حلّ للاغتصاب في لبنان

15 يوليو 2016
تكمن المشكلة في المادة 522 (ماريو تاما/Getty)
+ الخط -
منذ يوم الأحد الماضي، وقصّة الفتاة التي تعرّضت لإغتصاب في شمال لبنان تُتداول في وسائل الإعلام. وتكاد لا تخلو نشرة أخبار مسائية من تقرير حول تطوّرات القضيّة ومسار التحقيق. حتى "فيسبوك"، شهد الكثير من التعليقات المستنكرة لما حدث أو التغطية الإعلامية. لسنا في معرض التطرّق إلى عدم المهنية، وغيرها من الأمور، في كيفية تناول وسائل الإعلام أو الرأي العام هذه الجريمة. لكن لماذا استُهجن فعل "الاغتصاب" من قبل وسائل الإعلام والرأي العام، وكأنها "أوّل" حالة عنف جنسي تتعرض لها فتاة أو امرأة في لبنان؟

مَن قرأ مقالاً أو رأياً في الصحف، أو شاهد نشرات الأخبار والبرامج، ومَن سمع تقارير إذاعية حول الجريمة، لا بد وأنه لاحظ أن المجتمع والرأي العام ظهر في حالة صدمة أو ربما خضّة، وكأن لسان حاله يقول: "يا للهول! هذا لا يحدث في لبنان بالتأكيد". هناك من اعتبر أن الشبان مرضى نفسيون، كفعل تبريري ومحاكمة تخفيفية للجريمة، فيما وجد آخرون حلولاً سحرية للفتاة، كأن تسافر مثلاً إلى بلد أوروبي للابتعاد عن "الفضيحة والصدمة المصاحبة لها"، وخشية أن يعمد أهلها إلى تزويجها.

جريمة الاغتصاب هذه هزّت الرأي العام في لبنان بمجرّد أن خرجت إلى العلن. لم يحتمل الناس "هول" هذا الحدث كونه يخالف ما يجب أن يحكم سلوكهم من مفاهيم وقيم تقليدية أبوية. هؤلاء الناس قد لا يرفّ لهم جفن مثلاً حيال المادة 522 من قانون العقوبات، التي تعترف بجرائم من قبيل "اغتصاب القاصر أو التحرّش بالطفلات". أكثر من ذلك، تحدّدها في إطار القانون بدلاً من ردعها. وجاء في النص: "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (الاغتصاب، اغتصاب القاصر، فض بكارة مع الوعد بالزواج، الحضّ على الفجور، التحرّش بطفلة، التعدّي الجنسي على شخص ذي نقص جسدي أو نفسي) وبين المُعتدَى عليها، أوقفت الملاحقة. وإذا كان قد صدر الحكم بالقضية علّق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه".

هكذا هو إذاً سلوكنا الجماعي، بدائي وانفعالي ومزدوج المعايير. وإلّا، لماذا لا يتحرّك هؤلاء أنفسهم ضد حالات العنف الجنسي أو الاغتصاب التي تتعرّض لها النساء والفتيات في لبنان؟ قد لا تكون هناك أرقام دقيقة لظاهرة العنف بسبب عدم التبليغ عن الأمر، أو لضرورات ذكورية تحتّم التكتم عليه. وعلى ما يبدو أنه طالما أن أحداث العنف والاغتصاب الجنسي تتم في غرف زوجية مقفلة، أو في شوارع فرعية بشكل صامت، فلا بأس بذلك، إذ إن المادة 522 تملك الحلّ!

(ناشطة نسوية)

دلالات
المساهمون