غيرت مئات الحواجز العسكرية، التي أقامها النظام السوري في محيط المناطق التي يسيطر عليها، حياة السكان هناك. ففضلاً عن حالة الرعب الذي تبثه في قلوبهم، بسبب ممارساتها القمعية واختفاء الكثير منهم أثناء مرورهم عليها، باتت تلك الحواجز تفرض إتاوات (خوّات) على الذين يمرون عبرها، وخصوصاً أصحاب المصالح التجارية، لتجني بذلك ملايين الليرات السورية يومياً، ويطلق عليها تبعاً لذلك أسماء عديدة تبدأ بـ"حاجز المئة ألف"، مروراً بـ"حاجز المليون"، ووصولاً إلى "حاجز الـ3 ملايين".
تكتسب بعض حواجز النظام موقعاً استثنائياً يتيح لها تركيز ابتزازها المالي على شرائح التجار والصناعيين.
المثال الأبرز على ذلك هو "حاجز الزبلطاني" الذي يقع مقابل "سوق الهال"، وهي السوق المركزية لتوزيع الخضار والفواكه في مدينة دمشق وريفها. يقول الناشط السوري أبو مضر لـ"العربي الجديد": "انتزع حاجز سوق الهال لقب حاجز المليونين، بعد أن كان يلقب بحاجز
المليون، وهو في طريقه ليصير حاجز الثلاثة ملايين، إذ يستغل حاجة الشاحنات المحملة بالخضار للدخول والخروج من سوق الهال، ويفرض عليها إتاوات كبيرة تختلف بحسب الحمولة والبضاعة". ويضيف أبو مضر: "لا يطلب الحاجز مبلغاً مالياً بصورة مباشرة، لكنه يطلب من السائق تنزيل كل حمولته من أجل التفتيش، ما يدفع السائقين إلى دفع مبلغ مالي لتجاوز عملية التفتيش تلك".
قبل أن تسيطر قوات من المعارضة السورية على معبر نصيب الحدودي في محافظة درعا مطلع الشهر الحالي، كانت جميع الشاحنات المحملة بالخضار والفواكه والمواد الصناعية والغذائية المختلفة المتجهة إلى الأردن تمر عبر هذا المعبر. الأمر الذي جعل الحواجز التابعة لجيش ومليشيات النظام على طريق درعا وعند معبر نصيب الحدودي "تجني ملايين الليرات في كل يوم" يقول الناشط السوري زاهر الحريري من مدينة درعا لـ"العربي الجديد".
ويشرح: "بعض الشاحنات التي ترفض دفع إتاوة مالية لتجاوز عمليات التفتيش، يجبرها الحاجز على تنزيل كل حمولتها حتى لو كانت مواد بناء، لذلك يمكنك أن ترى أكوام الإسمنت والرمل الأبيض أو الأحمر الخاص بالبناء على جانبي الطريق إذا توجهت إلى درعا، وترى الشاحنة واقفة بجانبها بانتظار فرج الله!".
يشير الباحث الاقتصادي رياض سرحان لـ"العربي الجديد" إلى أن "ظاهرة الابتزاز المالي التي تمارسها أجهزة النظام ليست وليدة الأحداث الحالية، إذ لطالما ابتزت مؤسسات الدولة السوريين لتسهيل معاملاتهم القانونية، وفي حال رفضوا دفع الرشوة كان يجري الانتقام منهم بافتعال العراقيل الإدارية من قبل الموظفين. هكذا فإن عناصر الحاجز النظامي يطبقون تقليدا قديما لدى مؤسسات النظام السوري". لكن الجديد في الأمر- كما يقول سرحان- هو أن "النظام الذي كان يتجاهل عمليات الفساد والرشوة واسعة الانتشار في مؤسساته، بات يشجع عليها عناصر حواجزه، إذ تجري عمليات الابتزاز على الحواجز بصورة شبه علنية".
لا تقتصر الأموال التي يجنيها عناصر حواجز النظام السوري على ابتزاز الشاحنات التجارية، بل تتعدى ذلك إلى استغلال حالة الحصار الخانق التي تفرضها على بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. إذ يُعرف الحاجز قرب مخيم الوافدين بمحاذاة أوتستراد دمشق- حمص بـ"حاجز المليون"، فموقعه الحيوي، باعتباره المدخل الوحيد حالياً لغوطة دمشق، يتيح للعناصر التي تديره أن تجني أموالاً طائلة تصل إلى مليون ليرة سورية يومياً. يقول الناشط في الغوطة الشرقية عبدالله الحافي لـ"العربي الجديد": "من يريد الهروب من الحصار يحتاج إلى مبلغ طائل يقدم كرشوة لعناصر هذا الحاجز، وكذلك الحال لمن أراد إدخال البضائع. وتبدأ عمولة الحاجز بـ300% من سعر البضاعة، وصولاً إلى 10 أضعاف كلفة المواد الأساسية".
