لم يتوقع الشاب الفلسطيني أحمد لبد (31 عاماً) أن تمضي 7 سنوات بعد حصوله على درجة الماجستير من إحدى الجامعات المحلية في غزة، دون أن يتمكن من الالتحاق بالعمل الأكاديمي في أي من الجامعات أو الكليات المحلية.
ويسعى لبد على مدار السنوات الماضية للالتحاق بأي من الجامعات المحلية للعمل بها كمحاضر، لا سيما أن جهوده السابقة للالتحاق في العمل كمدرس في إحدى المدارس الحكومية بغزة تعثرت نتيجة لغياب التوظيف الرسمي.
وحسب بيانات رسمية، يتخرج سنوياً ما يقرب من 10 آلاف خريج وخريجة تنضم شريحة واسعة منهم إلى سوق البطالة التي تزيد معدلاتها في القطاع عن 54 في المائة نحو 60 في المائة منهم من فئة الشباب غالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية والعليا.
ورغم حالة التراجع الحاصلة في أعداد الطلبة المتجهين نحو دراسة الدبلوم المتوسط والبكالوريوس، إلا أن المئات يلتحقون سنوياً بدراسة الماجستير في مختلف التخصصات الجامعية ضمن البرامج التي تطرحها الجامعات أملاً في تحسين فرصهم في انتزاع الوظائف.
وانعكست الأزمات المالية التي يعاني منها ما يزيد عن مليوني مواطن غزي نتيجة لظروف الحصار الإسرائيلي والانقسام السياسي سلباً، على الواقع المعيشي وحتى التعليمي إذ تعاني الجامعات الغزية أزمات مالية طاحنة قد تدفع مستقبلاً باتجاه إغلاق بعضها.
ويقول لبد لـ "العربي الجديد" إنه حصل على درجة البكالوريوس عام 2010 ثم أتبعه بالحصول على درجة الماجستير عام 2013، دون أن يحصل على أي وظيفة رسمية تمكنه من شق مستقبله وتأسيس حياته التي كان يحلم بها.
ونتيجة لتعثر الشاب الغزي في انتزاع وظيفة في المجال الأكاديمي أو حتى المدرسي حاول أن يتدبر أموره من خلال العمل الحرفي غير الدائم، إلا أنه ما يزال كغيره من الشبان الفلسطينيين العاطلين عن العمل والذين يحملون مؤهلات علمية عليا.
ويرى لبد أن واقع حملة الشهادات العليا في القطاع لا يختلف عن واقع غيرهم من حملة درجة البكالوريوس أو الدبلوم في ظل غياب التوظيف الرسمي وعدم وجود فرص عمل، واقتصارها في بعض الأحيان على المؤسسات الحزبية والفصائلية.
وعلى ذات النهج سار الشاب الغزي هاني حمدونة (25 عامًا) الذي أنهى دراسته الجامعية في مجال التعليم الأساسي من جامعة الأقصى الحكومية في القطاع قبل أن يتجه لدراسة الماجستير في الجامعة الإسلامية بغزة في تخصص المناهج وطرائق تدريسها.
ويقول حمدونة لـ "العربي الجديد" إن دراسته للماجستير ورغم اقتناعه الكامل بالظروف الصعبة في القطاع واستحالة الحصول على عمل وتحديداً في المجال الأكاديمي، إلا أنها جاءت من باب تعزيز القدرات وأملاً في زيادة الفرص.
وعمل الشاب الغزي خلال السنوات التي أعقبت حصوله على درجة البكالوريوس في مجال التدريس كمعلم لمدة عام بشكل مؤقت، قبل أن يتجه نحو العمل المهني في مجال السيراميك والعمل على سيارة أجرة في ظل غياب فرص العمل.
ولا يرى حمدونة أن الطريق ممهد أمامه هو وغيره من حملة الشهادات العليا للعمل في الجامعات أو الكليات المحلية المختلفة نتيجة للظروف الراهنة، فيما يعول على ذاته في الاستمرار بتطوير نفسه وقدراته وكسب الوقت أملاً في رسم مستقبل مشرق له.
وسجلت أعداد الطلبة في الجامعات والكليات المحلية في القطاع خلال العامين الماضيين انخفاضاً كبيراً حيث تراجعت أعداد الطلبة في كل من جامعات، الأزهر والإسلامية والكلية الجامعية للعلوم التطبيقية إلى 35 ألف طالب، بحسب تقديرات أكاديمية.
في الأثناء، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي، أسامة نوفل، أن حالة التوجه نحو الدراسات العليا في القطاع جاءت كمحاولة من الشباب لخلق فرص لهم في حين أن مدى استيعاب الخريجين في الوظائف منخفضة جداً.
ووفقاً لآخر الإحصائيات، فإن إجمالي أعداد الخريجين العاطلين عن العمل تبلغ 180 ألف عاطل بنسبة تزيد عن 70 في المائة في الوقت الذي يبلغ فيه إجمالي النسبة في صفوف الشباب بشكل عام 60 في المائة، كما يوضح نوفل لـ "العربي الجديد".
وبشأن الاستيعاب في سوق العمل، يلفت إلى أن القطاع الخاص معطل حالياً حيث كان يعول عليه في السابق في استيعاب الخريجين فضلاً عن كون القطاع العام معطلاً منذ سنوات نتيجة غياب التوظيف الحكومي الرسمي إلى جانب عدم وجود سوق عمل خارجي يخفض من نسبة البطالة.
ويلعب عدم مواءمة التخصصات الجامعية دوراً في غياب فرص العمل، ما يدفع الخريجين نحو إنجاز دراستهم الجامعية العليا أو التوجه للعمل الإلكتروني عن بعد، ضمن محاولتهم اليومية المستميتة لقهر البطالة.