بالرغم من أنّ رعاية أكثر من 200 قط، تملكها التونسية هدى بوشهدة، عمل متعب خصوصاً إذا كان معها أيضاً 11 كلباً، فالمرأة التي كرست حياتها لهذه الحيوانات تؤدي عملها بكلّ سعادة، إذ هجرت عائلتها من أجل حيواناتها، فتدللها، وتناديها بأسمائها، وتحتضنها، وتلاعبها، وتدلّعها: "أبنائي بنوتاتي".
في محلة شبه معزولة بسيدي حسين، على بعد 22 كيلومتراً من تونس العاصمة، يقع بيت هدى، الممتلئ بالقطط. تخلت عن الأثاث لتترك للحيوانات مساحات إضافية، ولكلّ منها قصة ترويها هدى، بألم حيناً وبسخرية أحياناً، فمن بينها ما وجدته شارداً في الشارع أو في السوق، ومن بينها المريض والمعوق والأعمى والمبتور، ومن فقد والدته، فالقصص كثيرة ومتنوعة، لكنّ جميع التفاصيل عالقة في ذهن هدى.
في منزلها، تتحدث إلى "العربي الجديد" بينما تقاطعها قططها، باللعب والالتفاف حولها، فتقول إنّها تفهم حركاتها وتفهم الحيوانات في المقابل ما تقول لها: "سعدون وشرمولة وقبطان وزينة وعزيزة وآما وتوتو وبطيخ وتريزور وتوم وجولي وعنتر وعزيزة وتفاحة ونوسة وقمرة ونعسان". القائمة طويلة لأسماء القطط، وبالرغم من ذلك تعرفها اسماً اسماً وتميز بينها.
تضيف هدى أنّ عمرها 38 عاماً، وقد بدأ اهتمامها بالقطط منذ نحو بضع سنوات عندما كانت تعمل في متجر تركت لها صاحبته قطة صغيرة لرعايتها، فاهتمت بها ولم تكن تدري أنّ حياتها ستتغير منذ تلك اللحظة، إذ جلبت لها جارتها بعدها قطة كانت ستلد، ثم أصبحت تأخذ القطط الشاردة إلى البيت كلما وجدت إحداها. ولم يكن بيت أهلها يتسع لكثير من القطط، فمساحته صغيرة، وتضايق الجميع منها، ولم يقبلوا بما تفعل، لكنّ هدى لم تكن مستعدة للتخلي عن قططها وقررت ترك عائلتها واستئجار بيت من أجل مواصلة رعايتها، كما تخلت عن حياتها الخاصة والزواج لأنّها لم تجد إنساناً يقبل بحبها الكبير للقطط.
تؤكد أنّها خسرت عملها ولم يعد لها مورد رزق، وبالرغم من ذلك، شعرت أنّ عالمها هو في القطط التي ترعاها فهي المسؤولة عنها. وتشير إلى أنّها واجهت مضايقات عدة من الجيران، واضطرت في كلّ مرة إلى تغيير البيت المستأجر، بسبب الشكاوى ضدها. ولهذا، تختار أماكن بعيدة نسبياً عن التجمعات السكنية عادة، وتضحي بكثير من الأمور لأجل هذه الحيوانات.
تقول إنّ لكلّ من قططها قصته، فـ"ابن النجوى" مثلاً ولد في سكرة بالعاصمة تونس وكان مع 5 قطط غيره لكن التهم كلب الوالدة مباشرة ومات اثنان منها، فبقي أربعة، تولت رعايتها. أما "زين" فقد "جلبته صديقتي لأرعاه وتوفيت، و"توم" معي منذ خمس سنوات إذ تركته سيدة لديّ مع شقيقه سيمون، على أن تعود بعد يومين لاستردادهما، ولم تعد، وتبنت عائلة من ألمانيا سيمون".
تتابع: "وهذا "لوز" الذي وجدته مشرداً في حي شعبي بالزهروني، و"جلال" من حمام الأنف وجدته بعد دفن خالي جلال بمجرد خروجي من المقبرة فحملته معي، و"قبطان" تركه صاحبه عند البيطري ولم يدفع تكاليف علاجه فتخلى عنه البيطري وتركه أمام عيادته".
