تصدر حميد شباط، الأمين العام لحزب "الاستقلال" واجهة الأحداث في المغرب خلال الفترة الأخيرة. وحظيت مواقف شباط باهتمام كبير بعيد انتخابات 7 أكتوبر الماضي، قبل أن تثير تصريحاته بشأن موريتانيا جدلاً كبيراً وأزمة بين الرباط ونواكشوط الشهر الماضي.
رأى شباط النور في أحد أيام أغسطس/آب 1953 في ضواحي مدينة تازة (شمال)، غير البعيدة عن فاس التي سيصنع فيها مساره السياسي. يحسب لشباط أنه أول شخصية تتربع على عرش حزب الاستقلال، أحد أقدم وأهم الأحزاب في المغرب، دون أن يكون سليل أسرة ثرية أو ذات تاريخ في قيادة الحزب، خصوصاً "آل الفاسي".
لا يخفي شباط، في تصريحات كثيرة، فخره بوصوله إلى قيادة نقابة الاتحاد العام للشغالين، الذراع النقابية لـ"الاستقلال"، قبل أن يصبح زعمياً للحزب نفسه بعد منافسة قوية مع عبدالواحد الفاسي، وزير الصحة الأسبق، ونجل مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي، علال الفاسي.
وإذا كان شباط قد أفلح، وهو "ابن الشعب"، كما يحلو له أن يصف نفسه، في زعامة الحزب والنقابة، فإنه لم يحقق هذا "المجد السياسي والنقابي" بفضل شهادات جامعية، خصوصاً من فرنسا على غرار كثير من نخب المغرب، بل بعصامية يشهد له بها كثيرون.
انطلق حميد شباط "من الصفر" وتدرج في النضال في النقابة من مناضل عادي إلى زعيم. ربما لم يكن كثيرون من أقرانه يتنبأون له بهذا النجاح، لا سيما أنه أدار وجهه في سبيعنيات القرن الماضي للدراسة في الجامعة وراهن على تعلم مهنة في مؤسسة للتأهيل المهني حصل منها على شهادة في المكانيك سمحت له بالعمل تقنياً فترة من الزمن.
يحلو لكثيرين من مناصري شباط أن يشبهوه بالزعيم البولندي الشهير، ليش فاليسا، الذي عمل بدوره تقنياً، ثم نجح في الوصول إلى أعلى سلطة في بولندا. شباط أيضاً بدأ مسيرته تقنياً بسيطاً، ثم قاده نشاطه النقابي إلى الواجهة قبل أن يعتلي زعامة حزب الاستقلال على حساب النخب التقليدية في الحزب.
وفي المقابل، يرى فيه مناوئون مجرد "سياسي شعبوي" لا يتقن سوى لغة الاتهامات والوعيد. يقولون أيضاً، إنه ليس في مستوى قيادة حزب عتيد وعريق بحجم حزب "الاستقلال". وبعد تراجع نتائج الحزب خلال الانتخابات البلدية في 2015 وتشريعيات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تحميله مسؤولية هذا التراجع، خصوصاً بعد الانقسام الذي شهد الحزب عقب انتخابه أميناً عاماً له.
ففي انتخابات 7 أكتوبر، تراجع الحزب إلى المركز الثالث بعدما تقلص عدد نوابه في مجلس النواب إلى 47 فقط مقابل 60 في انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وقد أرجع كثيرون تراجع هذه النتائج إلى قرار شباط نفسه الخروج من حكومة عبدالإله بنكيران الأولى في مايو/أيار 2013.
وبرر شباط وقتها هذا الانسحاب بخلاف في وجهات النظر مع بنكيران بشأن الإصلاحات ذات الأولوية. وبعد الانسحاب، جرت ملاسنات متبادلة بين شباط بنكيران، ومن أشهرها اتهام شباط زعيم العدالة والتنمية، خلال جلسة برلمانية، بموالاة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والموساد الإسرائيلي. من جهته، اتهم نبكيران زعيم "الاستقلال" بالكذب، واصفاً إياه بـ"الكذاب".
غير أن الصفاء سيعود تدريجياً إلى علاقات الرجلين ابتداء من فترة انتخاب رؤساء الجهات عقب انتخابات 2015، ثم ما لبثا أن صارا حليفين غداة إعلان نتائج انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقرار حزب الاسقلال المشاركة في حكومة بنكيران الثانية من دون شروط مسبقة.
