هل انتهت ظاهرة الفنان الأسطورة؟ سؤال بديهي للحالة الفنية التي يمر بها العالم العربي اليوم، خصوصاً إذا ما سألنا على ماذا تدل حالة الكساد والاستهلاك التي يعانيها السوق الغنائي حالياً؟
من دون شك، فقد كرّست مرحلة الأربعينيات والخمسينيات أسماء كثيرة دخلت نادي الأساطير من الباب الواسع في ما بعد وحلّقت عالياً، عالمياً: فرانك سيناترا ومارلين مونرو وتبعهما ألفيس بريسلي، ومايكل جاكسون على صعيد العالم، لكن رحيل مونرو المبكر وألفيس بريسلي، وقبل سنوات مايكل جاكسون، هو ما زاد في شهرة هؤلاء الفنية والإنسانية، وكرس حضورهم الأسطوري الذي لا يزال صداه حتى اليوم.
ثمة فرق بين جيلين من "النجوم" الذين وصلوا إلى قائمة الأساطير في العالم العربي، جيل الخمسينيات الذي استمد من الفطرة والموهبة فقط الخبرة الوافية في الفن، إن من خلال التمثيل أو الغناء، وبعيدا عن الإعلام الذي أصبح اليوم "مسخفاً" أو مروجًا للأعمال الفنية المخزية، بعيداً عن صيغة هذه الأعمال وكيفية توظيفها أو نقدها بطريقة توصلها إلى الناس، إلى أي مجتمع انتمت.
أم كلثوم
في الخمسينيات، أو قبلها بقليل، عُرف اسم السيدة أم كلثوم التي خاطبت أجيالاً عدة وما زالت حتى اليوم متربعة على عرش الغناء العربي. أم كلثوم هجرت قريتها وأصبحت من دون شك "عالمية"، اسمها متداول في باريس والمملكة المتحدة وأفريقيا وأوروبا الشرقية، حضورها الأسطوري وثباتها على الغناء جعلا منها واحدة من أهم الأصوات التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، تلك الفترة وما زالت حتى اليوم في الأذهان حتى بالنسبة للأطفال المثال الأول للغناء وإمكانيات الصوت.
إقرا أيضاً:نجوم غنوا للدكتاتوريات العربية والعالمية
عبد الحليم
عبد الحليم كان أيضاً أسطورة قامت على الجاذبية في شاب طموح دخل الغناء في مقتبل العمر وظهر طبيعيًا على المسارح وفي الحفلات، ثم بنى شهرته من كونه الشاب الوسيم الذي دخل سينما "الأبيض والأسود" متسلحًا بأدائه الحزين المؤثر في معظم الأفلام التي جسد بطولتها، وصولاً إلى رحيله المُبكر الذي زاد محبيه شغفًا وتعلقًا به كرمز.
ثنائية فيروز وصباح
تغلبت فيروز على جيلها، واستطاعت أن تكسب ثقة الناس بفنّها وأدائها. ألحان أغنياتها تحولت إلى مقاطع موسيقى عالمية.
أما الفنانة الراحلة صباح، فشكلت حالة خاصة في الفن والغناء والتمثيل، وتخطت المفهوم العربي الذي حصر بنات جيلها من الفنانات، ربما تسابقت صباح في التمثيل مع تفوق فاتن حمامة واحتلالها فيما بعد الصدارة، فأصبحت حمامة واحدة من أشهر الممثلات العربيات اللواتي بلغت شهرتها دولاً أوروبية عديدة، ومنها على وجه التحديد فرنسا.
تؤكد كل الإحصائيات اليوم أن مبيعات "ألبومات" عبد الحليم حافظ والسيدة أم كلثوم والسيدة فيروز تأتي دائما في المراتب الأولى، ذلك رغم مرور حوالي أربعين عاما على رحيل أم كلثوم وعبد الحليم.
لقاء السيدة فيروز على شاشة التلفزيون الفرنسي العام 1988
لكن إغراق عبد الحليم وأم كلثوم نفسيهما في المحلية كان غالبًا في فترة الزمن الجميل، لم يحملا شغف داليدا مثلاً التي استطاعت الإبحار عبر العالم، فاتخذت من فرنسا مكانًا لإقامتها، وأثبتت بعدما يقارب الثلاثين عاما على رحيلها أنها "أسطورة" خرجت من رحم العالم العربي إلى العالمية، فلم تبخل على العالم العربي بصوتها ولا بحضورها، رغم الفترة السياسية الدقيقة التي عاشها العالم العربي قبل رحيلها، فقدمت واحدا من أبرز أفلامها مع يوسف شاهين في "اليوم السادس"، وغاصت أيضاً بالأغنية المصرية في موقف ذكي جداً استطاع أن يكمّل "البازل" الذي كرسها زعيمة استعراضية في العالم، وما زالت واحدة من أبرز الفنانات اللواتي بنين أساس الأغنية الفرنسية الحديثة.
لكن هل عجز بعض الفنانين العرب عن الدخول في "العولمة"؟ من دون شك تأتي الإجابة نعم، ذلك لأسباب عديدة، وهي الإغراق في المحلية والخوف من كل غربي في إيصال صوتهم إلى فضاء أوسع، أو حتى في التواصل مع جمهور، خارج إطار المكان الذي حققوا فيه انتصاراتهم.
