حملة ضد الباعة المتجولين في كابول

15 يناير 2018
توقف البيع (شاه مرائي/ فرانس برس)
+ الخط -
بسبب الازدحام الشديد وغياب خطة متكاملة للسير في العاصمة الأفغانية كابول، يعاني المواطنون الكثير أثناء التحرك. زادت المعاناة بسبب الباعة المتجولين والمحلات والدكاكين الصغيرة المبنية من دون ترخيص، على جوانب الطرقات وفي الأماكن العامة، خصوصاً مع تواطؤ رجال الأمن.

يبدو أن صوت المواطنين وصل أخيراً إلى الحكومة الأفغانية، التي أطلقت حملة للقضاء على هذه المخالفات. وبدأت في هدم تلك الدكاكين والبسطات ووقف عمل العربات. وفاجأت بلدية العاصمة هؤلاء المخالفين في منطقة كوتي سنكي وسط كابول، بعد إشعارات متكررة في السابق لم يمتثلوا لها. بدأت البلدية في فتح الطرقات وهدم المحلات. فتحت الطرقات بالفعل لكن بعدما تمكن عناصر الأمن المرافقون لفرق البلدية من قمع الباعة بالهراوات بعد مواجهات بين الطرفين.

لم تكن تلك النهاية، بل امتدت الحملة إلى جميع مناطق كابول لا سيما المشهورة منها، كالطرقات على ضفاف نهر كابول المكتظة بالناس، والتي تستغرق السيارات ساعات للخروج منها بسبب إغلاق الباعة لها، وبناء دكاكينهم فوقها.

وبعد المواجهات مع فرق البلدية وقوى الأمن قرر الباعة ونقاباتهم تنظيم تظاهرات استمرت عدة أيام، وتمكنت من حشد كثيرين أمام مقر البلدية. لكن، يبدو أنّ الحكومة مصممة على قرارها وهو ما رحب به المواطنون، خصوصاً سائقي السيارات.

تحركات الباعة وأصحاب المحلات شملت احتجاجات في مناطق مختلفة من كابول، وأمام المقر الرئيسي للبلدية. أغلقوا الطرقات لساعات طويلة مطالبين الحكومة بالتراجع عن القرار الذي يؤدي إلى حرمان المئات من لقمة العيش كما أكدوا.



من أولئك الذين تضرروا جراء الحملة، مولا غل، الذي كان سابقاً قد خسر إحدى ساقيه بلغم أرضي في أوروزجان (جنوب) وتوجه بعد ذلك إلى العاصمة الأفغانية كابول، ليعيش فيها داخل مخيم النازحين في كمبني. في الفترة الأخيرة باع الطماطم على عربة صغيرة في منطقة كوتي سنكي، لكن بعد حملة البلدية بات عاطلاً من العمل، فلا طعام يسدّ رمق عائلته. يقول مولا غل إنّ "الحكومة لم ترحمنا أو ترحم أولادنا. بتنا بلا رزق بعدما منعنا من العمل. فماذا عن مستقبل آلاف العمال الذين كانوا يعملون في الأسواق على ضفاف نهر كابول، وعلى جوانب الشوارع العامة؟". يضيف: "نرغب في تطبيق القانون، لكن بشرط ألاّ يكون ذلك مقتصراً على الفقراء. أطالب الحكومة وعلى وجه الخصوص البلدية بتأمين بديل يتيح لنا مزاولة عملنا نفسه".

في المقابل، يقول المسؤول في البلدية سميع الله: "بالرغم من كلّ التعاطف مع هؤلاء المحرومين من العمل بسبب الحملة فإنّها ضرورية. ندرك جيداً ما حلّ بالباعة الذين حرموا من العمل، لكنّهم يمثلون عقبة في سبيل سير المواطن، وقد تسببوا في إغلاق الطرقات، وبالتالي فإنّ الحل الوحيد هو إزالة كلّ من يعمل على الطرقات بهذا الشكل". يضيف أنّ البلدية لم تقدم على ذلك فجأة، بل أنذرت هؤلاء مراراً وطلبت منهم نقل العمل إلى أماكن أخرى، فلم يمتثلوا، ولم يبقَ أمام البلدية غير تنفيذ الإزالة.

بالرغم من استياء الباعة المتجولين إلاّ أنّ عامة المواطنين والسائقين رحبوا بالحملة واعتبروها خطوة مهمة في ما يتعلق بسير الحياة في العاصمة الأفغانية كابول، التي تعاني من الاكتظاظ إذ يأتي إليها المواطنون من الأقاليم بسبب الوضع الأمني. يقول السائق تاج ملوك: "نرحب بالحملة مع أنّها تؤدي إلى استياء البعض. ولا شك في أنّها تؤدي إلى حرمان كثيرين من لقمة العيش، لكنّ عليهم أن يبحثوا عن بديل، وعلى الحكومة كذلك أن تعمل لأجلهم وتؤمّن لهم مكاناً لا يعرقل حياة المواطنين".

يطلب تاج ملوك من البلدية أن تواصل الحملة وألاّ تتخلى عنها حتى تفتح جميع الطرقات، وتعيد حركة السير في كابول من دون عوائق كبيرة.

تعاون بين الداخلية والبلدية
أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية، في بيان لها، أنّها تعمل مع بلدية العاصمة كابول لفتح جميع الطرقات التي أغلقت لسبب أو آخر مهما كان نوعه، مشيرة في ذلك إلى تعاونها في قضية الباعة المتجولين أخيراً. وشددت الداخلية على أنّ الجهتين تتعاونان في عدد من القضايا التي تتعلق بحياة سكان العاصمة.