حين انتصر إعلام المقاومة الفلسطينيّة

23 يوليو 2015
بات الإسرائيليّين ينتظرون أبو عبيدة أكثر من المحلّل العسكري(Getty)
+ الخط -
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزّة في عام 2012، بدا حضور الإعلام الحربي للمقاومة الفلسطينيّة واضحاً ولافتاً. إذ ما أن يطلّ "أبو عبيدة" المتحدّث العسكري لكتائب القسّام على شاشة التلفاز، حتى ينتزع اهتمام المتابعين على الجبهتين الفلسطينيّة والإسرائيليّة، لا سيّما وأن الحرب الإعلاميّة في أهميتها لا تقلّ شراسة عن العسكريّة.


في الحرب الأخيرة عام 2014، استطاعت المقاومة الفلسطينيّة أن تغيّر مسار الحرب، وتثبت وجودها عسكرياً بإنجازاتها من خلال مفاجآت موثّقة بتسجيلات مصوّرة للمقاتلين، خلال تسللهم خلف خطوط العدو واجتياز الحدود الفاصلة بين أراضي القطاع والبلدات المحتلّة. بينما كانت أبرز تلك المفاجآت، في التّاسع من يوليو/ تموز لعمليّة نوعيّة نفذها أفراد الكوماندوز البحري في كتائب القسّام على شاطئ زيكيم، حيث أثبت كذب الرواية الإسرائليليّة التي ادّعت قتل المقاتلين الفلسطينيين فور تسلّلهم إلى زيكيم، فيما كان المقاتلون قد خاضوا معركة شرسة مع جنود الاحتلال في القاعدة العسكريّة قبل استشهادهم.

وفي مساء اليوم الثّالث عشر للحرب على غزّة 20 يوليو/ تموز، خرج أبو عبيدة على الهواء مباشرة يُعلن نبأ مقتل 14 جندياً صهيونياً في كمين نصبه مقاتلو القسّام شرق حيّ التفاح في غزّة من مسافة صفر، وأسر الجندي شاؤول آرون صاحب البطاقة رقم 6092065، الأمر الذي لم تعلن عنه إسرائيل وأكّدته بعد يوم كامل من إعلان المقاومة. 
وفي عمليّة أخرى، شهد يوم السّادس والعشرين من يوليو/تموز، اقتحام مجموعة من أفراد القسّام لأحد المواقع العسكريّة الصهيونيّة شرق غزّة. إذ تمّ عرضه من خلال شريط مصوّر خلال خطاب أبو عبيدة.

أظهر شريط الفيديو مجموعة من المقاتلين خرجوا من فوّهة أحد الأنفاق بلباس عسكري متقدّمين بمسافة 300 متر نحو موقع نحال عوز العسكري الواقع شرق مدينة غزّة، واستطاعوا التقدم إلى داخل الموقع وقتل خمسة جنود.حيث كان بمقدور الجنود أن يروهم بسهولة، بخاصّة أن السّماء كانت تمتلىء بطائرات الاستطلاع.

حاول المقاتلون الفلسطينيّون خطف أحد الجنود من خلال الإمساك به ثم استمر العرض دون أن يظهر مصير الجندي، بل أوصلنا إلى نهاية الحدث وهو أن المقاتلين عادوا إلى قواعدهم بسلام، دون أن تستطيع قوات الاحتلال أن تمسّهم بسوء، بل عادوا حاملين معهم أحد الأسلحة التي انتزعوها من الموقع. حينها أشارت القناة الإسرائيليّة الثانية خلال تغطيتها إلى أن شريط التسجيل كشف كذب أحد الجنود الذين ادّعوا أنهم قتلوا أحد أفراد القسّام في الموقع.

هذه العمليّات المصوّرة وغيرها بلغت حوالي الـ 20 عمليّة. تم بثها في خطابات أبو عبيدة التي كانت تعرض على الهواء مباشرة خلال الحرب. ولم يكتفِ إعلام المقاومة بالخطابات بل قاموا باختراق تردّدات القنوات الاسرائيليّة وبث تسجيلات مصوّرة مترجمة للعبريّة استعرضوا فيها القوّة العسكريّة. عدا عن أن المقاومة كانت تعطي الإسرائيليين مواقيت معيّنة لقصف تل أبيب التي سبقها قصف نفسياتهم.

بات من الواضح خلال الحرب أن الإسرائيليّين ينتظرون أبو عبيدة أكثر من المحلّل العسكري. هذا ما أثبته رفض المستوطنين العودة إلى البلدات الحدوديّة قبل أن يظهر أبو عبيدة ويعلن التزام الفلسطينيّين بالتهدئة في السّادس والعشرين من أغسطس/ آب.

ولم تنأَ إسرائيل عن تصوير نفسها بالضحية وأن الحرب قد فرضت عليها وأن كل شيء في الحرب مباح بلا قيود، وحول هذه النقطة تحديداً: استطاع إعلام المقاومة توليف الأحداث بما يخدم الفلسطينيين ويفضح أكاذيب الجيش الإسرائيلي من خلال التسجيلات التي أظهرت أن المستهدفين بالدرجة الأولى لدى المقاومة هم من الجنود الإسرائيليين، بينما قامت إسرائيل بقتل نحو 2200 فلسطيني غالبيّتهم من المدنيين منهم 554 طفلاً. فعلى الرغم من الظروف الاستثنائيّة والإمكانيّات القليلة التي تحظى بها المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، بل واستهداف المواقع والمقرات الإعلامية التابعة لها، فإنها نجحت في مواجهة رسائل إسرائيل وحربها النفسيّة بطريقة عكسيّة منظّمة. تم ذلك خلال دعم وسائل الإعلام المختلفة بتسجيلات مصوّرة تثبت قوّة المقاومة وتدحض روايات إسرائيل التي تدّعي أنها هزمت المقاتلين الفلسطينييّن.

(فلسطين)
المساهمون