توزع هدى القطط بحسب سنها، فالصغار والرضّع في غرفة وحدها، والمريضة أو التي لديها إعاقات في غرفة أخرى، وهناك فئة تنتشر في الصالون الذي خصصته لها، وأخرى في الممر. تقول عن ذلك: "هذا بيتها ومملكتها، وأعتبر نفسي ضيفة لديها، إذ لا بدّ من أن تكون مرتاحة. هي حساسة جداً، وأعتبرها بمثابة أبنائي، فعندما تنهر طفلك الصغير يستاء لكنّه لا يعبر عن إحساسه، وهو تماماً مثل القطط. أما أنا تكفيني غرفة صغيرة للنوم. مع ذلك، لا بدّ من أن تكون هناك مجموعة منها معي حتى أثناء النوم".
اقــرأ أيضاً
حياة هدى ليست سهلة، فهي تتحصل على طعام قططها من بعض التبرعات البسيطة من الأصدقاء ومحبي الحيوانات، لكن في حالات كثيرة ينفد الطعام وتمضي أوقاتاً عصيبة تصل إلى حدّ البكاء لأنّها لا تجد طعاماً كافياً، وتتراكم الديون لدى البيطري ومزودي الطعام فتطلق نداء استغاثة عبر صفحتها الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي ليتمكن الناس من مساعدتها. وفي أحيان أخرى يرفض سائقو التاكسي نقلها إلى البيطري.
تبكي هدى أحياناً من الإرهاق فهي تمضي ساعات عدة في تنظيف البيت وفي طبخ ما لا يقل عن 5 كيلوغرامات من المقرونة (معكرونة) يومياً لقططها حتى أنّ يديها تؤلمانها، وتلفت إلى أنه بالإضافة إلى القطط التي ترعاها فهي تطعم القطط في الحيّ، ولديها نحو 50 قطاً بالقرب من السوق تذهب إليها يومياً لتقدم الطعام لها، مشيرة إلى أنّ لديها أربعة كلاب ترعاها بمقابل بطلب من أصحابها، وهو ما يوفر لها بعض المال الذي تستخدمه في رعاية الحيوانات.
في محلة شبه معزولة بسيدي حسين، على بعد 22 كيلومتراً من تونس العاصمة، يقع بيت هدى، الممتلئ بالقطط. تخلت عن الأثاث لتترك للحيوانات مساحات إضافية، ولكلّ منها قصة ترويها هدى، بألم حيناً وبسخرية أحياناً، فمن بينها ما وجدته شارداً في الشارع أو في السوق، ومن بينها المريض والمعوق والأعمى والمبتور، ومن فقد والدته، فالقصص كثيرة ومتنوعة، لكنّ جميع التفاصيل عالقة في ذهن هدى.
في منزلها، تتحدث إلى "العربي الجديد" بينما تقاطعها قططها، باللعب والالتفاف حولها، فتقول إنّها تفهم حركاتها وتفهم الحيوانات في المقابل ما تقول لها: "سعدون وشرمولة وقبطان وزينة وعزيزة وآما وتوتو وبطيخ وتريزور وتوم وجولي وعنتر وعزيزة وتفاحة ونوسة وقمرة ونعسان". القائمة طويلة لأسماء القطط، وبالرغم من ذلك تعرفها اسماً اسماً وتميز بينها.
تضيف هدى أنّ عمرها 38 عاماً، وقد بدأ اهتمامها بالقطط منذ نحو بضع سنوات عندما كانت تعمل في متجر تركت لها صاحبته قطة صغيرة لرعايتها، فاهتمت بها ولم تكن تدري أنّ حياتها ستتغير منذ تلك اللحظة، إذ جلبت لها جارتها بعدها قطة كانت ستلد، ثم أصبحت تأخذ القطط الشاردة إلى البيت كلما وجدت إحداها. ولم يكن بيت أهلها يتسع لكثير من القطط، فمساحته صغيرة، وتضايق الجميع منها، ولم يقبلوا بما تفعل، لكنّ هدى لم تكن مستعدة للتخلي عن قططها وقررت ترك عائلتها واستئجار بيت من أجل مواصلة رعايتها، كما تخلت عن حياتها الخاصة والزواج لأنّها لم تجد إنساناً يقبل بحبها الكبير للقطط.