أكثر منذ لك، أثار شباط جدلاً كبيراً بعد كشفه في تصريحات صحافية عن انعقاد اجتماع ضم زعماء أحزاب مغربية يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول لبحث موقف رافض للمشاركة في أي حكومة يقودها بنكيران.
قربت هذه التصريحات بين شباط وبنكيران وبدا أن مشاركة الاستقلال في الحكومة الجديدة أمر محسوم، طبعاً إلى جانب حزب التقدم والاشتراكية (يساري)، الحليف التقليدي لبنكيران. غير أن الأحزاب الثلاثة لا تمتلك الأغلبية الكافية لتشكيل الحكومة، ما اضطر بنكيران إلى طرق أبواب أحزاب أخرى أهمها حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي فاجأ زعيمه الجديد، الملياردير عزيز أخنوش، الجميع، بمن فيهم بنكيران نفسه، برفع الفيتو ضد مشاركة الاستقلال في الحكومة.
أربك هذا الفيتو بنكيران وخلط أوراقه وجمد مشاورات تشكيل الحكومة. وفي ظل هذا الجمود، عاد شباط إلى واجهة الأحداث بتصريحات قال فيها إن "موريتانيا أرض مغربية"، وما تسبب في أزمة بين البلدين سرعان ما تم احتواؤها بعد اتصال العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بالرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، قبل أن يوفد بنكيران شخصياً للقاء رئيس موريتانيا لتبديد أثر تلك التصريحات.
ويوم السبت الماضي، توجهت الأنظار مجدداً إلى المقر العام لحزب الاستقلال في الرباط في ظل توقعات بالإطاحة بشباط من قيادة الحزب، خصوصاً بعد إصدار قياديين بارزين، من بينهم الزعيم التاريخي محمد بوستة، بياناً عبروا فيه عن عدم رضاهم عن الطريقة التي يدبر بها شباط شؤون الحزب.
لكن شباط أفلت من المقصلة التي نصبت له في هذا الاجتماع، وتلقى تأييداً كبيراً من أعضاء المجلس الوطني للحزب، ولا سيما بعد إعلانه الانسحاب من اللجنة المكلفة التفاوضَ مع بنكيران بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وقراره تفويض تدبير شؤون الحزب للجنة خاصة إلى حين انعقاد المؤتمر المقبل للحزب. وفي الاجتماع نفسه، جدد شباط التعبير عن استعداد الحزب لدعم حكومة بنكيران في البرلمان حتى في حال عدم انضمامه إلى الائتلاف الحكومي المقبل.
رأى شباط النور في أحد أيام أغسطس/آب 1953 في ضواحي مدينة تازة (شمال)، غير البعيدة عن فاس التي سيصنع فيها مساره السياسي. يحسب لشباط أنه أول شخصية تتربع على عرش حزب الاستقلال، أحد أقدم وأهم الأحزاب في المغرب، دون أن يكون سليل أسرة ثرية أو ذات تاريخ في قيادة الحزب، خصوصاً "آل الفاسي".
لا يخفي شباط، في تصريحات كثيرة، فخره بوصوله إلى قيادة نقابة الاتحاد العام للشغالين، الذراع النقابية لـ"الاستقلال"، قبل أن يصبح زعمياً للحزب نفسه بعد منافسة قوية مع عبدالواحد الفاسي، وزير الصحة الأسبق، ونجل مؤسس الحزب وزعيمه التاريخي، علال الفاسي.
وإذا كان شباط قد أفلح، وهو "ابن الشعب"، كما يحلو له أن يصف نفسه، في زعامة الحزب والنقابة، فإنه لم يحقق هذا "المجد السياسي والنقابي" بفضل شهادات جامعية، خصوصاً من فرنسا على غرار كثير من نخب المغرب، بل بعصامية يشهد له بها كثيرون.
انطلق حميد شباط "من الصفر" وتدرج في النضال في النقابة من مناضل عادي إلى زعيم. ربما لم يكن كثيرون من أقرانه يتنبأون له بهذا النجاح، لا سيما أنه أدار وجهه في سبيعنيات القرن الماضي للدراسة في الجامعة وراهن على تعلم مهنة في مؤسسة للتأهيل المهني حصل منها على شهادة في المكانيك سمحت له بالعمل تقنياً فترة من الزمن.
يحلو لكثيرين من مناصري شباط أن يشبهوه بالزعيم البولندي الشهير، ليش فاليسا، الذي عمل بدوره تقنياً، ثم نجح في الوصول إلى أعلى سلطة في بولندا. شباط أيضاً بدأ مسيرته تقنياً بسيطاً، ثم قاده نشاطه النقابي إلى الواجهة قبل أن يعتلي زعامة حزب الاستقلال على حساب النخب التقليدية في الحزب.
