حمّى الهضبة: المراهقة مع نجوم التسعينيات

09 اغسطس 2014
"ميّال.. ميّال" أغنية شغلت جيل التسعينيات (آدم جان Getty)
+ الخط -

كان الإيقاع سريعاً حدَّ الغرابة. النوتة المكررة التي رافقت الأغنية تدفعك إلى الرقص. اسم الأغنية "ميّال.. ميّال". اجتاحت تلك الأغنية لبنان في صيف عام 1989 من دون أن نعرف اسم صاحبها.
اكتفى الناس حينها بالتجمع حول بائع شرائط الكاسيت، وتقديم طلبهم كالآتي: بدّي أغنية "ميّال" لو سمحت. كانت الحرب الأهلية اللبنانية تلفظ عامها الأخير. ما أن تهدأ القذائف المتبادلة بين الجيشين اللبناني والسوري حتى تخرج من البيوت موسيقى حجاج عبد الرحمن. نُسبت الأغنية إلى الملحن حميد الشاعري، بادئ الأمر. إذ أن الموسيقيّ الليبي كان بدأ ثورته الفعلية في عالم الأغنية العربية، تلك الثورة التي أنتجت لاحقاً إيهاب توفيق ومصطفى قمر وهشام عباس، لكن همّنا الأوحد كان معرفة صاحب أغنية "ميّال". عمر أديب! عمر دياب! عمرو! ... أيام معدودة فقط بعد انتشار الأغنية، وصار عمرو دياب على لسان الجميع، ودخلنا العصر المعروف بـ"عصر الهضبة".

جسدت أغاني دياب وجهنا الآخر. جسدت تمردنا على سلطة الأهل في سنّ المراهقة. استهجن الجيل القديم إيقاع أغانيه السريع، وانتقدوا الكلمات المرافقة للإيقاع أيضاً. علماً أن دياب لم يضطر الى إثارة الغرابة كما فعل أحمد عدوية في بدايته من خلال "السح دح امبو" وغيرها منتصف السبعينيات. وجد الأهالي سبباً جديداً لانتقادنا وانتقاد أسلوب حياتنا "هيدا المغني النطناط بلاه وبلا هالموسيقى .. طفي المسجلة!". تصرخ والدتي كلما اشتريت كاسيتاً جديداً له. ابتدع الأهالي ألقاباً كثيرة لدياب، من بينها "النطناط" أي كثير القفز. الكل تابع عمرو دياب. أصحاب الصالونات ومحلات الثياب كانوا أكبر المستفيدين. تعلم مصفّفو الشعر كلّ قصاته التي قلدناها، امتلأت محلات الثياب بالجيليهات التي لبسناها معه، والشورتات وجاكيتات الجلد فيما بعد. كنا نستوحي موضتنا من فيديو كليباته.
لم يخذلنا عمرو دياب يوماً. أضاف حيوية دائمة على شبابنا. زيّن سهراتنا الصيفية، علاقاتنا الغرامية وحياتنا الجامعية والمهنية. أغاني مثل "راجعين " و"عودوني" و"حبيبي يا نور العين " وصولاً إلى " الليلة دي" رافقتنا في كل المراحل. كان عمرو دياب يتجدد معنا، يواكب سرعة عصرنا و"يتمرد على الوضع الحالي" أيضاً. حتى أمي التي حجّت إلى بيت الله منذ عامين، أصبحت تقول لي خلال نزهتنا العائلية "معك عمرو دياب بمسجلة السيارة ؟!".

 

 

دلالات
المساهمون