تؤكد أنّها خسرت عملها ولم يعد لها مورد رزق، وبالرغم من ذلك، شعرت أنّ عالمها هو في القطط التي ترعاها فهي المسؤولة عنها. وتشير إلى أنّها واجهت مضايقات عدة من الجيران، واضطرت في كلّ مرة إلى تغيير البيت المستأجر، بسبب الشكاوى ضدها. ولهذا، تختار أماكن بعيدة نسبياً عن التجمعات السكنية عادة، وتضحي بكثير من الأمور لأجل هذه الحيوانات.
تقول إنّ لكلّ من قططها قصته، فـ"ابن النجوى" مثلاً ولد في سكرة بالعاصمة تونس وكان مع 5 قطط غيره لكن التهم كلب الوالدة مباشرة ومات اثنان منها، فبقي أربعة، تولت رعايتها. أما "زين" فقد "جلبته صديقتي لأرعاه وتوفيت، و"توم" معي منذ خمس سنوات إذ تركته سيدة لديّ مع شقيقه سيمون، على أن تعود بعد يومين لاستردادهما، ولم تعد، وتبنت عائلة من ألمانيا سيمون".
تتابع: "وهذا "لوز" الذي وجدته مشرداً في حي شعبي بالزهروني، و"جلال" من حمام الأنف وجدته بعد دفن خالي جلال بمجرد خروجي من المقبرة فحملته معي، و"قبطان" تركه صاحبه عند البيطري ولم يدفع تكاليف علاجه فتخلى عنه البيطري وتركه أمام عيادته".
توزع هدى القطط بحسب سنها، فالصغار والرضّع في غرفة وحدها، والمريضة أو التي لديها إعاقات في غرفة أخرى، وهناك فئة تنتشر في الصالون الذي خصصته لها، وأخرى في الممر. تقول عن ذلك: "هذا بيتها ومملكتها، وأعتبر نفسي ضيفة لديها، إذ لا بدّ من أن تكون مرتاحة. هي حساسة جداً، وأعتبرها بمثابة أبنائي، فعندما تنهر طفلك الصغير يستاء لكنّه لا يعبر عن إحساسه، وهو تماماً مثل القطط. أما أنا تكفيني غرفة صغيرة للنوم. مع ذلك، لا بدّ من أن تكون هناك مجموعة منها معي حتى أثناء النوم".
حياة هدى ليست سهلة، فهي تتحصل على طعام قططها من بعض التبرعات البسيطة من الأصدقاء ومحبي الحيوانات، لكن في حالات كثيرة ينفد الطعام وتمضي أوقاتاً عصيبة تصل إلى حدّ البكاء لأنّها لا تجد طعاماً كافياً، وتتراكم الديون لدى البيطري ومزودي الطعام فتطلق نداء استغاثة عبر صفحتها الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي ليتمكن الناس من مساعدتها. وفي أحيان أخرى يرفض سائقو التاكسي نقلها إلى البيطري.
تبكي هدى أحياناً من الإرهاق فهي تمضي ساعات عدة في تنظيف البيت وفي طبخ ما لا يقل عن 5 كيلوغرامات من المقرونة (معكرونة) يومياً لقططها حتى أنّ يديها تؤلمانها، وتلفت إلى أنه بالإضافة إلى القطط التي ترعاها فهي تطعم القطط في الحيّ، ولديها نحو 50 قطاً بالقرب من السوق تذهب إليها يومياً لتقدم الطعام لها، مشيرة إلى أنّ لديها أربعة كلاب ترعاها بمقابل بطلب من أصحابها، وهو ما يوفر لها بعض المال الذي تستخدمه في رعاية الحيوانات.