تصدّرت أخبار مدينة حلب السورية عناوين بعض الصحف العالمية الكبرى، في ظل توارد أخبار عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه في المدينة، من حالات الإعدام الميدانية والإخفاء القسري، بينما يواصل أهالي حلب إرسال نداءات استغاثة إلى العالم لإنقاذهم، وسط "تعامي" المجتمع الدولي عن المأساة الإنسانية الأفظع في القرن الواحد والعشرين.
سربرينيتشا تتكرّر
نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أمس الثلاثاء، مقالاً في قسم الرأي، بعنوان "سكان حلب يذبحون فهل تعلمنا شيئاً من سربرينيتشا"؟ وكتبه أحد الناجين من مذبحة سربرينيتشا في البوسنة (1995)، نيدزاد أفيديتش.
قال أفيديتش إنه يتذكر بعد المذبحة كيف كان السياسيون يرددون الوعود بعدم تكرار المذابح، لكنه حالياً يرى الوعد يُخالف مرة تلو مرة في شرق حلب.
وأضاف أنه لا يزال يؤمن بوجود الخير في أغلب الناس، لكنهم لا يستطيعون مساعدة سكان حلب بمفردهم، معتبراً تقاعس المجتمع الدولي خيانة لأهل حلب وسورية والناجين والضحايا كلهم من عمليات الإبادة الجماعية كلها عبر التاريخ.
ونشرت الصحيفة رسماً كاريكاتورياً للفنان، نيكولا جينينغز، يظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد متوّجاً وسط بحر من الدماء والدمار في حلب.
Twitter Post
|
البوسنة ورواندا
ونشرت صحيفة "ذا تليغراف" البريطانية مقالاً، اليوم الأربعاء، بعنوان "نشاهد حلب تحترق أمام أعيننا. وكما حدث في البوسنة ورواندا، لا نفعل أي شيء"، وأعدّته الكاتبة، جولي لينارز.
وقالت لينارز إن المجتمع الدولي يتفرّج على حلب صامتاً، ويكرّر وعوده الكاذبة بعدم تكرار المجازر في العالم، كما فعل دائماً. وأشارت إلى الإعدامات الفورية التي تنفذها قوات النظام السوري بحق الأهالي، وتعرضهم لحالات الإخفاء القسري والاغتصاب.
وأضافت "شاهدنا ذلك سابقاً في حقول القتل في كمبوديا، وفي مدن الأشباح بكردستان العراق، التي سممت بالأسلحة الكيماوية، وفي رواندا، وحصار سراييفو وسربرنيتشا". واعتبرت أن "الأوان قد فات لأهل حلب وسيلحقون بتلك الأرواح القلقة في كمبوديا، ورواندا، والبوسنة في سلسلة طويلة من الضحايا الذين تخلى عنهم المجتمع الدولي".
طهران الرابح الحقيقي
كتب دايفد غاردنر مقالاً في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، بعنوان "طهران الرابح الحقيقي في معركة حلب"، أمس الثلاثاء.
وقال غاردنر إن "حلب الثائرة على وشك السقوط وسط بحر من الدماء والرعب، بسبب القصف فوقها، وحصار القرون الوسطى المحيط بها، لتدمير ما تبقى من آثار المقاومة".
وأضاف أن سقوط حلب يمثل انتصاراً لإيران في مستقبل المنطقة، مشيراً إلى أن "ما قام به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتعلق بسورية أو الشرق الأوسط، لكنه يتعلق بدور روسيا العالمي، وفي النهاية يتعلق بتحالف ندّ للولايات المتحدة".
ورأى أن دحر الثورة في حلب يمثل نصراً إيرانياً جديداً، إذ يؤسس لأرض متاخمة تابعة لها تمتد من حكومة الأغلبية الشيعية في بغداد، ثم إلى التحالف شبه العسكري الشيعي المدعوم من طهران في غرب منطقة الهجوم الذي تدعمه الولايات المتحدة في الموصل، وصولاً إلى الساحل السوري، ثم إلى بيروت حيث تمكن حزب الله من تنصيب حليف مسيحي له رئيساً للبنان، في إشارة إلى ميشال عون.
ستالينغراد سورية تسقط
نشرت مجلة "ذا نيويوركر" الأميركية، أمس الثلاثاء، مقالاً بعنوان "معركة حلب، ستالينغراد سورية، تنتهي"، للكاتبة روبين وايت.
واعتبرت وايت ما حصل نهاية المعركة في حلب بين "الحكومة الاستبدادية للرئيس بشار الأسد ومجموعات المعارضة غير المنظمة"، مشيرة إلى أن الدمار الذي حلّ بالمدينة مشابه لدمار مدينة ستالينغراد، خلال الحرب العالمية الثانية. ورأت أن ما يحصل في سورية "المأساة الإنسانية الأسوأ في القرن الواحد والعشرين".
وقالت إن سيطرة عائلة الأسد على حلب "نعمة" على روسيا التي تنظر إلى سورية باعتبارها حليفاً أساسياً في المنطقة، مشيرة إلى أن إيران و"حزب الله" ربحا أيضاً، على الرغم من التكلفة التي تكبداها.
وخلصت في نهاية مقالها إلى أنه في حال وجد أي نوع من السلام في سورية، فسيكون "هشّاً"، نظراً إلى العداوات السياسية، ويأس الشعب السوري.
(العربي الجديد)