حين يعجز التمكين الإقتصادي عن تمكينهن

17 أكتوبر 2014
مشاركة النساء تلبي حاجة اقتصادية ملحّة (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
خرجت النساء إلى سوق العمل. حملن معهن أعباءهن المنزلية أو في أحسن الأحوال فوتنها لنساء أخريات (عاملات أجنبيات) ليقمن بها. نزلن يزاولن أعمالا وأدوارا هي أقرب إلى الدور التقليدي الذي يتوقعه المجتمع منهن ــ الدور الرعائي بما هو اهتمام بشؤون المنزل والأولاد وكبار السن (82 % من المهام القيادية يحتلها الرجال بحسب بيانات إدارة الإحصاء المركزي اللبناني لعام 2014).

مشاركة النساء الاقتصادية جاءت إذاً لتلبي حاجة اقتصادية ملحة ولتستجيب لواقع معيشي له متطلباته وضغوطاته لم يعد بإمكان الرجل أن يجاريها وحيداً. ويلفتنا بالتالي أن مشاركة النساء تعد "كمالية" في مجتمع لا يزال ينظر للرجل على أساس أنه "المعيل الأساسي".

للاستجابة إلى هذا الواقع، تكثر العديد من المبادرات الرسمية والمدنية من أجل "تمكين النساء اقتصادياً". لا يتجاوز التمكين بنظر معظم هذه المبادرات عن كونه دورات تدريبية مهنية للنساء أو دعم لمشاريع قصيرة أو متوسطة الأمد. التدريب والدعم المالي بالمبدأ هو مدخل أساسي للتمكين كونه يؤمن الفرص والموارد للنساء. غاب عن المبادرين والطامحين إلى "تمكين" النساء النظر إلى أربعة معايير أساسية:

أولاً: فرص التدريب المهني التي يتم تقديمها ما هي إلا مرآة للأدوار التقليدية المُراد للنساء الالتصاق بها، من طبخ وحضانة أطفال وتصفيف شعر ومحاسبة إدارية في أحسن الأحوال.
ثانياً: الدعم المالي الذي يتم تقديمه عبر القروض، يتم تصريفه بمعزل عن دراسة ديناميات العلاقات بين النساء ومحيطهن من الرجال (لا سيما الأزواج)، فهل مجرد حصول النساء على القروض يعني سلفاً سيطرتهن عليه واتخاذ قرار كيفية إدارته؟

ثالثاً: التعامل مع النساء بصيغة الغائب والغرق بمتلازمة "الرجل الأبيض المنقذ" الذي يريد تحسين واقع النساء بمعزل عن حاجاتهن وخياراتهن.

رابعاً: بالنظر الى مشاريع "تمكين" النساء لدى معظم هذه المبادرات، نجد أنها لا تزال تأتي في بند أخير ضمن بنود استراتيجتها. تضيف هذه المبادرات هذا البند لتصبح "على الموضة". أليس الأجدر ربما القيام باقتراح مشاريع للتمكين ضمن استراتيجية متكاملة في سياق عام للنهوض بالاقتصاد الوطني وعدم النظر إلى النساء كفئة منفصلة عن المجتمع؟

ينطبق هذا الأمر على اقتصاديات معظم البلدان العربية، وفي لبنان يتحدث خبراء الاقتصاد عن عجز في هذا المجال منذ عام 2005. الاقتصاد ليس منفصلاً إذاً عن السياسية والأمن. وتمكين النساء اقتصادياً لا يجب أن يتم بمعزل عن نظرة سياسية ــ اجتماعية ــ اقتصادية متكاملة.

(ناشطة نسوية)
المساهمون