تحت شعار "السرعة شبح قاتل"، أحيت الجزائر اليوم الأحد، على غرار دول العالم، اليوم العالمي لضحايا الطريق.
وتخلف حوادث الطرق نحو مليون ونصف المليون حالة وفاة، وأكثر من 50 مليون مصاب سنوياً حول العالم، 500 ألف منهم أطفال وفق آخر تقرير للأمم المتحدة، ولازالت الجزائر تحتل الصدارة عربياً، والمرتبة الرابعة في العالم، في حصيلة حوادث المرور التي ترتفع من سنة إلى أخرى، لتزيد من عدد الضحايا ونسبة المعوقين والمصابين بسبب إرهاب الطرقات، الذي بات أكثر استهدافاً للحافلات والمركبات العمومية التي تخلف كل أسبوع ضحايا جدداً.
وسجلت مصالح الدرك الوطني الجزائري، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، وقوع 21194 حادثاً، نتج منها 3457 حالة وفاة، و39043 جريحاً، تسببت في كثير منها مركبات الوزن الثقيل.
وقال الرائد رحموني خالد، من مركز الإعلام والتنسيق المروري للدرك الوطني، إن أغلبية مرتكبي الحوادث هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين أقل من 18 سنة إلى 34 سنة. وأشار الرائد رحموني، إلى أن هذه الظاهرة تكلف خزينة الدولة الجزائرية "أكثر من 100 مليار دينار جزائري سنوياً"، مشيراً إلى أنه بهذه القيمة المالية تستطيع الدولة "إنجاز 22 مستشفى بسعة 240 سريراً، أو إنجاز 812 عيادة متعددة الخدمات".
وتمثل حوادث المرور مشكلة اجتماعية وإنسانية واقتصادية، وتؤكد الأرقام أن فصل الصيف أكثر فترات السنة تسجيلاً لحوادث المرور نظراً إلى ارتفاع حجم الحركة على طرقات الشريط الساحلي.
ولم تنفع كل الحملات الإعلامية، ولا التجنيد الكبير لمصالح الأمن، في التقليل من الظاهرة، باعتبار أن حصيلتها ما زالت في ارتفاع وتزايد خطير ومقلق، الأمر الذي بات يتطلب إعادة النظر في القوانين والبحث عن آليات جديدة تكون أكثر صرامة بالنسبة للأشخاص المترشحين، وكذا سائقي الشاحنات والحافلات والمركبات الكبرى التي أصبحت تسجل أرقاماً مخيفة في حوادث المرور.
وللحوادث المرورية آثار اقتصادية كبيرة، وقد تكون الخسائر غير منظورة أو غير مباشرة، يصعب احتسابها، ويمتد هذا الأثر على الفرد والمجتمع. كما يشكل مرضى الحوادث على الطرق ما بين 13 في المئة و 31 في المئة من إجمالي المصابين في المستشفيات.
وكانت إحصائيات رسمية سابقة أشارت، إلى أن حوادث السير في الجزائر خلفت السنة الماضية ما مجموعه 4540 قتيلاً، مسجلة ارتفاعاً مقارنة بالسنة التي قبلها (4447 قتيلاً). وخلفت هذه الحوادث (2013) ومجموعها 42 ألفاً و846 حادثة، أيضاً جرح 69 ألفاً و582، مكلفة خزينة الدولة خسائر تفوق 100 مليار دينار (أي نحو مليار يورو)، وفق تصريحات وزير النقل عمار غول.
ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لحوادث الطرق في: الإفراط في السرعة وقيادة المركبة برعونة وطيش، وقد لا تكون السرعة لوحدها العامل المباشر، ولكن تعتبر السرعة الشديدة هي إحدى العوامل التي تعجل في وقوع الحوادث وتزيد من خطورتها، والإهمال وعدم الانتباه وانشغال السائق أثناء قيادة المركبة، إما بالتحدث مع الركاب أو استخدام الهاتف النقال، وتناول المشروبات الروحية، أو بعض العقاقير والأدوية التي تؤدي إلى النعاس. وكذا عدم تطبيق القواعد المرورية.
وعلى مستوى التشريع لا تشكو الجزائر من نقص في النصوص، بالنظر إلى القائمة الكبيرة من من الإجراءات الحديثة الرامية للحد من ارتفاع حوادث الطرق.
ولا تنحصر السياسة الوطنية للوقاية من حوادث الطرق في فرض عقوبات، بل ترتكز على وعي المواطنين بإشراك مختصين في علم الاجتماع وعلم النفس للتوصل إلى تقليص عدد الحوادث، والإكثار من حملات وسائل الإعلام، وهذا ما أشارت إليه بالعاصمة جمعيات تنشط في هذا المجال.
وخلال منتدى أقامته يومية "المجاهد" أشارت رئيسة جمعية "البركة" لمساعدة الأشخاص المعاقين، فلورا بو برغوث، ورئيس جمعية "طريق السلامة" محمد العزوني، إلى أن "العقوبات لم تعالج صميم مشكلة حوادث المرور" لأن الأمر يتعلق بـ"ظاهرة يجب معالجتها على عدة مستويات، وتخص جميع فئات المجتمع".