حملة أمنية لبنانية تستهدف المئات من اللاجئين السوريين

01 يوليو 2016
اعتقال 726 من اللاجئين (Getty)
+ الخط -


فاقت حصيلة التوقيفات التي قامت بها وحدات الجيش والاستخبارات العسكرية وأجهزة قوى الأمن الداخلي اللبنانية، منذ يوم الإثنين وحتى اليوم، 726 موقوفاً من اللاجئين السوريين، إثر مداهمات وعمليات أمنية نفّذتها عناصر الجيش لمكان وجود اللاجئين على كامل الأراضي اللبنانية.

جاءت عمليات الدهم لمخيّمات لجوء وأماكن تواجد اللاجئين السوريين، إثر الاعتداءين المتلاحقين اللذين نفذهما انتحاريون على بلدة القاع (على الحدود الشرقية مع سورية)، موقعين 5 قتلى من المدنيين اللبنانيين وإصابة ما لا يقلّ عن 15 مواطناً آخرين.

وعلى الرغم من التوقيفات ومواقف المسؤولين الأمنيين المؤكدة على ضبط الأمن والتعامل الجدي مع المخاطر المحدقة بأمن اللبنانيين واستقرار بلدهم، لا يزال التضارب قائماً بين مختلف أجواء المؤسسات الأمنية والمعلومات المستمرة حول احتمالات وقوع اعتداءات إضافية تعمل على التحضير لها مجموعات متشددة.

وفي هذا الإطار، تقول أجواء عدد من الأجهزة الأمنية إنّ "ما حصل في القاع قبل أيام كان مقدراً له أن يحصل في منطقة لبنانية أخرى"، في إشارة إلى ما بات مؤكداً عن أنّ إحدى الخلايا المتشددة كانت تحضّر لعميات تفجير في مرفق "كازينو لبنان" (جونيه، شمالي بيروت)، بالإضافة إلى عمليات أخرى قد تضرب بيروت وضواحيها المكتظة. فسبق للقوى الأمنية أنّ أحبطت هذه العمليات وأوقفت أفراداً من المجموعات المخططة لها. مع تأكيد الأجواء نفسها على أنّ "الخطر مستمر وكذلك بعض الخلايا التي يتم العمل على تفكيكها قبل قيامها بأي اعتداء جديد". فيصف أحد الضباط الأمنيين ما يحصل على الأراضي اللبنانية اليوم على المستوى الأمني بـ"التأهب التام والمطلق" في صفوف الأجهزة الأمنية وعناصرها.

وبحصيلة هذا الاستنفار الأمني، صدرت، ولا تزال تصدر، الأرقام المتلاحقة عن أجهزة الدولة لتشير إلى أنّ عدد المعتقلين قد يتجاوز الألف لاجئ مع نهاية الأسبوع الحالي. وتطرح هذه الأرقام علامات استفهام كثيرة أهمها حول أسباب توقيف هؤلاء وأماكن احتجازهم، خصوصاً أنه بحسب البيان العسكري عمليات التوقيف تتمّ بسبب وجود "اللاجئين داخل الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية"، أو تجوّلهم بـ"طريقة غير شرعية" داخل الأراضي اللبنانية".


وفي هذا الإطار، يشير أحد الضباط الأمنيين لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "من بين كل هؤلاء المعتقلين لم يتبيّن حتى الساعة ضلوع أي منهم بأي شبهة أو عمل أمني"، فيظهر وكأنّ عمليات الدهم هذه تأتي في سياق رد الفعل الأمني الغريزي على اعتدائي القاع، وبتوجيه مباشر إلى مخيّمات اللجوء السورية. ليتكامل بذلك مشهد التصويب على اللاجئين السوريين ومخيّماتهم، وتحميل السوريين على الأراضي اللبنانية مسؤولية عن عمليات التفجير والاعتداءات الإرهابية، وهو ما سبق أن بدأته مؤسسات إعلامية وشجّعت عليه قيادات سياسية مطلع هذا الأسبوع على إثر أحداث القاع؛ فخرجت أصوات تتعامل بعنصرية مع اللاجئين السوريين، إضافة إلى إجراءات اتّخذها محافظو المناطق وبعض المجالس المحلية والبلدية تحظر على السوريين التجوّل، كما تعرّض بعض منهم إلى الاعتداء والضرب.


وبمواجهة هذه الحملة "العنصرية" التي وضعت اللاجئين السوريين، بكل ما يمثّلونه من معاناة نتيجة الحرب والتهجير والفقر، أطلق عدد من الجمعيات الأهلية والناشطين بياناً مفتوحاً تعبيراً عن "التضامن مع اللاجئين" ولإسقاط "العنصرية وسياسة التفرقة"؛ فدعا كل من "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني"، "المنتدى الاشتراكي حركة مناهضة العنصرية"، "المعهد العربي لحقوق الإنسان" ، "النادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت"، "نادي راديكال في الجامعة اللبنانية"، و"مجموعة حقي عليّ" إلى التوقيع على البيان الداعي إلى "وضع حد لجميع أشكال العقوبات الجماعية والتمييز والتهميش والوصم والقمع الموجه ضد الفئات الأكثر ضعفاً في مجتمعاتنا، خصوصاً اللاجئين"، بالإضافة إلى دعوة "جميع الأطراف السياسية والعسكرية اللبنانية، والتي تتدخل في الشأن السوري، بالاعتذار والتوقف الفوري عن المشاركة قي قتل السوريين، وتدمير بلدهم".

كما طالب البيان بمنح اللاجئين حقوقهم وفقاً للاتفاقيات والقرارات الدولية، ودعا إلى تتحمّل المجالس البلدية مسؤولية حماية اللاجئين ومنع التعدي عليهم، و"التراجع عن كل التدابير المخالفة للقانون وحقوق الإنسان، وعلى رأسها قرارات حظر التجول للسوريين"، مشيرة إلى وجوب محاسبة "جميع المسؤولين السياسيين المحرضين على الكراهية ورهاب الأجانب".