حوادث السير كابوس يحصد أرواح التونسيين

29 ديسمبر 2016
حادث القطار (ياسين مجيدي/ الأناضول)
+ الخط -

لم يلتقط التونسيون أنفاسهم بعدُ من حادثة قطار الأمس، حتى فوجئوا صباح اليوم الخميس، بحادث جديد في منطقة "الحبابثة"، من ولاية سليانة في الشمال الغربي، أدى إلى إصابة 6 تلاميذ كانوا يركبون شاحنة خفيفة في طريقهم إلى مدرستهم بعد أن اصطدمت الشاحنة بجرار فلاحي ما تسبب في انقلابها.

ولم تكن أسباب حادثة أمس، الأربعاء، التي أودت بحياة خمسة أشخاص وتسببت بإصابة أكثر من خمسين آخرين، جديدة بل هي متكررة وسبقت الشكوى منها على مدار سنوات، وربما تتكرر.

واصطدم القطار بالحافلة بسبب انعدام إجراءات السلامة على التقاطع الضوئي، حيث تغيب الإشارات الضوئية والحواجز الالكترونية والحرّاس عن عدد كبير من التقاطعات في كثير من المدن والقرى التونسية، وخصوصا المناطق النائية، إضافة إلى عدم تقيّد سائقي السيارات والشاحنات والدراجات النارية بقوانين المرور.
غير أن حوادث الطرقات في تونس تحوّلت إلى كابوس مفزع يحصد أرواح المئات سنويا، ما دفع عددا كبيرا من الخبراء إلى وصفه بـ"إرهاب الطرقات"، وسط تراخي السلطات في تطبيق القانون، والانصراف إلى معالجة مشاكل أخرى تعتبرها ذات أولوية، في حين أن الإحصائيات تؤكد أن حوادث السير من الأولويات لتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة.

وتؤكد أرقام المرصد الوطني للمرور والسلامة، أن عدد القتلى خلال هذا العام بلغ 1428، مقابل 1390 في السنة الماضية، وارتفع عدد الجرحى كذلك إلى 10910 مقابل 10766 في السنة الماضية، مع كل ما تعنيه هذه الإصابات من مشاكل تنسحب على عائلات القتلى والجرحى، والمؤسسات التي يعملون فيها، وشركات التأمين، وقطاع الصحة والمستشفيات وكل المجالات الأخرى التي تتداخل في الموضوع.


وتتكرر هذه الحوادث في المناطق النائية بسبب بُعد المدارس عن المناطق السكنية، واضطرار الأطفال إلى ركوب شاحنات لمتابعة الدروس في طرقات غير مؤهلة وظروف تنقل لا تتوفر فيها أبسط شروط السلامة.

وبالعودة إلى حادثة الأمس وما رافقها من جدل سياسي، أكد كاتب الدولة للنقل، هشام بن أحمد، اليوم الخميس، تكوين لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات الحادث، وإمهال اللجنة أسبوعا لتقديم نتائجها والإعلان عنها للرأي العام.

وأضاف بن أحمد، في تصريح إذاعي، أن وزارة النقل أعلنت، مساء الأربعاء، اتخاذ إجراءات عاجلة تتمثل في القيام بعملية جرد وتشخيص حول صلاحية وتشغيل كل التجهيزات الخاصة بالتقاطعات مع السكك الحديدية، ووضع "عون سلامة" عند كل التقاطعات الخطرة وغير المجهزة بمواطن العمران، وتحديد النقاط السوداء التي تكررت فيها الحوادث والإسراع بتجهيزها في 2017، وصيانة كل تجهيزات التقاطعات الحالية.
وأكد بدء التنسيق مع وزارة التجهيز والإسكان والبلديات لتنفيذ خطة عاجلة تتعلق بتركيز العلامات الضرورية قبل التقاطعات وعند الاقتضاء تركيز مخفضات السرعة، بالإضافة إلى دعوة كل الشركات الوطنية والجهوية للنقل العمومي لتفعيل برنامج سنوي للسلامة يرتكز بالأساس على "أعوان الاستغلال" وصيانة وسائل النقل.

وطالب حزب "تونس الإرادة"، الذي يتزعمه الرئيس السابق، منصف المرزوقي، وزير النقل بالاستقالة، وانضم إليه النائب عن نداء تونس، عبد العزيز القطي، معتبرا أنه يُفترض بالوزير أن يقدم استقالته بعد الحادث.
يُذكر أنه تمت، أمس، إقالة المديرة العامة لشركة السكك الحديدية في أول قرار بعد وقوع الحادث.