وكذلك الحال في بلدة بيت سحم في جنوب دمشق، حيث تم توقيع هدنة مع قوات النظام في وقت سابق، إذ يجري إدخال شاحنات صغيرة محملة بالمواد الغذائية لتجد طريقها لاحقاً إلى مختلف بلدات جنوب دمشق. يقدر ناشطون الحركة التجارية اليومية على حاجز بيت سحم بأكثر من 30 مليون ليرة سورية يومياً، ما يؤسس لنشوء أثرياء بين عناصر الحاجز، ليرتدوا فيما بعد ربطات العنق.
إقرأ أيضا: ملف الملحق: هكذا يمكن هدم الاقتصادات العربيّة
تكتسب بعض حواجز النظام موقعاً استثنائياً يتيح لها تركيز ابتزازها المالي على شرائح التجار والصناعيين.
المثال الأبرز على ذلك هو "حاجز الزبلطاني" الذي يقع مقابل "سوق الهال"، وهي السوق المركزية لتوزيع الخضار والفواكه في مدينة دمشق وريفها. يقول الناشط السوري أبو مضر لـ"العربي الجديد": "انتزع حاجز سوق الهال لقب حاجز المليونين، بعد أن كان يلقب بحاجز
قبل أن تسيطر قوات من المعارضة السورية على معبر نصيب الحدودي في محافظة درعا مطلع الشهر الحالي، كانت جميع الشاحنات المحملة بالخضار والفواكه والمواد الصناعية والغذائية المختلفة المتجهة إلى الأردن تمر عبر هذا المعبر. الأمر الذي جعل الحواجز التابعة لجيش ومليشيات النظام على طريق درعا وعند معبر نصيب الحدودي "تجني ملايين الليرات في كل يوم" يقول الناشط السوري زاهر الحريري من مدينة درعا لـ"العربي الجديد".
ويشرح: "بعض الشاحنات التي ترفض دفع إتاوة مالية لتجاوز عمليات التفتيش، يجبرها الحاجز على تنزيل كل حمولتها حتى لو كانت مواد بناء، لذلك يمكنك أن ترى أكوام الإسمنت والرمل الأبيض أو الأحمر الخاص بالبناء على جانبي الطريق إذا توجهت إلى درعا، وترى الشاحنة واقفة بجانبها بانتظار فرج الله!".
يشير الباحث الاقتصادي رياض سرحان لـ"العربي الجديد" إلى أن "ظاهرة الابتزاز المالي التي تمارسها أجهزة النظام ليست وليدة الأحداث الحالية، إذ لطالما ابتزت مؤسسات الدولة السوريين لتسهيل معاملاتهم القانونية، وفي حال رفضوا دفع الرشوة كان يجري الانتقام منهم بافتعال العراقيل الإدارية من قبل الموظفين. هكذا فإن عناصر الحاجز النظامي يطبقون تقليدا قديما لدى مؤسسات النظام السوري". لكن الجديد في الأمر- كما يقول سرحان- هو أن "النظام الذي كان يتجاهل عمليات الفساد والرشوة واسعة الانتشار في مؤسساته، بات يشجع عليها عناصر حواجزه، إذ تجري عمليات الابتزاز على الحواجز بصورة شبه علنية".
لا تقتصر الأموال التي يجنيها عناصر حواجز النظام السوري على ابتزاز الشاحنات التجارية، بل تتعدى ذلك إلى استغلال حالة الحصار الخانق التي تفرضها على بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. إذ يُعرف الحاجز قرب مخيم الوافدين بمحاذاة أوتستراد دمشق- حمص بـ"حاجز المليون"، فموقعه الحيوي، باعتباره المدخل الوحيد حالياً لغوطة دمشق، يتيح للعناصر التي تديره أن تجني أموالاً طائلة تصل إلى مليون ليرة سورية يومياً. يقول الناشط في الغوطة الشرقية عبدالله الحافي لـ"العربي الجديد": "من يريد الهروب من الحصار يحتاج إلى مبلغ طائل يقدم كرشوة لعناصر هذا الحاجز، وكذلك الحال لمن أراد إدخال البضائع. وتبدأ عمولة الحاجز بـ300% من سعر البضاعة، وصولاً إلى 10 أضعاف كلفة المواد الأساسية".
وكذلك الحال في بلدة بيت سحم في جنوب دمشق، حيث تم توقيع هدنة مع قوات النظام في وقت سابق، إذ يجري إدخال شاحنات صغيرة محملة بالمواد الغذائية لتجد طريقها لاحقاً إلى مختلف بلدات جنوب دمشق. يقدر ناشطون الحركة التجارية اليومية على حاجز بيت سحم بأكثر من 30 مليون ليرة سورية يومياً، ما يؤسس لنشوء أثرياء بين عناصر الحاجز، ليرتدوا فيما بعد ربطات العنق.
إقرأ أيضا: ملف الملحق: هكذا يمكن هدم الاقتصادات العربيّة