الخوف هو الحقيقة الوحيدة اليوم عند المغنين العرب في عدم اقتحام السور الآخر، يردد عدد من الفنانين اليوم أن خطوة العالمية تبقى غير ثابتة، خصوصا لو أن النجومية العربية قائمة على نجاح داخل المحلية والدول العربية.
في ثمانينيات القرن الماضي دخل الفنان اللبناني وليد توفيق إلى تونس "أسطورة" حقيقية، هكذا يتذكر بعض الذين تبنوا موهبته ودعوه إلى إحياء سلسلة من الحفلات في تونس، ويزايد هؤلاء بأن وليد توفيق هو الفنان العربي الوحيد الذي باع "التوانسة" دمهم أو تبرعوا به للحصول على بطاقة لحضور حفلاته في تونس.. هذه الميزة التي حصدها وليد توفيق لم تحفزه ليقدم المزيد. ويكاد يكون اليوم من جيل الفنانين اللبنانيين المنسيين، نظرا لحضوره الفني الخجول، بعدما كان واحدا من "المبشرين" لجيل فني آخر، خصوصا بعد تجربته في القاهرة، والتي حققت نجاحاً ساحقًا عبر الغناء وعلاقته بمعظم الفنانين والملحنين المصريين، مثل الفنان الراحل محمد عبدالوهاب وبليغ حمدي ومحمد الموجي، فرصة لم يستفد منها توفيق للبقاء على أرض متحركة.
قبل وقت، عرض التلفزيون الإيطالي فقرة بعنوان "أساطير الغناء العربي"، وذلك ضمن البرنامج الصباحي اليومي، على قناة "راي اونو". قفزة شكلت مفاجأة بالنسبة للعالم العربي، إذ تناول في حلقات الكلام عن السيدة أم كلثوم والسيدة فيروز وصباح فخري وغيرهم الذين عملوا على نشر الأغنية العربية، كل من خلال لونه وصوته وأدائه، صورة لم تكن نمطية، بل كانت بعيدة عن مبايعة المواقف، وسلطت الضوء على فن راق، وقدرتهم على بلوغ أهداف في مسيراتهم الفنية والإنسانية أراد منها التلفزيون الإيطالي التعريف بمن هم حماة الفن العربي، والمساعدة في كشف النقاب عن أن العالم الثالث يقرأ ويغني ويُلحن ويستطيع النجاح، وتاريخه بعيد في مكان ما عن هول الحروب والهجرة التي نعانيها.
إقرا أيضاً: أبرز النجوم العرب في "هوليوود"
من دون شك، فقد كرّست مرحلة الأربعينيات والخمسينيات أسماء كثيرة دخلت نادي الأساطير من الباب الواسع في ما بعد وحلّقت عالياً، عالمياً: فرانك سيناترا ومارلين مونرو وتبعهما ألفيس بريسلي، ومايكل جاكسون على صعيد العالم، لكن رحيل مونرو المبكر وألفيس بريسلي، وقبل سنوات مايكل جاكسون، هو ما زاد في شهرة هؤلاء الفنية والإنسانية، وكرس حضورهم الأسطوري الذي لا يزال صداه حتى اليوم.
ثمة فرق بين جيلين من "النجوم" الذين وصلوا إلى قائمة الأساطير في العالم العربي، جيل الخمسينيات الذي استمد من الفطرة والموهبة فقط الخبرة الوافية في الفن، إن من خلال التمثيل أو الغناء، وبعيدا عن الإعلام الذي أصبح اليوم "مسخفاً" أو مروجًا للأعمال الفنية المخزية، بعيداً عن صيغة هذه الأعمال وكيفية توظيفها أو نقدها بطريقة توصلها إلى الناس، إلى أي مجتمع انتمت.
أم كلثوم
في الخمسينيات، أو قبلها بقليل، عُرف اسم السيدة أم كلثوم التي خاطبت أجيالاً عدة وما زالت حتى اليوم متربعة على عرش الغناء العربي. أم كلثوم هجرت قريتها وأصبحت من دون شك "عالمية"، اسمها متداول في باريس والمملكة المتحدة وأفريقيا وأوروبا الشرقية، حضورها الأسطوري وثباتها على الغناء جعلا منها واحدة من أهم الأصوات التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، تلك الفترة وما زالت حتى اليوم في الأذهان حتى بالنسبة للأطفال المثال الأول للغناء وإمكانيات الصوت.
إقرا أيضاً:نجوم غنوا للدكتاتوريات العربية والعالمية
عبد الحليم
عبد الحليم كان أيضاً أسطورة قامت على الجاذبية في شاب طموح دخل الغناء في مقتبل العمر وظهر طبيعيًا على المسارح وفي الحفلات، ثم بنى شهرته من كونه الشاب الوسيم الذي دخل سينما "الأبيض والأسود" متسلحًا بأدائه الحزين المؤثر في معظم الأفلام التي جسد بطولتها، وصولاً إلى رحيله المُبكر الذي زاد محبيه شغفًا وتعلقًا به كرمز.
