حمّالو موريتانيا.. تعب بمقابل زهيد

28 فبراير 2015
ينظم الحمالون الكثير من الاحتجاجات التي تعطّل الأسواق (مغاربية)
+ الخط -

تزداد الحاجة إلى الحمالين في الأسواق الشعبية في موريتانيا. فالطرقات الضيقة ومسالكها الوعرة تحول دون استخدام العربات والشاحنات. ويقتصر نقل البضائع على جهود الحمّالين وحدهم. لكن وبالرغم من ذلك، فعمال "الحِمالة" كما يسميهم الموريتانيون يعيشون أوضاعاً صعبة، بسبب معاناتهم في نقل أوزان ثقيلة، وتأثير سنوات العمل على صحتهم من جهة، ودخلهم المالي الزهيد من جهة أخرى، مع غياب الضمانات والتأمينات الاجتماعية.

ويعتبر الحمّالون العصب الذي يحرك الأسواق والموانئ في بلد يستورد نحو 90 في المائة من حاجياته. وغالباً ما ترفع احتجاجات الحمالين أسعار السلع، وتوقف حركة البيع والشراء في البلاد، خاصة في ظلّ وجود نقابة لهم.

ويسهّل الحمالون حركة النقل بعملهم داخل الموانئ والمطارات والأسواق، خصوصاً أنّ أغلب هذه المرافق لا تتوافر فيها الرافعات الحديثة. كما يحول ازدحامها والموانع الهندسية فيها دون استعمال الرافعات. فيبقى نشاطها مرهوناً بعمل الحمالين الذين ينقلون السلع والبضائع فوق ظهورهم وبواسطة دواب أو عربات يدوية.

من جهته، يقول محمد محمود ولد شماد (35 عاما)، وهو من حمّالي سوق العاصمة نواكشوط، لـ"العربي الجديد" إنّه يعمل منذ 20 عاماً في نقل السلع والبضائع الجديدة إلى المتاجر، وإعادة القديمة إلى مخازن المورّدين. كما يساعد المتسوقين في حمل المشتريات الثقيلة إلى الشارع الرئيسي ووسائل النقل فيه.

يبدو ولد شماد فخوراً بعمله وسعيداً بحاجة التجار إليه، فازدحام السوق ووعورة طرقه ومسالكه تمنع نقل البضائع بالعربات. ويشير إلى أنّ إيراده اليومي من نقل البضائع يتراوح بين 8 و14 دولارا يومياً. لكنّه يأمل تحسّن الدخل مستقبلاً. كما يأمل أن تتمكن نقابة الحمالين من توفير ضمان اجتماعي وتغطية صحية للحمّالين.

في المقابل، يقول التاجر إبراهيم ولد بابا أحمد إنّ الحمّالين عصب الحياة داخل سوق العاصمة، حيث يعتمد عليهم جميع التجار والموردين لنقل السلع والبضائع وبث حركة نشيطة في السوق. وكذلك إرضاء المتسوقين بحمل مشترياتهم الثقيلة إلى العربات. ويشير إلى أنّ أحوال السوق "تتأثر بسبب إضرابات الحمّالين، كلّ فترة، فدورهم أساسي في تحريك الأسواق مهما كان نشاطها". يضيف: "تتأثر تجارتنا كثيرا، بسبب احتجاجات الحمّالين واستغلال البعض لهم في تنظيم مسيرات عمالية وحقوقية... فهم النواة الحقيقية لنشاطنا".

كما يتحدث ولد بابا أحمد لـ"العربي الجديد" عن جوانب أخرى متعلقة بالحمّالين، وهي "المشاجرات والمشاحنات التي تجري بين الحمّالين الموريتانيين والأجانب". وهنالك أيضاً "شكاوى المتسوقين من طريقة عمل الحمالين، وفرضهم تعريفة مرتفعة مقابل نقل البضائع، وركضهم في الأسواق وتسابقهم فيما بينهم بفوضى، وتدافعهم مع المارة".

وينظم الحمّالون مسيرات وتظاهرات، احتجاجاً على ظروف عملهم، خصوصاً بسبب ما يتعرضون له من مضايقات داخل ميناء العاصمة. ويطالبون بزيادة التعويض الممنوح لهم عن تفريغ ونقل البضائع داخل الميناء، وتعديل نظام الرواتب ومنحهم رواتب ثابتة بدل التعويضات المؤقتة، وسنّ قوانين تضمن لهم الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية، وحمايتهم من بطش بعض التجار ورجال الأعمال والسلطات البلدية.

بدوره، يقول بركة ولد ميلود (41 عاماً)، الذي يعمل في ميدان تحميل البضائع، إنّ دخله اليومي يتراوح في المتوسط ما بين 10 و16 دولاراً. وعن طبيعة عمله يقول: "أبدأ بنقل أنواع مختلفة من البضائع في أكياس وصناديق من المخازن إلى المتاجر. وأحرص على عدم إسقاطها وإتلاف ما بداخلها. ثم أنقل البضائع القديمة إلى المخازن. وفي فترة المساء، أنقل مشتريات زبائن الأسواق إلى السيارات. وأستند في كلّ عملي على قوتي الجسمانية. كذلك أستخدم عربة يدوية لنقل الحمولات الثقيلة".

ويشير ولد ميلود إلى أنّ معظم الحمّالين الموريتانيين يشتكون من مزاحمة الأجانب لهم. وبذلك، بات الكثير منهم مضطراً إلى القبول بأسعار متدنية، بفعل المنافسة من قبل الأجانب في الميناء. ويضيف: "الحمّالون الأجانب يقبلون بأيّ سعر، ويتوجب علينا مسايرتهم، كي لا تضيع أرزاقنا".

كما يشير ولد ميلود إلى معاناة أخرى للحمّالين في موريتانيا، وهي المعاناة الصحية. ويقول: "بدأت عوارض الأمراض الناتجة عن حمل الأثقال يوميا، تظهر، خصوصاً مع آلام ظهري، وتورّم يديّ. حتى بتّ غير قادر على مواصلة عملي حتى نهاية اليوم، كما كنت سابقاً".