حياة السود

20 يونيو 2020
"أنا حرّة" (ستانتون شارب/ Getty)
+ الخط -

"في كلّ يوم، يقتل صِبية سود بعضهم بعضاً. أين يكون حينها شعار حياة السود مهمّة؟! عندما يقتل أشخاص سود أشخاصاً سوداً، لا أحد يأتي بفعل كهذا (التحرّكات التي قامت أخيراً في الولايات المتحدة الأميركيّة). هم يفعلون ذلك فقط في المرّات التي يرتكب فيها أشخاص بيض القتل. هؤلاء هم العنصريّون. لأنّ رجال الشرطة بيض. لا شكّ في أنّ قتل شرطيّ أبيض رجلاً أسود أمر مكروه... لكن إذا كانت حياة السود مهمّة، لا بدّ من أن تكون كذلك دائماً".

بانفعال كبير، كانت امرأة سوداء في شيكاغو الأميركيّة، تجادل أخرى بيضاء تشارك في تظاهرة مندّدة بجريمة قتل جورج فلويد. وتسأل المرأة البيضاء التي لا نعرف لها اسماً: "ما الذي تقاتلين من أجله؟". تجيب السوداء التي لا نعرف لها اسماً كذلك: "العنف. أريد أن يتوقّف العنف. الأمر لا يتعلّق بالسود. تقولين إنّ السود مضطهدون. أنا سوداء ولستُ مضطهدة. أنا حرّة. كفّوا عن دفع الناس إلى الشعور بأنّهم مضطهدون! (...) قضيّتي هي أنّ العنف أمر مكروه. نقطة. أنتِ موافقة على أن يقتل البيض بعضهم بعضاً؟! هل رأيتِ يوماً أشخاصاً بيضاً يخرجون إلى الشارع مع شعار حياة البيض مهمّة؟". وتكرّر: "العنف هو القضيّة. في أحياء السود، هؤلاء يقتلون بعضهم بعضاً يومياً. لم أشاهد قطّ تظاهرة بشعار حياة السود مهمّة في هذه الأحياء. أوقفوا نفاقكم! فقط عندما يقتل أبيضُ أسودَ تكون حياة السود مهمّة. إذا كان الأمر مهمّاً، لا بدّ من أن يبدأ ذلك بين السود أنفسهم. هؤلاء يقتلون بعضهم بعضاً أكثر ممّا يفعل أيّ عرق آخر بهم. أين هو شعار حياة السود مهمّة؟!".

ربّما تُخوَّن المرأة السوداء وربّما تُنبَذ، غير أنّ ما تفوّهت به في تسجيل فيديو تناقله ناشطون على مواقع تواصل اجتماعيّة أمر يستحقّ التوقّف عنده. ما قالته تلك المرأة بحرقة واضحة هو لسان حال كثيرين قد لا يجرؤون على الإفصاح عن ما يدور في خلدهم وقد ظنّوا أنّ في ذلك خيانة لأبناء جلدتهم. مداراة "البيت الداخلي" والتستّر عمّا يرتكبه الأقربون - مهما كان شنيعاً فاضحاً - أمران موجبان لبقاء "القبيلة".



في واحد من التعليقات الواردة على ذلك التسجيل الذي يوثّق ما قد يصفه بعضهم بالمشين، نقرأ: "ثمّة شيء مربك جداً في أن يقول بيض لسوداء إنّها ليست حرّة رغم رفضها تلك الادّعاءات. كما لو أنّهم يريدون إبقاءها في وضع أدنى... أنتِ أقلّ منّي شأناً لكنّني ذو أصل كريم وأمدّ لك يدي". هذه الكلمات كذلك تستحقّ التوقّف عندها. هي قد تصحّ في مواقف أخرى كثيرة... عندما يتوجّه أحدهم أو جماعة ما إلى من هم أقلّ حظوة أو أكثر بؤساً، من أمثال فئات مهمّشة مختلفة في المجتمع وإن كانوا من العرق نفسه. ويبقى أنّ الحقيقة، أو لنقل تسمية الأشياء بأسمائها، أمر مكروه... فلنقرّ بذلك.
المساهمون