وفي المقابل، يرى فيه مناوئون مجرد "سياسي شعبوي" لا يتقن سوى لغة الاتهامات والوعيد. يقولون أيضاً، إنه ليس في مستوى قيادة حزب عتيد وعريق بحجم حزب "الاستقلال". وبعد تراجع نتائج الحزب خلال الانتخابات البلدية في 2015 وتشريعيات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تحميله مسؤولية هذا التراجع، خصوصاً بعد الانقسام الذي شهد الحزب عقب انتخابه أميناً عاماً له.
ففي انتخابات 7 أكتوبر، تراجع الحزب إلى المركز الثالث بعدما تقلص عدد نوابه في مجلس النواب إلى 47 فقط مقابل 60 في انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. وقد أرجع كثيرون تراجع هذه النتائج إلى قرار شباط نفسه الخروج من حكومة عبدالإله بنكيران الأولى في مايو/أيار 2013.
وبرر شباط وقتها هذا الانسحاب بخلاف في وجهات النظر مع بنكيران بشأن الإصلاحات ذات الأولوية. وبعد الانسحاب، جرت ملاسنات متبادلة بين شباط بنكيران، ومن أشهرها اتهام شباط زعيم العدالة والتنمية، خلال جلسة برلمانية، بموالاة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والموساد الإسرائيلي. من جهته، اتهم نبكيران زعيم "الاستقلال" بالكذب، واصفاً إياه بـ"الكذاب".
غير أن الصفاء سيعود تدريجياً إلى علاقات الرجلين ابتداء من فترة انتخاب رؤساء الجهات عقب انتخابات 2015، ثم ما لبثا أن صارا حليفين غداة إعلان نتائج انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقرار حزب الاسقلال المشاركة في حكومة بنكيران الثانية من دون شروط مسبقة.
أكثر منذ لك، أثار شباط جدلاً كبيراً بعد كشفه في تصريحات صحافية عن انعقاد اجتماع ضم زعماء أحزاب مغربية يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول لبحث موقف رافض للمشاركة في أي حكومة يقودها بنكيران.
قربت هذه التصريحات بين شباط وبنكيران وبدا أن مشاركة الاستقلال في الحكومة الجديدة أمر محسوم، طبعاً إلى جانب حزب التقدم والاشتراكية (يساري)، الحليف التقليدي لبنكيران. غير أن الأحزاب الثلاثة لا تمتلك الأغلبية الكافية لتشكيل الحكومة، ما اضطر بنكيران إلى طرق أبواب أحزاب أخرى أهمها حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي فاجأ زعيمه الجديد، الملياردير عزيز أخنوش، الجميع، بمن فيهم بنكيران نفسه، برفع الفيتو ضد مشاركة الاستقلال في الحكومة.
أربك هذا الفيتو بنكيران وخلط أوراقه وجمد مشاورات تشكيل الحكومة. وفي ظل هذا الجمود، عاد شباط إلى واجهة الأحداث بتصريحات قال فيها إن "موريتانيا أرض مغربية"، وما تسبب في أزمة بين البلدين سرعان ما تم احتواؤها بعد اتصال العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بالرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، قبل أن يوفد بنكيران شخصياً للقاء رئيس موريتانيا لتبديد أثر تلك التصريحات.
ويوم السبت الماضي، توجهت الأنظار مجدداً إلى المقر العام لحزب الاستقلال في الرباط في ظل توقعات بالإطاحة بشباط من قيادة الحزب، خصوصاً بعد إصدار قياديين بارزين، من بينهم الزعيم التاريخي محمد بوستة، بياناً عبروا فيه عن عدم رضاهم عن الطريقة التي يدبر بها شباط شؤون الحزب.
لكن شباط أفلت من المقصلة التي نصبت له في هذا الاجتماع، وتلقى تأييداً كبيراً من أعضاء المجلس الوطني للحزب، ولا سيما بعد إعلانه الانسحاب من اللجنة المكلفة التفاوضَ مع بنكيران بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وقراره تفويض تدبير شؤون الحزب للجنة خاصة إلى حين انعقاد المؤتمر المقبل للحزب. وفي الاجتماع نفسه، جدد شباط التعبير عن استعداد الحزب لدعم حكومة بنكيران في البرلمان حتى في حال عدم انضمامه إلى الائتلاف الحكومي المقبل.