ثنائية فيروز وصباح
تغلبت فيروز على جيلها، واستطاعت أن تكسب ثقة الناس بفنّها وأدائها. ألحان أغنياتها تحولت إلى مقاطع موسيقى عالمية.
أما الفنانة الراحلة صباح، فشكلت حالة خاصة في الفن والغناء والتمثيل، وتخطت المفهوم العربي الذي حصر بنات جيلها من الفنانات، ربما تسابقت صباح في التمثيل مع تفوق فاتن حمامة واحتلالها فيما بعد الصدارة، فأصبحت حمامة واحدة من أشهر الممثلات العربيات اللواتي بلغت شهرتها دولاً أوروبية عديدة، ومنها على وجه التحديد فرنسا.
تؤكد كل الإحصائيات اليوم أن مبيعات "ألبومات" عبد الحليم حافظ والسيدة أم كلثوم والسيدة فيروز تأتي دائما في المراتب الأولى، ذلك رغم مرور حوالي أربعين عاما على رحيل أم كلثوم وعبد الحليم.
لقاء السيدة فيروز على شاشة التلفزيون الفرنسي العام 1988
لكن إغراق عبد الحليم وأم كلثوم نفسيهما في المحلية كان غالبًا في فترة الزمن الجميل، لم يحملا شغف داليدا مثلاً التي استطاعت الإبحار عبر العالم، فاتخذت من فرنسا مكانًا لإقامتها، وأثبتت بعدما يقارب الثلاثين عاما على رحيلها أنها "أسطورة" خرجت من رحم العالم العربي إلى العالمية، فلم تبخل على العالم العربي بصوتها ولا بحضورها، رغم الفترة السياسية الدقيقة التي عاشها العالم العربي قبل رحيلها، فقدمت واحدا من أبرز أفلامها مع يوسف شاهين في "اليوم السادس"، وغاصت أيضاً بالأغنية المصرية في موقف ذكي جداً استطاع أن يكمّل "البازل" الذي كرسها زعيمة استعراضية في العالم، وما زالت واحدة من أبرز الفنانات اللواتي بنين أساس الأغنية الفرنسية الحديثة.
لكن هل عجز بعض الفنانين العرب عن الدخول في "العولمة"؟ من دون شك تأتي الإجابة نعم، ذلك لأسباب عديدة، وهي الإغراق في المحلية والخوف من كل غربي في إيصال صوتهم إلى فضاء أوسع، أو حتى في التواصل مع جمهور، خارج إطار المكان الذي حققوا فيه انتصاراتهم.
الخوف هو الحقيقة الوحيدة اليوم عند المغنين العرب في عدم اقتحام السور الآخر، يردد عدد من الفنانين اليوم أن خطوة العالمية تبقى غير ثابتة، خصوصا لو أن النجومية العربية قائمة على نجاح داخل المحلية والدول العربية.
في ثمانينيات القرن الماضي دخل الفنان اللبناني وليد توفيق إلى تونس "أسطورة" حقيقية، هكذا يتذكر بعض الذين تبنوا موهبته ودعوه إلى إحياء سلسلة من الحفلات في تونس، ويزايد هؤلاء بأن وليد توفيق هو الفنان العربي الوحيد الذي باع "التوانسة" دمهم أو تبرعوا به للحصول على بطاقة لحضور حفلاته في تونس.. هذه الميزة التي حصدها وليد توفيق لم تحفزه ليقدم المزيد. ويكاد يكون اليوم من جيل الفنانين اللبنانيين المنسيين، نظرا لحضوره الفني الخجول، بعدما كان واحدا من "المبشرين" لجيل فني آخر، خصوصا بعد تجربته في القاهرة، والتي حققت نجاحاً ساحقًا عبر الغناء وعلاقته بمعظم الفنانين والملحنين المصريين، مثل الفنان الراحل محمد عبدالوهاب وبليغ حمدي ومحمد الموجي، فرصة لم يستفد منها توفيق للبقاء على أرض متحركة.
قبل وقت، عرض التلفزيون الإيطالي فقرة بعنوان "أساطير الغناء العربي"، وذلك ضمن البرنامج الصباحي اليومي، على قناة "راي اونو". قفزة شكلت مفاجأة بالنسبة للعالم العربي، إذ تناول في حلقات الكلام عن السيدة أم كلثوم والسيدة فيروز وصباح فخري وغيرهم الذين عملوا على نشر الأغنية العربية، كل من خلال لونه وصوته وأدائه، صورة لم تكن نمطية، بل كانت بعيدة عن مبايعة المواقف، وسلطت الضوء على فن راق، وقدرتهم على بلوغ أهداف في مسيراتهم الفنية والإنسانية أراد منها التلفزيون الإيطالي التعريف بمن هم حماة الفن العربي، والمساعدة في كشف النقاب عن أن العالم الثالث يقرأ ويغني ويُلحن ويستطيع النجاح، وتاريخه بعيد في مكان ما عن هول الحروب والهجرة التي نعانيها.
إقرا أيضاً: أبرز النجوم العرب في "هوليوود"