجدل حول الإجراءات العملية التي يمكن أن تؤسس لتوافق حقيقي بين مختلف الأطراف المنخرطة في الائتلاف الحاكم وفي خارجه، بما في ذلك داخل الحزب الحاكم، الذي يفترض أن يحسم اليوم في شأن اختيار مكتبه السياسي بعد خلاف عاصف كان يقسم الحزب.