حل السلطة... مخرج للأزمات أم تعميق لها

19 مارس 2017
انقسام فلسطيني حول السلطة ودورها (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -
تدفع حالة الإحباط والتخبط السياسي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة في الكثير من الأحيان إلى طرح خيار حل السلطة الفلسطينية، والبحث عن بدائل أخرى تتمثل في رمي المسؤولية في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

وأسهمت حالة الانقسام السياسي الذي يعاني منه الفلسطينيون منذ منتصف يونيو/حزيران عام 2007 في تعزيز التوجه نحو هذا الطرح، في ظل فقدان السلطة الفلسطينية الصلاحية الكاملة وعدم التزام الاحتلال باتفاقية أوسلو الموقعة بينه وبين منظمة التحرير.

و
على الرغم من وجود حالة تأييد لفكرة حل السلطة الفلسطينية لدى بعض السياسيين والمختصين وجعل الاحتلال يتحمل المسؤولية السياسية والاقتصادية، يعارض آخرون الفكرة لأسباب تتمثل في المؤسسات القائمة والموظفين وصعوبة طرحها في ظل الواقع السياسي الحالي.
والشارع الفلسطيني أيضاً منقسم حول الفكرة، كما هو منقسم حول الخيارات، ولا يُبدي مؤيدو السلطة الفلسطينية رغبة حتى في مناقشة فكرة حلها، فيما الآخرون يرون ضرورة حل السلطة ورمي الحمل الفلسطيني على الاحتلال إلى حين تغيير الواقع والأولويات.

وفكرة حل السلطة والدعوة إليها تخرج إلى العلن مع كل حدث يعلو فيه صوت الانقسام الفلسطيني، وتتزعم حركة "حماس" التي تسيطر على غزة فكرة الدعوة لحل السلطة، فيما ترى حركة "فتح" أنها واحدة من الإنجازات الوطنية التي يجب أنّ تبقى ويجري العمل على تطوير أدواتها ومقوماتها للصمود في وجه الاحتلال.

ويرى مدير مركز أبحاث المستقبل، إبراهيم المدهون، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ السلطة الفلسطينية أضحت عبئاً على الشعب الفلسطيني، وبات من الضروري العمل على إنهاء وجودها، وتحمل الاحتلال تبعات احتلاله على مختلف الصعد.

ويقول إن إيجاد السلطة الفلسطينية خطأ تاريخي وقعت به حركة "فتح" لأنها أوجدتها وقفزت عن المشروع الوطني ووجود منظمة التحرير ما أدى إلى تحجيم القضية الفلسطينية وحولتها من قضية تحرر إلى قضية إدارة ذاتية ضمن حدود عام 1967.

ويؤكد المدهون أنّ السلطة الوطنية الفلسطينية فقدت في الآونة الأخيرة وبشكل واضح دورها وطموحها السياسي خصوصاً مع قدوم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية بشكل متطابق وبشكل كامل. ويضيف أن السلطة أحدثت انقساماً جغرافياً وسياسياً واجتماعياً بين الشعب الفلسطيني وعزلت الضفة الغربية عن قطاع غزة وأحدثت انقساماً داخل السلطة ذاتها حيث فصلت السلطات التنفيذية عن التشريعية، ثم طال الانقسام حركة فتح عبر الخلافات الواضحة.

ويقترح المدهون أن يجري العمل على تفعيل منظمة التحرير ونقل الثقل إليها وإصلاحها بعد مشاركة جميع الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، بالإضافة إلى تحميل الاحتلال مسؤولياته كقوة احتلال في الضفة الغربية وغزة. ويشير إلى أن السلطة الفلسطينية حالياً لا تملك الصلاحيات التي يمتلكها المنسق الإسرائيلي للشؤون المدنية (يؤاف مردخاي)، والذي يمتلك صلاحيات تتجاوز صلاحيات السلطة الفلسطينية، ويدير الأمور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

ويوضح المدهون أن السلطة فرغت القضية الفلسطينية من مضمونها وأدت إلى إدخال منظمة التحرير في نفق مظلم، وبات من الضروري التفكير بحلها وإعلان فشل اتفاقية أوسلو وإيجاد بدائل ورؤية موحدة لتحميل الاحتلال المسؤولية الحياتية.

ويعدد المدهون إيجابيات عدة لحل السلطة، تتمثل في إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية على أنها قضية تحرر، وتعيد الاحتلال لتحمل مسؤولياته في ظل إعفائه منها بشكل كبير بعد اتفاقية أوسلو ونشأة السلطة عام 1993.

وتطالب الكثير من النخب وبعض الفصائل الفلسطينية في الآونة الأخيرة بضرورة العمل على إعادة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها ودورها، لتمثيل الشعب الفلسطيني في مختلف مناطق تواجده، والبحث عن بدائل لإنهاء السلطة.

على الجانب الآخر، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، أن الطرح يجب أن يكون نحو إنشاء مؤسسات الدولة الفلسطينية بعد الحصول على عضوية دولة مراقب في الأمم المتحدة بدلاً من حل السلطة الفلسطينية والاعتماد على مؤسسات منظمة التحرير.
ويقول شراب لـ "العربي الجديد" إن السلطة الفلسطينية انتهت قانونياً منذ عام 1999 وهي عمر اتفاق أوسلو والأصل أنها تحولت إلى مؤسسات دولة حقيقة بعد حصولها على عضوية الأمم المتحدة بشكل رسمي دون أي تأثير على المؤسسات القائمة.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية على أنه يجب بحث الانتقال من مؤسسات اللا دولة إلى مؤسسات الدولة والتوجه نحو إجراء انتخابات شاملة، والتوقف عن استخدام "مصطلح السلطة الفلسطينية" واعتماد مسمى دولة فلسطين.

ويضيف شراب أنه لا يوافق على خيار حل السلطة الفلسطينية وأن الأصل يجب أن يكون نحو بحث موضوع الدولة الفلسطينية ونقل المؤسسات القائمة حالياً في إطار السلطة الفلسطينية إلى مؤسسات الدولة مع بحث إمكانية توقيع اتفاقيات جديدة.

ويتساءل أستاذ العلوم السياسية عن إمكانية دخول الشعب الفلسطيني في خيار المواجهة مع الاحتلال وتحمل الضغوط المالية والاقتصادية التي قد يتعرض لها حال تم حل السلطة الفلسطينية وجرى التوجه نحو مؤسسات الدولة الفلسطينية.


المساهمون