حلم عربي لم يتحقق بعد

08 يناير 2015
أدركنا كأردنيين حجم كرهنا للجوع وحجم انحيازنا للفقراء (أ.ف.ب)
+ الخط -

حرّكت انطلاقة الثورة التونسية توق الأردنيين، كغيرهم من الشعوب العربية، إلى تنفس الحرية، ونجح ياسمين هذه الثورة في الوصول إلى وجدان الأردنيين وإدراكهم ما تحمله كلمة "الحرية" من معنى.

ربما لم يدرك "البوعزيزي" التونسي لحظة اتخاذه قرار حرق نفسه لإطفاء حرق شعور الظلم الذي شعر به، أنه سيحرك شعوبا طالما كانت تعيش مقيدة في تابوهات تمنعها من التعبير عن حالة الظلم التي تعيشها.

لم يدرك "البوعزيزي" أيضا أن الأردن، كسائر البلدان العربية، فيه شعب يؤرقه الهم المعيشي والخبز، ومتعطش لفتيلة صغيرة تشعل تحركات مناهضة للجوع والظلم. ذاك "البوعزيزي" الذي بات رمزا من الرموز البطولية التي يتغنى بها الأردنيون.

أربعة أعوام مضت على انطلاقة "ثورة الياسمين" العفوية، كما يفضل أردنيون تسميتها، تعود بالمراقب إلى مشاهد حصلت خلال تلك الفترة في الشارع الأردني، والتي عكست روح الغيرة العربية التي يتمتع بها الأردنيون، مشاهد يرويها أردنيون "لا يشفون من عشق تونس".

تعود ربة المنزل، ميساء عيسى، بذاكرتها قبل أربعة أعوام عندما كانت "تتمسمر"، حسب قولها، هي وعائلتها أمام شاشات المحطات الفضائية الإخبارية خلال الثورة التونسية، وتقول: "عندما اندلعت ثورة البوعزيزي أدركنا كأردنيين حجم كرهنا للجوع وحجم انحيازنا للفقراء".

الانحياز للفقراء، عبارة رددتها ميساء أكثر من مرة، في إشارة إلى تحليلها بأن الثورة التونسية اندلعت "انحيازا لصوت الفقراء المقهور"، مضيفة في سياق عودتها إلى ذاكرتها إلى أن "الثورة التونسية كانت الشاغل الأبرز في عقول الأردنيين؛ وذلك يعود لسببين: الأول، أنها جاءت عفوية. والثاني، أنها كسرت نمطية الفكرة التي يعيش العرب في ظلها منذ زمن، أن بداية تحقيق الحلم العربي يبدأ من مصر".

"لم ألحظ أنني خرجت بملابس الصلاة، إلا بعد عودتي إلى المنزل" تقول ميساء وهي تروي كيف كانت ردة فعلها وفعل عائلتها، بعد بث خبر تنحي المخلوع زين العابدين بن علي "على أنغام عبارة بن علي هرب".

وتضيف: "كل ما أذكره تلك اللحظة أنني وزوجي وأطفالي خرجنا بسرعة البرق إلى السيارة، لننضم إلى صفوف الأردنيين الذين عبت أصوات زمامير سياراتهم الشوارع، فرحا بانتصار ثورة الفقراء".

تنهيدة يشوبها طعم الحسرة، أطلقتها ميساء عندما سئلت: كيف تقرئين ما أثمره الربيع العربي الذي بدأ بثورة الياسمين اليوم وتقول: "أتحسّر عندما أصبحت أسمع اليوم عبارة "ما يسمى الربيع العربي"، تخيلي أصبحنا نقول ما يسمى بالربيع العربي، وهو اعتراف جماعي بأنه لم ينجح في تحقيق حلمنا العربي، بسبب ضعاف النفوس الحريصين على قمع أحلامنا"، وتضيف: "بصرف النظر عن ألمنا بما لم يحققه الربيع العربي، إلا أنني ما زلت حتى اليوم، وبعد مرور أربعة أعوام، على قناعة بأن تونس نجحت في إعلاء صوت المقهورين يوما ما".

"كانوا يحكوا عني بنت ساذجة"، تقول مروة الشروف (25 عاما)، وهي تتحدث عما تركته ثورة الياسمين فيها من تأثير قلب موازين حياتها، كما تصف، وتضيف "لا أنكر أنني كنت فتاة جلّ همها كيف تبدو طلتها أمام الناس، لكن لا أنكر في الوقت ذاته أن الثورة التونسية عرّفتني على جزء في داخلي لم أكن أعرفه من قبل، وهو امتعاضي من الظلم، وشوقي إلى تنفس رائحة الحرية".

وتستكمل مروة "أذكر أنه، وخلال أحداث الثورة التونسية، بدأت أتجاهل أنماطا اعتدت عليها في حياتي، حيث كنت لا أحتمل الجلوس مع أناس لا يتطرقون في حديثهم عن الثورة التونسية، أيقنت أن هناك أشياء أهم من تفاصيل كنا نهتم بها"، "البوعزيزي عرّفني على مروة جديدة"، تقول.

وتضيف، "ثورة الياسمين جعلتني أقرأ عن تاريخنا العربي، وجعلتني أتعلم أن لا معنى للحياد عندما يتعلق الأمر بالظلم، وأن العدالة تحتاج إلى تضحيات من أجل تحقيقها، كما فعله البوعزيزي الذي ضحّى بحياته من أجل أن ندافع عن كرامتنا".

وتختم بالقول: "نعم لا شك أننا نعيش صفعة موجعة من إخفاقات إنجازات الربيع العربي، لكن لا أنكر أيضا أن تونس أثّرت في حياة كل شخص عربي بطريقة أو بأخرى.. كيف نشفى من حب تونس" تضحك مروة.

أما العشريني، وليد أبو حمد، فيقول في سياق حديثه عن ما أثرت به الثورة التونسية على حياته: "عندما انطلقت الثورة التونسية، شعرت مثل ما شعر به كل شاب في الوطن العربي، أي أننا قادرون على التأثير، وقادرون أيضا على تغيير وكسر تابوهات الخوف".

المساهمون