حلقات جهنّم مصريّة

24 نوفمبر 2015
الاعتداءات الجنسيّة تتكرّر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

في إحدى الليالي، اقتحمت قوات الأمن المصرية منزل أ.س. بهدف اعتقال زوجها الذي شارك في معظم التظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري في مصر. تقول: "فوجئتُ بوقع أقدام متسارعة، وطرق عشوائي متواصل على باب البيت. اقتربت الأصوات أكثر فأكثر، وأنا واقفة في مكاني في المطبخ لا أقوى على الحركة من هول الصدمة. وإذا بأشخاص ملثمين يجرّون زوجي من لحيته. صرختُ وتشبّثت به، فأخذوني معه بملابس البيت من دون أن أرتدي حجابي".
تتابع: "في قسم الشرطة، كنت معصوبة العينين. أسمع صراخ زوجي وأصوات الضرب واللعنات من حوله، إلى أن أزاح أحد العساكر الضمادة من عن عيني، فإذا بزوجي معلق من قدميه في السقف، وجسده ملطخ بالدماء وآثار التعذيب". لم تنته القصة هنا. "بعد حفلة التعذيب هذه لإجباره على الاعتراف بتكوين خلية إرهابية، حان وقت الضغط علي. شدّني أحد العساكر من شعري وقال لزوجي: تحبّ نقلّعها هدومها هي كمان ولا تتكلّم أحسن؟ فرد على الفور: سأقول ما تريدون سماعه".

ظلّت أ.س. ملقاة على طريق قسم أول مدينة نصر (شرق القاهرة)، قبل أن يجلب لها أحد العساكر غطاءً للرأس لترتديه وتنصرف. تقول: "كان معي جنيه واحد فقط. استقللت الميكروباص من مدينة نصر إلى شبرا، وأكملت الطريق سيراً على الأقدام". من شبرا إلى منزل أهل زوجها الذي يبعد عشرات الكيلومترات، مشت هائمة في شوارع تعرفها جيداً، إلا أنها كانت تشعر بالغربة.
هذه قصة سيدة مصرية تعرّضت للعنف لمجرد أن زوجها مارس حقّه بالتظاهر في مصر. لكنها كانت أوفر حظاً من كثيرات عرفن ويلات السجن والتعذيب والاغتصاب في أماكن الاحتجاز.

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ليس هناك إحصاء دقيق يتعلق بعدد المعتقلات اللواتي يتعرضن للعنف والتعذيب في مصر. وفي وقت تشير الإحصائيات الصادرة عن مبادرات حقوقية مصرية إلى وجود 80 فتاة في المعتقلات المصرية حتى عام 2014، يرتفع العدد قليلاً وفقاً لإحصائيات "المركز العربي الإفريقي للحريات وحقوق الإنسان"، الذي أكد أن عدد المعتقلات المصريات يساوي تقريباً أربعة أضعاف عدد النساء المعتقلات في سجون الاحتلال الإسرائيلي في سجن "هشارون" (25 أسيرة).

وتتعرّض بعض المعتقلات للاغتصاب في أماكن الاحتجاز المصرية، وقد وثّقت 54 حالة اغتصاب لفتيات داخل مقار الاحتجاز، حمل بعضهن نتيجةً لذلك. وفي وقت سابق، أكدت منظمة العفو الدولية أن نساء مصر يواجهن عنفاً مقلقاً في المنازل والحياة العامة، ويتعرّضن لاعتداءات جنسية على أيدي جماعات غوغائية، بالإضافة إلى التعذيب في أماكن الحجز. ويوثّق التقرير الذي يحمل عنوان "حلقات جهنم: العنف الموجه ضد النساء في مصر داخل المنازل وفي الحياة العامة ومراكز الحجز التابعة للدولة"، معاملة السجينات بصورة سيّئة أثناء وجودهن في عهدة الدولة أو لحظة اعتقالهن. وتقول فتيات ونساء للمنظمة إنهن تعرضن للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي عناصر قوات الأمن لحظة اعتقالهن، بالإضافة إلى تعرضهن للعنف الجنسي. أما في السجون، فتتعرض المحتجزات للتعذيب والمعاملة السيئة في ظل إفلات الجناة من العقاب. ولم تسلم النساء الحوامل من المعاملة المهينة، بما في ذلك تقييدهن بالأصفاد أثناء المخاض.

وفي ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية خلال السنوات الأخيرة في مصر، أشارت المنظمة إلى تكرار وقوع اعتداءات جنسية وحالات اغتصاب، بالإضافة إلى سحل بعضهم في الشوارع وضربهن بالعصي أو طعنهن بالسكاكين. وبحسب المنظمة، فإن 99 في المائة من النساء والفتيات اللواتي أُجريت مقابلات معهن ضمن دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013، أكدن أنهن تعرضن لبعض أشكال التحرش الجنسي.

اقرأ أيضاً: شرطية مكافحة التحرش في مصر متهمة بالتحرش   
المساهمون